المقاعد تُمنح لا تُنتخب.. كيف أعادت "القائمة الوطنية" تشكيل الخريطة البرلمانية؟

“القائمة الوطنية من أجل مصر”.. برز اسم ذلك الكيان الكبير الذي يجمع تحت مظلته 12 حزبًا سياسيًا تستعد لخوض انتخابات مجلس النواب، بعد أن تمكنت من الفوز بانتخابات مجلس الشيوخ الماضية، لكن دون منافس، ما يجعل مرشحيها يضمنون أماكنهم في البرلمان المقبل، وسط حالة كبيرة من الجدل حول تأثير القائمة الوطنية (السلبيات والإيجابيات) على مستقبل الحياة النيابية في مصر.

القائمة الوطنية من أجل مصر

يخوض 12 حزبًا سياسيًا بجانب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، الانتخابات البرلمانية المقبلة 2025 وهي: مستقبل وطن، حماة الوطن، الجبهة الوطنية، المصري الديمقراطي الاجتماعي، الشعب الجمهوري، الإصلاح والتنمية، العدل، الوفد، التجمع، إرادة الجيل، الحرية المصري، والمؤتمر.

استبعاد القوائم المنافسة للقائمة الوطنية

وقبل أيام من إعلان القوائم النهائية لانتخابات مجلس النواب، أثار استبعاد 3 قوائم بشكل مبدئي من الترشح على "مقاعد القائمة المغلقة المطلقة" جدلاً داخل الوسط السياسي رغم مزاعم أنها تستوفي جميع الشروط.

الهيئة الوطنية للانتخابات، أعلنت القائمة المبدئية للقوائم المغلقة المطلقة وتضمنت فقط قبول “القائمة الوطنية من أجل مصر”، مع استبعاد قائمة “حزب الجيل” التي ترشحت عن قطاعي شرق وغرب الدلتا، و"القائمة الشعبية صوتك لمصر"، و"قائمة نداء مصر" عن قطاع غرب الدلتا لأنها لم تستوفي الشروط القانونية والإجرائية التي وضعتها الهيئة.

اتهامات بإزاحة القوائم المنافسة

أبدى رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، دهشته لاستبعاد قائمة حزبه من الترشح، مفسرًا ذلك بأن الهدف منه أن تبقى القائمة الوطنية دون منافس في الانتخابات، خاصة وأن قائمة الجيل تستوفي جميع شروط الترشح، وتساءل لماذا هذا الإصرار الغريب على أن تكون الانتخابات بالتزكية لصالح القائمة الوطنية فقط؟، ولمصلحة من تقصى قائمة الجيل أو أي قائمة أخرى تستوفي كل الشروط؟، أليس من حق الشعب أن يختار بين أكثر من قائمة؟.

صرح ناجى الشهابي، الممثل القانوني لقائمة الجيل، أن ما قامت به لجنتا الفحص في محكمتي الإسكندرية والزقازيق من استبعاد قائمة الجيل في قطاعي غرب وشرق الدلتا يعد إجراءً باطلاً ومخالفاً للقانون والمنطق والعدالة الانتخابية، خاصة وأن قائمة الجيل قد استوفت جميع المستندات المطلوبة لكل المرشحين دون استثناء.

غياب تكافؤ الفرص

وأضاف رئيس حزب الجيل: “الدستور نص على أن الهيئة الوطنية للانتخابات هيئة مستقلة، كنا نتمنى أن نراها تحقق مبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة السياسية الشريفة”.

وأشار الشهابي إلى أن قائمة الجيل أثبتت أمام محكمة القضاء الإداري بالزقازيق وجود عبث وتلاعب في مستندات مرشحيها الذين استبعدت القائمة بسببهم، موضحاً أن المحكمة طلبت من ممثل قضايا الدولة إحضار ملفات هؤلاء المرشحين، وفوجئت المحكمة بصحة ما أكده الممثل القانوني للقائمة، إذ تبين أن كل الملفات منقوصة من مستندات تتراوح بين مستندين إلى ثلاثة، رغم أن إيصالات لجنة الفحص الموقعة تثبت تسليمها كاملة.

واختتم ناجي الشهابي تصريحه بالتأكيد على أن هذا المشهد كشف بوضوح أمام المحكمة الموقرة وجود تلاعب متعمد وإخفاء لبعض المستندات، وهو ما يمثل مساساً خطيراً بنزاهة العملية الانتخابية وحياد الجهات القائمة عليها.

تأثير القائمة الوطنية على الحياة السياسية 

وفيما يتعلق بتأثير القائمة الوطنية على الحياة السياسية وانتخابات برلمان 2025، يقول أستاذ القانون الدستوري وعضو مجلس النواب السابق، الدكتور عبدالله المغازي، إن القائمة الوطنية تضم أحزاب سياسية كبيرة وأسماء كبرى، منهم وزرء سابقين ونواب سابقين وحاليين ويمتلكوت خبرات كبيرة يمكن أن تحقق استفادة كبيرة للحياة النيابية.

