الخميس، 30 أكتوبر 2025

12:19 ص

عمليات إِبادةونزوح مليون مدني.. ماذا يحدث في الفاشر؟

مركبات وجثث محترقة في الفاشر

مركبات وجثث محترقة في الفاشر

تتوالى التقارير عن عمليات قتل جماعي بدوافع عرقية وفظائع أخرى ترتكب في مدينة الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة الواقعة في منطقة دارفور بغرب السودان قبل يومين.

وفقا لتقرير صحيفة الجارديان البريطانية، فقد أظهر مقطع فيديو نشره ناشطون محليون مسلحا يقوم بإعدام المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وهو يطلق النار على مجموعة من المدنيين العزل يجلسون على الأرض من مسافة قريبة.

وأظهرت لقطاتٌ مختلفةٌ نشرها ناشطون عشرات الجثث ملقاة على الأرض بجانب مركباتٍ محترقة.

 الدعم السريع تقتل أكثر من 2000 مدني أعزل في الفاشر

وفي بيان لها الثلاثاء، اتهمت القوات المشتركة - المتحالفة مع الجيش السوداني - قوات الدعم السريع بإعدام أكثر من ألفي مدني أعزل في الأيام الأخيرة.

وقال مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، الذي كان يراقب الحرب في السودان باستخدام معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر وصور الأقمار الصناعية، إنه وجد أدلة تتفق مع عمليات القتل الجماعي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع.

وأفاد مختبر جامعة ييل، اليوم الثلاثاء بأن المدينة "تشهد على ما يبدو عملية تطهير عرقي ممنهجة ومتعمدة لمجتمعات الفور والزغاوة والبرتي الأصلية غير العربية، من خلال التهجير القسري والإعدام بإجراءات موجزة"، مضيفا أن ذلك شمل ما يبدو أنه "عمليات تطهير من منزل إلى منزل" في المدينة.

وقال ناثانيال ريموند، المدير التنفيذي لمختبر جامعة ييل، إن أدلة الأقمار الصناعية أظهرت وجود جثث على الأرض وتغيرًا في لونها إلى الأحمر.

وقارن مستوى العنف في المدينة بالساعات الأربع والعشرين الأولى من الإبادة الجماعية في رواندا.

وقال: "ما زلنا في بداية موجة العنف، لم أرَ قطّ مستوى من العنف ضدّ منطقة كالذي نشهده الآن، هذا لا يُقارن إلا بجريمة قتل على الطريقة الرواندية في الساعات الأربع والعشرين الأولى".

وقالت قوات الدعم السريع يوم الأحد إنها سيطرت على القاعدة الرئيسية للجيش في المدينة وأصدرت بيانا قالت فيه إنها "بسطت سيطرتها على مدينة الفاشر من قبضة المرتزقة والميليشيات"، حسب قولها.

وتصاعدت المخاوف خلال الأسابيع الأخيرة بشأن سلامة عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين في المدينة بسبب حصار قوات الدعم السريع الذي استمر 18 شهرا.

 آلاف المدنيين عالقين في الفاشر

الأمم المتحدة: فرار مليون شخص من الفاشر 

وقال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، يوم الاثنين، إن هناك خطرًا متزايدًا من "انتهاكات وفظائع بدوافع عرقية" في الفاشر. 

وأشار مكتبه إنه "يتلقى تقارير مقلقة متعددة تفيد بأن قوات الدعم السريع ترتكب فظائع، بما في ذلك إعدامات بإجراءات موجزة".

وأكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن هناك تقارير عن "إعدامات بإجراءات موجزة لمدنيين حاولوا الفرار، مع وجود مؤشرات على دوافع عرقية للقتل"، فضلاً عن مقاطع فيديو تُظهر "عشرات الرجال العزل يُطلق عليهم الرصاص أو يرقدون قتلى، محاطين بمقاتلي قوات الدعم السريع، متهمين إياهم بأنهم جنود للجيش السوداني.

ولم تتمكن وكالات الأنباء من الاتصال بالمدنيين في المدينة، حيث تقول نقابة الصحفيين السودانيين إن الاتصالات، بما في ذلك شبكات الأقمار الصناعية، انقطعت بسبب التعتيم الإعلامي.

كما اتهمت شاينا لويس، المتخصصة في شؤون السودان في منظمة "منع وإنهاء الفظائع الجماعية"، في دارفور ، قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر بحق المدنيين.

 وقالت: "يعلم سكان الفاشر الذين غادروا المدينة سابقًا بمقتل أحبائهم من خلال مقاطع فيديو لعمليات الإعدام المنتشرة على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي".

وتوجد مخاوف جدية من تكرار مجازر قوات الدعم السريع التي ارتكبتها في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، بعد سيطرتها على المدينة في عام 2023، عندما قُتل ما يصل إلى 15 ألف مدني - معظمهم من مجموعات غير عربية.

وفقًا للأمم المتحدة، فرّ أكثر من مليون شخص من الفاشر منذ بداية الحرب، ولا يزال حوالي 260 ألف مدني، نصفهم من الأطفال، عالقين دون أي مساعدة، وقد لجأ كثيرون منهم إلى أكل علف الماشية.

وقالت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 26 ألف شخص فروا من القتال في الفاشر منذ يوم الأحد، إما بحثا عن الأمان في ضواحي المدينة أو متجهين إلى طويلة على بعد 45 ميلا إلى الغرب.

في مدينة طويلة، أفادت فرق منظمة أطباء بلا حدود بأنها تواجه تدفقًا هائلًا للجرحى القادمين من الفاشر إلى مستشفى المدينة. ومنذ مساء الأحد، نُقل 130 جريحا إلى المستشفى، منهم 15 في حالة حرجة، وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود.

وقال أرجان هيهنكامب، مسؤول أزمة دارفور في لجنة الإنقاذ الدولية، إن المدينة، التي كانت تستضيف بالفعل عددًا كبيرًا من النازحين، "على حافة الانهيار، وبدون زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية، ستتفاقم المعاناة هنا".

ووصفت إيمي محمود، من شبكة نازحي دارفور، الأزمة بأنها "المرحلة الأخيرة من الإبادة الجماعية في دارفور. شاهدتُ مقاطع فيديو لخنادق وخنادق مليئة بجثث الأصدقاء والجيران وأفراد العائلات. ووردت تقارير عن عائلات بأكملها معلقة على الأشجار".

وفقا للتقرير، فإن سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، آخر مدينة رئيسية متبقية في دارفور تحت سيطرة الجيش، يمنح المجموعة شبه العسكرية السيطرة على عواصم الولايات الخمس في دارفور ويمثل نقطة تحول مهمة في الحرب.

وأصبح الجيش الآن مستبعدا من ثلث الأراضي السودانية، وهو التطور الذي يقول الخبراء إنه يثير احتمال تعرض البلاد للتقسيم.

search