الأربعاء، 15 أكتوبر 2025

04:44 ص

خبراء يفتشون في رأس ترامب عن "أجندة سياسية جديدة" للشرق الأوسط بعد قمة شرم الشيخ

ترامب يحمل وثيقة وقف الحرب على غزة خلال قمة شرم الشيخ للسلام

ترامب يحمل وثيقة وقف الحرب على غزة خلال قمة شرم الشيخ للسلام

"اليوم فجر تاريخي للشرق الأوسط"، عبارة قالها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال توقيع اتفاقية وقف الحرب على غزة في قمة شرم الشيخ للسلام، التي تعكس أبرز أولويات الإدارة الأمريكية في المنطقة بالوقت الحالي، رغم أن إسرائيل كانت على قائمة الأولويات ولكن تغيرت حسابات أمريكا لتصب في صالح الاستقرار بالشرق الأوسط.

وعقب انتهاء أعمال قمة السلام، بدأ سؤال مهم يلوح في الأفق: هل تغيّرت باقي أولويات واشنطن نحو ملفات الشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل وإيران والقواعد العسكرية وتطبيع الدول العربية مع تل أبيب؟

اتفاق غزة نتاج تغيّر أولويات أمريكا

خبير العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، قال إن اتفاق غزة لم يأتِ ليحدث تحولًا في الأولويات الأمريكية، بل هو نتاج مباشر لتغيّر هذه الأولويات بالفعل، مشيرًا إلى أن ما حدث خلال العامين الماضيين وعلى وجه الخصوص تحييد الجبهتين اللبنانية والسورية، وتراجع خطر إيران بعد حرب الـ12 يومًا دفع الولايات المتحدة لإعادة تقييم موقفها بالكامل.

وأضاف سمير لـ"تليجراف مصر": هناك سؤال يطرح نفسه، لماذا قررت أمريكا التدخل بقوة لإنهاء حرب غزة؟ مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لديها أولويات أخرى أهم حاليًا كالصين التي تمثل التحدي الأكبر لها على المدى الطويل، وأوروبا الشرقية، وروسيا التي لا تزال مسرحًا لنزاع مفتوح.

توقيع اتفاق غزة في قمة السلام بمدينة شرم الشيخ

انسحاب عسكري تدريجي من الشرق الأوسط

وأوضح خبير العلاقات الدولية أن واشنطن تميل إلى التحلُّل من بعض مسؤولياتها المباشرة في المنطقة لكن هذا لن يعني “انسحابًا كاملًا”، فالولايات المتحدة باتت تعتقد أنها قادرة على تأمين مصالحها عبر الاتفاقات والشراكات والتحالفات فقط دون التواجد العسكري المباشر.

وأضاف أن الاستراتيجية الجديدة التي تعمل عليها واشنطن حاليًا تُشرف عليها وزارة الحرب الأمريكية، وهي إطار أمني إقليمي جديد يمتد من أفغانستان وباكستان شرقًا حتى المغرب غربًا، وهي إعادة تعريف الاحتياجات الأمنية للدول بعد انتهاء حرب غزة، ونقل منظومات عسكرية مثل “باتريوت وساد” المنتشرة في الخليج وإسرائيل، وتقليص أعداد الجنود الأمريكان من 42 ألف جندي إلى ما بين 5,000 و10,000 جندي في الشرق الأوسط.

مبدأ الحديقة الخلفية

ووفق سمير، تعمل واشنطن على إحياء مبدأ “الحديقة الخلفية” الذي يعني حماية محيطها القريب عبر الدفاع من الداخل لا من الخارج، بالتالي تعمل على بناء منصات الدفاع المتقدمة حول البر الأمريكي، حيث تركز الآن على الجبهة الجنوبية لها وهي أمريكا الجنوبية ومنطقة الكاريبي.

 خبير العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير

ترامب راعي السلام في العالم

فيما قال الباحث في الشؤون الإقليمية، محمد فوزي، إن الأولوية الحالية بالنسبة للإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، من خلال تحليل خطاب ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي، تشير إلى أن ترامب يركز على تصدير صورة "راعي السلام في العالم" على عكس الإدارات الأمريكية السابقة، خاصة إدارة بايدن، وهو ما برز من خلال احتفائه الكبير بقرار وقف إطلاق النار في غزة، وإرساله إشارات متعددة تتعلق بالتصعيد في باكستان وأفغانستان وغيرها من القضايا.