8 وزراء ضمن القائمة الوطنية من أجل مصر

وتضمنت الأسماء التي دفعت بها القائمة الوطنية، 8 وزراء سابقين، هم وزير الإسكان السابق، رئيس حزب الجبهة الوطنية، عاصم الجزار، ووزير الزراعة السابق، وأمين عام حزب الجبهة، السيد القصير، ووزير الطيران المدني السابق، رئيس حزب حماة الوطن، محمد عباس حلمي، ووزير البترول السابق، طارق الملا، ووزير الشؤون النيابية السابق، علاء فؤاد، ووزير التنمية المحلية الأسبق، محمود شعراوي، ووزير الصحة السابق، أشرف حاتم، ووزير القوى العاملة السابق، محمد سعفان.

وأوضح أستاذ القانون الدستوري،  في تصريحات لـ“تليجراف مصر”، أن القائمة أكثر من يسيطر عليها رجال الأعمال لكن يتم تعويض ذلك بوجود الخبرات، التي ستحقق التوازن، متابعا: “كنا نأمل في وجود أصحاب خبرات في القانون والتشريعات، ونأمل أن يكون مجلس النواب المقبل أفضل من سابقيه”.

وفيما يتعلق باستبعاد القوائم المنافسة للقائمة الوطنية من أجل مصر، أشار الدكتور عبدالله المغازي، إلى أن الحسم النهائي للقوائم المرشحة لم يحسم بعد، حيث أُعلنت القوائم المبدئية وليست النهائية، وأن الأمر ما زال أمام المحكمة الإدارية العليا، متابعا: “نأمل أن يكون هناك تنافس وهذا بكل تأكيد في مصلحة المواطن”.

النظام الانتخابي

وبشأن الحديث عن النظام الانتخابي يقول عضو مجلس النواب السابق، “في الحوار الوطني كنا نأمل أن يصبح هناك تنوع في نظام القائمة، ليصبح نسبي بجانب المغلقة المطلقة، على أن تقسم  40% فردي و 40% قائمة مغلقة لأن التمثيل المتنوع يحتاج قائمة مغلقة مطلقة، و20%  المتبقية تكون تمثيل نسبي لتمكن الأحزاب السياسية خاصة الصغيرة من التواجد بما يسمح بوجود تنوع قوي وتمثيل أفضل لأصوات الناخبين من خلال فكرة التمثيل النسبي، لكن البرلمان الحالي لم يوافق على الفكرة للتنوع”.

القائمة المعينة ونواب المليارات

من جانبه قال القيادي بالحركة المدنية مجدي حمدان، وصف القائمة الوطنية بالـ “القائمة المعينة” استنادًا إلى أنه تم محاجبة كل القوائم المنافسة _ حسب قوله، مضيفًا: "من الأفضل اقتراح بيع بعض كراسي المجلس للمرشحين بدلًا من دفعهم للأحزاب للدفع بهم على مقاعد القائمة، تحت غطاء التبرعات ونطلع عليهم "نواب المليارات".

تأثير القائمة الوطنية على الشارع

قيادب الحركة المدنية يضيف في تصريحات لـ“تليجراف مصر”، القائمة الوطنية من أجل مصر أفسدت الحياة السياسية ودمرت مضمون معنى الاستحقاق الانتتخابي وجردته من كل معانية، كون المرشحين يضمنون مقاعدهم في المجلس القادم، وبالتالي سيمتنع المواطن عن التصويت بادعاء أن المرشح مضمون نجاحه دون الحاجة إلى تصويت بالإضافة إلى تراجع قناعاته بالعملية الانتخابية.

الترشح على القائمة لمن يدفع أكثر 

وأشار مجدي حمدان في تصريحاته لـ"تليجراف مصر"، إلى الاستقالات الحزبية الأخيرة والخلافات بسبب التناحر حول الترشح على مقاعد القائمة الوطنية، لأنها تضمن فوز المرشح لغياب المنافسين وأن رؤساء الأحزاب يستبعدون أبناء الحزب نفسه، من أجل مرشح خارجي يدفع قيمة أعلى، مضيفًا: “استبعاد القوائم الأخرى وإن كانت ضعيفة يقضي على المنافسة التي بدونها لا توجد عملية انتخابية”.

وأكد قيادي الجبهة الوطنية، أن القائمة الوطنية، لا تفرز شخصيات سياسية لكنها عبارة عن رجال أعمال وأصحاب مصالح، وهذا يتعارض تمامًا مع التمثيل النيابي الحقيقي، الذي دوره الحقيق هو الدفاع عن مصالح الشعب والتعبير عن المواطنين.

اقرأ أيضًا: 

انتخابات النواب 2025، أزمة كامنة داخل الأحزاب بعد استبعاد عشرات المرشحين

8 وزراء سابقين يعودون للساحة عبر البرلمان في “القائمة الوطنية”