الأربعاء، 01 أكتوبر 2025

07:33 م

صغير بلا أهل ورضيعة مجهولة.. حكايات إنسانية من غرف الرعاية بالمستشفيات

أطباء في أحد المستشفيات - أرشيفية

أطباء في أحد المستشفيات - أرشيفية

لا مكان للتمييز بين غني وفقير ولا فرق بين معروف ومجهول.. هكذا تتعامل المستشفيات الحكومية في مصر باعتبارها خط الدفاع عن صحة المواطن والمرضى.

“تليجراف مصر” تواصل إلقاء الضوء على حكايات "المشردين والمجهولين" في مستشفيات مصر، وهو الملف الذي فتحه مؤخرًا، كما ترصد حكايات مؤثرة من عمق غرف الطوارئ وأقسام العناية المركزة حيث الرعاية تسبق السؤال عن الاسم أو الهوية.

حسن.. مجهول بلا اسم تحول إلى قصة تحقيق وعدالة

في 12 أكتوبر 2023، استقبل مستشفى ناصر التخصصي بالقاهرة رجلًا مجهول الهوية فاقدًا للوعي، لم يحمل اسمًا ولا بطاقة، فاختار له الفريق الطبي اسم "حسن".

وبعد إجراء فحوص دقيقة له، تبيّن أنه مصاب بجلطات دماغية أدت إلى فقدان النطق وضعف بالجانب الأيمن. وعلى الفور، تم حجزه في العناية المركزة، ثم نُقِل إلى قسم الباطنة، ليتلقى رعاية كاملة استمرت شهورًا.

الأطباء والممرضون عاملوه كأحد أشقائهم، رغم أنه كان غريبًا عن الجميع، ورغم تحسن حالته ونقله إلى قسم الباطنة في 17 يناير الماضي، فإنه لا يزال محجوزا حتى الآن.

مرت الأيام والأسابيع حتى 4 يوليو 2025، حين حضر أشخاص أكدوا أنه يُدعى أيمن صبري السيد، وأنه متغيب منذ عامين، فتح الأمر باب الشبهات، وفق مصادر طبية أكدت أنها أبلغت النيابة، وأخذت عينة DNA للمريض بتاريخ 15 أكتوبر الماضي للتثبت من هويته.

ولا تزال القضية رهن التحقيق، لكن ما بقي ثابتًا أن المستشفى لم يتخل عن “حسن” أو “أيمن” يومًا، حتى وهو بلا اسم أو هوية.

يؤكد مصدر طبي لـ"تليجراف مصر" أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية من تحرير محضر وإبلاغ الجهات المعنية النيابة وقسم الشرطة بملف المريض كاملًا  كذلك تم مخاطبة وزارة التضامن الاجتماعي بمحافظة القاهرة برقه 734828، وتم تجديد الشكوى 7490563.

طفل بلا عائلة.. 220 يومًا من الرعاية انتهت بدار إيواء

في الإسكندرية، شهد مستشفى العجمي التخصصي قصة إنسانية مؤلمة، ففي 10 أبريل الماضي، استقبل طفلًا لا يتجاوز عمره بضعة أشهر، نقل من مستشفى الهانوفيل، يعاني من أعراض تسمم دموي، خضع لفحوصات عاجلة، وحُجز لأكثر من 7 أشهر.

وخلال تلك الفترة تلقى رعاية متواصلة حتى تعافى تمامًا، ووفقًا لمصادر طبية، فإن الأوراق تؤكد أن الطفل يحمل رقم طبي 210985113 وكان برفقة والده عندما تم استقباله، لكن المفارقة أن والديه لم يعودا لاستلامه، رغم اتصالات المستشفى المتكررة، تم تحرير محضر بالواقعة تحت رقم (9058).

وتمت إحالة الواقعة إلى النيابة العامة، التي قررت بدورها إيداع الطفل دار رعاية تابعة لوزارة التضامن في يوم 31 يوليو الماضي.

الرضيعة المجهولة.. ولادة في الظلام ونجاة بأعجوبة

في 11 يوليو 2024، دخلت سيدة تحمل طفلة حديثة الولادة إلى مستشفى الشيخ زايد، الطفلة وصلت في حالة توقف تنفسي، وزُرقة بالجسد، وهبوط حاد في ضربات القلب، وبعد فحص شامل، اكتشف الأطباء مأساة أخرى، حيث تبين وجود كسر في الجمجمة، ونزيف دماغي، وتهتك بالكبد، وتجمع دموي بالبطن، واستسقاء دماغي.

بدأت رحلة علاج طويلة للصغيرة بإنعاش قلبي رئوي، وأجهزة تنفس صناعي، وجراحات دقيقة، وتدخلت جمعية خيرية لتغطية تكاليف عملية عيون أجريت لها ةفي مستشفى المغربي، ورغم خطورة الحالة، قاومت المجهولة الصغيرة حتى غادرت المستشفى يوم 19 فبراير 2025 بعد شهور من كفاح الألم.

مشرد سعودي.. بلا هوية ولا مال.. لكنه لم يُرفض

لم تقتصر الرحمة على المصريين وحدهم، ففي 9 أغسطس الماضي، استقبل قسم الطوارئ بمستشفى حكومي في القاهرة رجلًا مسنًا يحمل الجنسية السعودية، عُثر عليه مشردًا في الشارع بحالة صحية حرجة تتمثل في  كسور بالساقين، وأنيميا حادة، وارتفاع في وظائف الكلى.

وفق مستندات دخوله المستشفى، فإنه في يوم 9 أغسطس 2025 أحضرت الشرطة المشرد إلى مستشفى القاهرة الجديدة التخصصي في تمام الساعة 1:15 ظهرًا، ورغم أنه كان بلا أوراق أو مال، تلقى علاجًا كاملًا بالمجان تضمن عمل إشاعات وتحاليل، وجبائر، ورعاية دقيقة، وبعد استقرار حالته، نُقِل إلى دار ضيافة بمدينة 6 أكتوبر، ليكمل رحلة العلاج بكرامة إنسانية.

هذه القصص تؤكد أن منظومة الصحة في مصر ليست مجرد أرقام أو أجهزة، فالأطباء والممرضون هم جنود الرحمة، الذين يثبتون يومًا بعد يوم أن مريض الطوارئ إنسان أولًا، بغض النظر عن اسمه أو أصله.

مستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة

في مستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة، وفي وزارة الصحة عمومًا، أصبحت الرعاية هي اللغة المشتركة بين طفل تُرك بلا أهل، ورضيعة ولدت في ظروف مأساوية، ورجل مسن مشرد لا يملك هوية.

search