وأكد فوزي لـ"تليجراف مصر"، أن الإدارة الأمريكية لن تتراجع عن خطط توسيع الاتفاقات الإبراهيمية أو عن فكرة دمج إسرائيل في المنطقة، مشيرًا إلى أن الإدارة تعيد فقط ترتيب أولوياتها بحيث تكون الأولوية لإنهاء الحرب في غزة وتثبيت الاستقرار الإقليمي، ثم تهيئة المنطقة لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية والشروع في خطوات عملية لتنفيذ ذلك.

ترامب خلال توقيع الاتفاقات الإبراهيمية

وأشار إلى أن خطاب الإدارة الأمريكية بشأن ملف التطبيع لم يتغيّر، فترامب وإدارته منذ اليوم الأول لوصوله إلى الحكم حرصًا على تأكيد السعي لتوسيع مظلة الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل دولًا جديدة، مضيفًا أن الحرب في غزة وما تبعها من تداعيات إقليمية شكّلت أحد التحديات التي واجهت هذا المسعى، لكن ذلك لا يعني تغير الخطاب أو تبدل الأولويات، بل هو سعي لإعادة ترتيب البيت الإقليمي بما يضمن استمرار هذا المشروع.

الباحث في الشؤون الإقليمية، محمد فوزي

 تثبيت وقف إطلاق النار

وأوضح فوزي أن الإدارة الأمريكية تركز في هذا الإطار على سوريا والسعودية ولبنان، رغم تفاوت الأولويات ومقبولية هذه السيناريوهات من دولة إلى أخرى، مؤكدًا أن الهدف الأساسي حاليًا هو تثبيت وقف إطلاق النار وتهيئة البيئة الإقليمية ودعم الاستقرار العام تمهيدًا لتوسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية.

وتابع: شروط الدول المستهدفة بالتطبيع ومدى قبول الإدارة الأمريكية بها، فضلًا عن موقف إسرائيل نفسه، ستظل العوامل الحاسمة في رسم مسار التطبيع وتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية في الفترات المقبلة.

استثمار نتيجة دبلوماسية مع إيران

من جانبه، قال خبير الشؤون الإيرانية، الدكتور محسن أبو النور، إن أمريكا ستتخذ من اتفاق شرم الشيخ فرصةً سياسية لاستثمار نتائجها دبلوماسيًا في إيران، كما أن وقف الحرب على غزة يمنح الإدارة الأمريكية فرصة لتسويق إنجاز دبلوماسي من خلالها وتستخدم الزخم نفسه للضغط طهران أو لفتح قناة تفاوضية جديدة، ولعل هذا بالضبط ما دفع طهران لعدم حضور قمة شرم الشيخ.

وأضاف أبو النور لـ"تليجراف مصر"، أن هناك رغبة مشروطة من جانب واشنطن للتوصل إلى اتفاق جديد يحقق انتصارًا دبلوماسيًا، بدليل أن أمريكا دعت إيران لحضور قمة السلام بشرم الشيخ، لكن هذه الرغبة مشروطة بقبول إيران لشروط أو آليات، وإذا رفضت إيران ذلك فسترجح سياسة الاحتواء والضغط.

خبير الشؤون الإيرانية، الدكتور محسن أبو النور

تجميد البرنامج النووي الإيراني

وأوضح أن هناك أدلة ميدانية تشير إلى أن واشنطن تفضل التوصل إلى اتفاق قابل للتصديق إعلاميًا وسياسيًا، إذ يرى البيت الأبيض في التوصل لصفقة إنجازًا سياسيًا يمكن استثماره، لكن واشنطن في الوقت نفسه تبقي ورقة الاحتواء أو الضغط جاهزة إن لم تتحقق الشروط.

