الجمعة، 03 أكتوبر 2025

04:39 م

جفاف وإخلاء منازل.. هل يحمي السد العالي مصر من الفيضان؟

سد النهضة

سد النهضة

رغم تحذيرات مصر المستمرة من تصرفات إثيوبيا أحادية الجانب التي تصر عليها أديس أبابا بشأن بناء سد النهضة، فقد أثبتت هذه التحذيرات صحة التخوف من نتائح مواصلة هذه التصرفات؛ تمثلت جليا في فيضانات عارمة أغرقت السودان وتهدد الكثير من المناطق في مصر.  

تشهد مصر حالة من الاستنفار القصوى استعدادًا لمواجهة تداعيات فيضان النيل المتوقع خلال شهر أكتوبر، في ظل المخاوف المتصاعدة من تأثير سد النهضة على تدفق المياه والنظم المائية المحلية.

الحكومة تتخذ إجراءات استباقية لمواجهة الفيضان

أكد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، أن الحكومة أعدت خططًا استباقية لمواجهة تداعيات فيضان النيل المتوقع خلال الشهر الجاري. 

وأضاف - خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الإدارية الجديدة - أن التصريف المائي المتوقع سيتجاوز المعدلات المتوسطة، ما قد يؤدي إلى غمر بعض الأراضي المجاورة للنهر، لا سيما في محافظتي المنوفية والبحيرة.

وشدد على أن أراضي طرح النهر، التي تشهد تعديات من بعض المواطنين عبر زراعات موسمية أو إقامة “عشش”، هي جزء لا يتجزأ من المجرى المائي للنيل. 

وأكد أن الاستعدادات لمواجهة الفيضان بدأت منذ فترة طويلة، مع تركيز الجهود الحكومية على حماية المواطنين والحفاظ على البنية التحتية وضمان سلامة النهر كمورد حيوي.

كما أشار إلى إصدار إنذارات للمحافظين للتعامل مع أي تعديات على أراضي طرح النهر، مؤكدين أن أي أنشطة غير قانونية في هذه المناطق قد تتسبب في شكاوى رسمية نتيجة الغمر المتوقع بالمياه.

المياه تتدفق باتجاه السد العالي

أعلنت هيئة الاستعلامات المصرية استمرار تدفق مياه النيل باتجاه السد العالي في أسوان، مشيرة إلى أن السد حجز حتى الآن 15 مليار متر مكعب من المياه مع استمرار تدفقها من الجنوب. 

ووصفت الهيئة السد بأنه "حصن من حصون الأمان للمصريين"، مشيرة إلى دوره التاريخي منذ عهد الزعيم جمال عبد الناصر في حماية البلاد من فيضانات النيل، وتنظيم الدورة الزراعية وإنتاج الكهرباء.

ارتفاع إنتاج كهرباء السد العالي

وكشف مسؤول حكومي عن ارتفاع إنتاج السد العالي من الكهرباء ليصل إلى 100% من طاقته القصوى، مدفوعًا بزيادة كميات المياه والأمطار القادمة من السودان.

ووفقًا لـ"الشرق بلومبرج"، فقد أوضح المسؤول أن إنتاج السد قفز إلى 2100 ميغاواط، وهي السعة القصوى للتوليد، لأول مرة منذ العام الماضي، مشيرًا إلى أن زيادة التدفقات المائية رفعت الإنتاج بنحو 10% ضمن خطة حكومية لتعزيز قدرة السد إلى 2400 ميغاواط.

وأكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن السد العالي يستقبل الفيضانات القادمة من السودان وسد النهضة الإثيوبي، نافياً صحة ما يُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن فتح مفيض توشكى حتى الآن. 

وأوضح أن المفيض التوشكى هو منخفض طبيعي غرب بحيرة ناصر لتصريف المياه الزائدة خلف السد، وأن السد العالي يعمل بكفاءة لاستقبال الفيضانات وتمرير المياه للاستخدامات اليومية عبر التوربينات.

وأشار شراقي إلى أن الاستعدادات السنوية في السد العالي تصل إلى ذروتها مع بداية السنة المائية في أول أغسطس، إلا أن هذا العام شهد تأخيرًا بسبب احتجاز مياه سد النهضة حتى امتلاء بحيرته، مشيرًا إلى أن الفيضان بدأ الوصول منذ أول سبتمبر بعد فتح أكبر بوابات السدود السودانية ثم سد النهضة في 9 سبتمبر.

 

تأثير على مصر والسودان

أكد شراقي أن سد النهضة الإثيوبي هو المسؤول الرئيسي عن الفيضانات الأخيرة في السودان، مع حدوث فيضان غير مسبوق في نهاية سبتمبر وأوائل أكتوبر، وهي فترة نهاية الموسم وبتراجع معدل الأمطار. 

وأوضح أن معدل الأمطار في النيل الأزرق عند سد النهضة يبلغ حوالي 300 مليون متر مكعب في اليوم، بينما بلغ المنصرف الأسبوع الماضي 750 مليون متر مكعب، ما يعني أن 450 مليون متر مكعب تأتي من مخزون سد النهضة.

وأشار إلى أن إثيوبيا اضطرت لفتح أربع بوابات طوارئ لتصريف المياه الزائدة بسبب امتلاء بحيرة السد، وأن التوربينات لم تعمل طوال العام، مما أدى إلى تراكم المياه في البحيرة وارتفاع المناسيب في النيل الأزرق والنيل الرئيسي وامتلاء سد الروصيرص. 

وأكد شراقي أن إثيوبيا استجابت مؤخرًا لتخفيض المنصرف إلى أقل من 400 مليون متر مكعب، مشيرًا إلى أن الأيام القادمة ستشهد مرور كمية المياه التي لا تستطيع إثيوبيا منعها.

كارثة محتملة في حال الجفاف

في تصريحات لاحقة، قال وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الدكتور بدر عبدالعاطي، إن عدم التنسيق بشأن سد النهضة أدى إلى الفيضانات المروعة في السودان مؤخرًا، متهمًا إثيوبيا بانتهاك القانون الدولي بشكل صارخ. 

وأوضح أن التفاوض مع إثيوبيا وصل إلى طريق مسدود، مؤكدًا أن الخطر الأكبر يتمثل في حدوث جفاف ممتد قد يستمر لخمس سنوات، وهو ما يحدث مرة كل 50 سنة.

وأضاف عبدالعاطي أن الجفاف سيكون له أضرار كارثية على مصر والسودان، لا سيما أن نهر النيل ليس مجرى مائيًا محليًا يخضع لسلطة دولة واحدة، بل نهر دولي يخضع للقوانين الدولية.

search