الإثنين، 22 سبتمبر 2025

01:07 ص

صدمة في وادي السيليكون.. رسوم ترامب تربك شركات التكنولوجيا

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

في خطوة وُصفت بأنها الأكثر تشددًا تجاه الهجرة القانونية منذ بداية ولايته، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط لفرض رسوم ضخمة تصل إلى 100 ألف دولار على طلبات الحصول على تأشيرات العمل الشهيرة H-1B، التي تعد ركيزة أساسية لقطاع التكنولوجيا الأمريكي.

القرار الذي سيُطبق على المتقدمين الجدد اعتبارًا من دورة اليانصيب المقبلة – دون أن يشمل التجديدات أو الفائزين بقرعة عام 2025 – أحدث صدمة في كبريات شركات التكنولوجيا والتمويل، وأثار قلقًا واسعًا لدى الحكومات الأجنبية، خاصة في بلدان مثل الهند والصين، التي تمثل المصدر الأكبر للمهنيين الحاملين لهذه التأشيرات.

وبينما تروج إدارة ترامب للقرار باعتباره دفاعًا عن "العمال الأمريكيين"، تبدو المخاوف أعمق بكثير، إذ تجمع بين مخاطر اقتصادية على الشركات، وتداعيات إنسانية على الأسر، وتأثيرات سياسية في العلاقات الثنائية مع شركاء رئيسيين، ومع اقتراب موعد تطبيق القرار، تقف الشركات والحكومات والموظفون المهاجرون على أعتاب مرحلة جديدة من عدم اليقين قد تعيد رسم ملامح سوق العمل التكنولوجي العالمي.

استنفار شركات التكنولوجيا

أدى الإعلان إلى حالة ارتباك داخل الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات، حيث نصح فريق الهجرة في أمازون موظفيه الحاملين لتأشيرات H-1B وH-4 بالبقاء داخل الولايات المتحدة، وحث المقيمين في الخارج على العودة قبل دخول القرار حيز التنفيذ فجر 21 سبتمبر، بحسب CNBC.

وبالمثل، وزّع مكتب المحاماة التابع لـ JPMorgan Chase مذكرة داخلية طلب فيها من موظفيه من حاملي هذه التأشيرات الامتناع عن السفر الدولي مؤقتًا، فيما أصدرت Goldman Sachs تعليمات مشابهة بعد استشارة مكتب خدمات الهجرة “Fragomen”، أما مايكروسوفت، فقد دعت موظفيها إلى الحذر الشديد، مؤكدة أن أي سفر خارجي قد يُعرض أوضاعهم القانونية للخطر.

وتبرز حساسية القرار بالنظر إلى حجم الاعتماد على هذه التأشيرات؛ إذ تعتبر أمازون أكبر المستفيدين، حيث وظّفت أكثر من 14 ألف شخص عبر H-1B حتى يونيو الماضي، كما أن شركات مثل مايكروسوفت وMeta وApple وGoogle تقع ضمن قائمة أكبر عشر جهات مُصدرة لطلبات H-1B في السنة المالية 2025، وكل منها حصل على أكثر من 4,000 تأشيرة.

تبرير البيت الأبيض

من جانبها، دافعت إدارة ترامب عن القرار، حيث قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، تايلور روجرز: "وعد الرئيس ترامب بوضع العمال الأمريكيين أولًا، وهذا الإجراء المنطقي يحقق ذلك عن طريق تثبيط الشركات عن إغراق النظام وخفض الأجور".

وأضافت روجر، أن الرسوم الجديدة تهدف إلى "إعادة الانضباط" للنظام ومنح الشركات الجادة في استقدام مهارات عالية فرصة أكثر عدلًا، بينما تحد من سوء الاستخدام الذي عانى منه السوق لسنوات.

ردود فعل دولية وتحذيرات

لم يقتصر الجدل على الداخل الأمريكي، فقد سارعت وزارة الشؤون الخارجية الهندية إلى إعلان دراستها للتداعيات الاقتصادية والإنسانية للقرار، مشددة على أن الابتكار والتنافسية في التكنولوجيا يتطلبان تعاونًا متبادلًا بين البلدين، مؤكدة أن الإجراء سيؤدي على الأرجح إلى "اضطراب في أوضاع العائلات"، ودعت السلطات الأمريكية إلى معالجة هذه الاضطرابات بحساسية.

وفي كوريا الجنوبية، أصدرت وزارة الخارجية بيانًا أشارت فيه إلى أنها تُقيّم التداعيات المحتملة على شركاتها الكبرى التي تعتمد على العمالة الماهرة في الولايات المتحدة، محذرة من أن القرار قد يعطل استثمارات استراتيجية قائمة بالفعل.

انعكاسات اقتصادية محتملة

وتعتبر تأشيرات H-1B شريانًا حيويًا لقطاع التكنولوجيا والتمويل في الولايات المتحدة، حيث يستفيد منها سنويًا عشرات الآلاف من المهندسين والمبرمجين والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. 

ورأى محللون، أن فرض رسوم بقيمة 100 ألف دولار سيجعل الكثير من الشركات الناشئة والمتوسطة عاجزة عن استقدام المواهب، ما يضعف من قدرتها التنافسية أمام عمالقة التكنولوجيا العالمية، كما قد يتسبب القرار في زيادة تكاليف التشغيل بشكل مباشر على الشركات الكبرى، التي تعتمد على هذه التأشيرات لتغطية النقص في الكفاءات المحلية. 

ووفقًا لتقديرات أولية، فإن فاتورة استقدام المواهب قد ترتفع بمئات الملايين من الدولارات سنويًا، ما يُشكل عبئًا جديدًا في وقت تتصاعد فيه التحديات الاقتصادية العالمية.

يأتي هذا القرار في سياق حملة ترامب المستمرة لتقييد الهجرة القانونية وغير القانونية على حد سواء، متذرعًا بحماية سوق العمل الأمريكي، غير أن معارضين يرون أن الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية، إذ تهدد بعرقلة الابتكار في أكثر القطاعات حيوية، بينما تدفع الكفاءات العالمية إلى البحث عن بدائل في دول مثل كندا والمملكة المتحدة وأستراليا، التي تسعى إلى جذب نفس المواهب عبر سياسات أكثر انفتاحًا.

search