وفيما يتعلق باحتمالية أن تتجه واشنطن إلى “تجميد” البرنامج النووي الإيراني أو العمل على تغييره جذريًا، قال أبو النور، إن الغرب عممومًا يميل إلى تقييد أو تجميد أنشطة معينة خاصة بتخصيب اليورانيوم عالي المستوى وتقليص المخزون القابل للتخصيب السريع فوق 60%، لكن بعض الجهات الإقليمية والدوائر في واشنطن تسعى إلى فرض قيود أوسع تشمل تجميد البرنامج الصاروخي الباليستي وبرنامج طهران للطائرات المسيّرة.

البرنامج النووي الإيراني

الحديث عن شرق أوسط مختلف لا يزال سابقًا لأوانه

فيما قال خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، إن الحديث عن شرق أوسط مختلف لا يزال أمرًا سابقًا لأوانه، موضحًا أن ما يقوم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو محاولة لفتح آفاق جديدة، غير أن فكرة تغيّر الشرق الأوسط بهذه السرعة تبقى صعبة للغاية.

وأوضح في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن الوضع الحالي لا يزال معقدًا، حيث ترفض حركة “حماس” والفصائل الفلسطينية في غزة التخلي عن السلاح أو الانسحاب من المشهد السياسي، في الوقت الذي تقصي خطة ترامب “حماس” تمامًا من المشهد، وتصر على نزع سلاحها.

 الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة

مطلبان يجعلان إسرائيل تستأنف الحرب

واعتبر عكاشة أنه من المبكر الحكم على خطوة تبادل الرهائن الأخيرة، إذ يمكن النظر إليها باعتبارها خطوة قد تؤدي إلى سلام دائم، لكنها في الوقت ذاته قد تكون مجرد مرحلة تهدئة ولو لأسبوعين أو ثلاثة تقود لاحقًا إلى أزمات أكبر، نتيجة للاستحقاقين المهمين المتمثلين في نزع سلاح “حماس” وإخراجها من قطاع غزة، وهما أمران ليسا من السهل تنفيذهما بالنسبة للرئيس ترامب.

وأشار خبير الشؤون الإسرائيلية إلى أن التعهُّد الذي قدمه ترامب لإسرائيل حال عدم تجاوب “حماس” مع المطالب الأمريكية، يسمح لإسرائيل باستئناف الحرب مجددًا، مؤكدًا أن المنطقة تواجه وضعًا شديد التعقيد، وأنه ليس متفائلًا كثيرًا بإمكانية التوصل إلى تسوية شاملة، بل قد يقود الأمر إلى جولة جديدة من الحرب.

حركة حماس

الفروقات الجوهرية بين إدارة ترامب وبايدن

فيما أشار خبير العلاقات الدولية، الدكتور طارق البرديسي، إلى أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع ملفات الشرق الأوسط انطلاقًا من مصالحها، لكن في هذا الظرف من الصراعات الإقليمية فهي تتجه إلى التهدئة في المنطقة.

وقال البرديسي لـ"تليجراف مصر"، إن الفروقات الجوهرية بين إدارة ترامب وبايدن في التعامل مع المنطقة، تتلخص في أن إدارة بايدن كانت تتحلى باللياقة والتحلي بالثوابت الأمريكية كحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي والعمل الدبلوماسي متعدد الأطراف، لكن إدارة ترامب لا تهتم ولا تتقيد بأي بروتوكولات سياسية أو نسق استراتيجي وغير عابئة ولا ملتزمة بكل ذلك.

الرئيسان بايدن وترامب

وأكد أن شكل الشراكة التي تريدها أمريكا من دول المنطقة هو التعاون الأمني والاستثمار الاقتصادي والتحالف السياسي لأن ذلك يلبي طموحاتها ويصب في صالحها، مضيفًا أن أي تنافس بين الحزبين الأمريكيين “الجمهوري والديمقراطي” لا يغيّر مصالح الولايات المتحدة تجاه المنطقة والتي تعتبر ثابتة.

 خبير العلاقات الدولية، الدكتور طارق البرديسي

اقرأ أيضًا:

لماذا يبدأ ترامب جولته بـ"الكنيست" قبل شرم الشيخ؟.. محللون يكشفون خطة واشنطن

بايدن يشيد بـ ترامب بعد توقيع اتفاق شرم الشيخ.. ماذا قال؟

شرق أوسط خالٍ من النزاعات.. تفاصيل قمة شرم الشيخ للسلام

search