السبت، 27 سبتمبر 2025

01:35 ص

"فين موسى وحمزة؟".. أم تبحث عن أولادها منذ يونيو 2023

هبة وحمزة وموسى

هبة وحمزة وموسى

ليست كل الحكايات تُروى من على منصات المسارح أو على شاشات السنيما أو في صفحات الروايات؛ فبعضها يُكتب بالدموع والألم في الشوارع والإنترنت وفي مباني الحكومات على أرض الواقع، تمامًا كما يحدث مع هذه الأم التي تبحث عن صوت صغيرين غابا خلف أبواب مغلقة منذ أكثر من عامين. 

ففي قلب القاهرة، وتحديدًا من مدينة نصر، تصرخ هبة سمير "فين موسى وحمزة؟".. صرخة لا تهز جدران بيتها فقط، بل تُحرك في النفوس سؤالًا موجعًا عن معنى الأمومة، وعن أطفال قُطعت عنهم خيوط الحياة الطبيعية.

موسى وحمزة

تفاصيل القصة

تروي هبة في حديثها الخاص لـ"تليجراف مصر": "الخلاف حصل يوم 23 يونيو 2023، كنت لسة على زمته، حصلت مشادة وضرب، حاولت أسيب البيت فطلب لي النجدة وقال إني بخطف الأولاد".

وأضافت: "روحت القسم أعمل محضر، لقيته بيقول إني كمان ضربته، فحبسونا سوا من الجمعة بالليل لحد الأحد الفجر عشان نتعرض للنيابة، وقعدت في الحبس زي الحرامية عشان أثبت حقي".

باب مغلق وأولاد مخطوفين

خرجت هبة لتواجه مفاجأة أقسى: "رجعت البيت لاقيته مغير كالون الشقة، ومعرفتش أدخلها أخد الولاد (موسى 10سنوات وحمزة 12)، ومن ساعتها معرفتش أوصل لهم".

وتابعت: "بعدها رفعت قضايا حضانة وطلاق، وفي 25 ديسمبر 2023 اتحكم لي بطلاق للضرر، لكن أبوهم فضل متمسك بيهم بعيد عننا ومحدش عارف يوصلهم".

سنوات من الحرمان والعزلة

أصعب ما يوجع قلب أم، أن ترى مستقبل أولادها يُسلب أمام عينيها، فقالت هبة: "المدارس ابتدت بعت أسأل عن الأولاد لأنهم مبيحضروش.. لقيت إنهم ساقطوا سنة كاملة بسبب غيابهم عن الامتحانات وبعدها سقطوا السنة التانية، ودلوقتي داخلين على السنة التالتة وهما محبوسين في البيت، لا بينزلوا الشارع ولا بيشوفوا حد، وعمرهم بيضيع بدون تعليم".

وأضافت بصوت يملؤه القهر: "محرومة منهم من يونيو 2023، لا بشوفهم ولا بسمع صوتهم ولا حتى عارفة إنهم عايشين، ولا حصل لهم حاجة بعد الشر".

أحكام قضائية معلقة بلا تنفيذ

أكدت الأم: "عملت تنفيذات كتيرة جدًا، وعليه حكم بالحبس 6 شهور عن جنحة امتناع تسليم الصغير، وإحنا منتظرين يتمسك أو حد يشوف الأولاد وأقدر آخدهم، لكن مفيش ليه عنوان معلوم، وكل شوية بيغير المكان ويروح مكان مختلف".

قلوب على مواقع التواصل

حين أغلقت الطرق الرسمية، لجأت الأم إلى العالم الافتراضي: "كل ما أرفع صورهم على الفيسبوك عشان الناس تساعدني، الأب بيعمل بلاغات والصور بتتشال، اضطريت أعمل صور بالذكاء الاصطناعي علشان أقدر أنشر وأخلي الناس تشوف ملامحهم".

وتابعت بحرقة: "يعني هو بيحمي الأطفال اللي هو أصلًا مش حاميهم من نفسه؟ وخوفه من إني أشوفهم  مسيطر عليه لدرجة الجنون، وهنا أقصد الجنون حرفيًا، لأن مفيش شخص عاقل يتصرف بالشكل ده".

مفارقة قاسية.. “فاعل خير” على الورق فقط

الصدمة الأكبر بالنسبة لهبة، أن الأب يُظهر وجهًا آخر في العلن، فتقول زاعمة: "المُدهش إنه عامل جمعية خيرية، بيرعى فيها الأطفال والشباب المكفوفين.. وفي نفس الوقت حارم أولاده من أبسط حقوقهم في الحياة من التعليم والحرية وأمهم".

موسى

نداء أم يائس

لم تتوقف هبة عن المحاولة قائلة: "طبعت صور موسى وحمزة، ووزعتها في الشوارع أنا ومجموعة من الناس.. وبطلب من أي حد يشوفهم يدلني عليهم، حتى عملنا نقاط لاستلام الصور في مدينة نصر والتجمع الخامس عشان اللي يقدر يساعد".

حمزة

نداء إلى الداخلية والجهات المعنية

وسط كل هذه المعاناة، ترفع هبة صوتها بنداء مباشر إلى الدولة: "أنا بناشد وزارة الداخلية وكل الوزارات المعنية، مش عايزة غير ولادي، نفسي حد يساعدني وأقدر أشوفهم، وأطمن إنهم بخير، ومش محرومين من المدرسة ولا من الشارع".

واختتمت بكلمات تمزق القلب: "أي أم مكانى هتتمنى بس تبص في عيون ولادها وتشوفهم بخير، وانا محرومة منهم من سنين.. لا بشوفهم، ولا بسمع صوتهم.. مش عارفة حتى إذا كانوا لسه عايشين ولا حصّلهم حاجة بعد الشر، كل يوم بكتب وبسأل: فين موسى وحمزة؟".

search