الإثنين، 22 سبتمبر 2025

10:54 م

اختار الورشة.. شنودة طفل كفيف يضفي لمسة إبداعية بالطرق على الحديد

لم تمنعه إعاقته من ممارسة حياته العادية، بل تغلب عليها وواصل عمله بتحدٍ وإرادة ليشعر بثمرة هذا الجهد. 

شنودة مؤمن، طفل كفيف يعمل في ورشة حدادة متواضعة مبنية من الحجارة، يصنع بطولته الخاصة، إذ يعتمد الآخرون على أبصارهم، ولكنه يعتمد على إحساسه الذي صقله بالإصرار، ليحول قطع الحديد الباردة إلى منحوتات صغيرة تروي قصة تحدٍ نادرة.

 مقطع فيديو قصير نشره أحد أصحاب هذه الورشة كان كفيلاً بأن يلقي الضوء على هذه الإرادة، محولا حياة شنودة إلى مصدر إلهام ومحط أنظار مصر كلها.

من الورشة إلى “التريند”.. البداية

لم يكن طريق" شنودة"، الطالب بالصف الأول الإعدادي، مفروشاً بالورود، فقد وُلد فاقداً للبصر، وهو الطفل الوحيد بين أشقائه الخمسة الذي حمل هذه الإعاقة، لكنها لم تجعله يستسلم، ففي الإجازة الصيفية، لم يختَر البقاء في المنزل، بل فضل العمل في ورشة حدادة مجاورة، وبدأت رحلته مع المعدن. 

يقول شنودة في تصريحات خاصة خلال بث مباشر لـ" تليجراف مصر": "كنت في الإجازة أجلس مع صاحب الورشة، فكان يحاول أن يساعدني ويطلب مني أن أقدم له بعض الحديد، وفي يوم طلب مني أن أعمل معه، وبدأت أتعلم حتى استطعت أن أساعد نفسي وأتقن فن صناعة العصافير الحديدية".

إرادة لا تعترف بالمستحيل

بلهجة واثقة تخلو من أي أثر للشفقة عليه، يوضح شنودة فلسفته البسيطة وقوته، قائلا: “العمل في الحديد ليس صعباً لكنه يحتاج إلى عزيمة، وأنا لا أعترف بالإعاقة خاصة أن لدى طموحاً كبيراً”، هذا الطموح لا يقف عند حدود الورشة؛ أحلم بأن أصبح مهندساً، وستظل الحدادة شغفي حتى بعد تحقيق أعلى الشهادات.

وأضاف، "أتمنى أن أكون مهندساً، وحتى لو حصلت على أعلى الشهادات سأظل أعمل بمهنة الحدادة، لأنني أحب هذه المهنة، ومن خلالها أُثبت لنفسي أن الإعاقة لا تستطيع أن تقف أمام أي إنسان له طموح".

توازن بين المطرقة والكتاب

يدير شنودة حياته بحالة من التوازن، فهو يعمل في الحدادة خلال الإجازات فقط، بينما يكرس وقته خلال الدراسة للاجتهاد في دروسه. 

وتايع: “والدي ووالدتي يشجعاني على العمل حتى لا أقف مكتوف الأيدي، وأحصل على رزقي، وأستطيع أن أنفق على نفسي من خلال عملي، ومساعدة أسرتي في البيت”.

سلامة أولاً: إبداع ضمن حدود آمنة

بداخل الورشة، يتحرك شنودة بحذر وحكمة، يبتعد تماماً عن الأدوات الخطيرة مثل "الصاروخ" والمنشار وأجهزة التقطيع، مكتفياً بالطرق على الحديد وتشكيله يدوياً، وصناعة رسومات بسيطة تضفي لمسة إبداعية على القطع التي يعمل عليها. 

رمز للتحدي والإصرار

أكدت والدة شنودة أن نجلها لا يواجه أي مشكلة في عمله رغم إعاقته البصرية، موضحة أن الله عوّضه بذكاء قوي وقدرة على التذكر، فهو لا ينسى أي شيء يضعه.

وأضافت، أن شنودة يعمل مع شقيقه وهي مطمئنة عليه، مشيرة إلى أنه يحب الاعتماد على نفسه ويصر على أن يحصل علي أمواله من تعبه الخاص، و أن عمله يقتصر على فترة الإجازة فقط، رغم أن الأسرة لا تبخل عليه بأي احتياجات، لكنه يفضل أن يشعر بقيمة ما يكسبه.

وتابعت: شنودة يمتلك دراجة يذهب بها إلى عمله، ويحفظ الطريق جيدا، خاصة أن مكان العمل قريب من المنزل،  مؤكدة فخرها به وأنها ستظل دائمًا داعمة له.

قال “كيرلس يعقوب “ أحد أصحاب الورشة ومصور الفيديو ”التريند” لشنودة: إن هدفه من تصويره أثناء العمل هو توصيل رسالة لكل من يقضي وقته جالسًا في المقاهي أو بالمنزل، بأن شنودة رغم إعاقته يحرص على العمل والكفاح.

وأضاف أن أكثر ما لفت انتباهه في التعليقات هو كثرة الدعوات الطيبة التي تلقاها شنودة من المتابعين، تقديرًا لإصراره وعزيمته. 

search