الجمعة، 31 أكتوبر 2025

07:53 م

أبو لولو السوداني يقتدي بـ"أبو لؤلؤة المجوسي"، خان الدم وقتل العهد

القبض على أبو لولو "جزار الفاشر"

القبض على أبو لولو "جزار الفاشر"

“سيأتيك أبو لولو”.. هذه العبارة كانت كافية لإشعال الرعب بين المدنيين في دارفور، إذ استخدمها مقاتلو الدعم السريع لترهيب السكان مما قد يواجهونه على يد القائد الميداني، حيث انتشرت مقاطع فيديو، تُظهر جرائم مروعة ارتكبها، قبل أن يتم القبض عليه، لكن من هو “أبو لولو”.

من هو “أبو لولو” جزار الفاشر؟

لم يكن الفاتح عبدالله إدريس، معروفًا في دارفور، قبل اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، حيث كان مقاتلًا عاديًا يتنقل بين المواقع الطرفية دون أن يلفت الانتباه.

لكن خلال الأشهر الماضية، تصدر الرجل المعروف بلقب "أبو لولو" المشهد السوداني، بعد انتشار مقاطع مصورة تظهره في شوارع مدينة الفاشر، ما جعله أحد أكثر الأسماء تداولًا بين وسائل الإعلام والمواطنين على حد سواء.

صعود "أبو لولو" من المجهول إلى الرعب

تحول "أبو لولو" في وقت قصير من مقاتل مغمور إلى شخصية رئيسية في مشاهد العنف الميداني التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي. 

وأكدت روايات محلية متقاطعة، أن "أبو لولو" نشأ ضمن المجموعات المسلحة في دارفور، واكتسب سمعة مقاتل شرس، قبل أن يتولى قيادة ميدانية على الأرض، وذلك بحسب “قناة العربية”.

ورغم نفيه في بث مباشر أي انتماء رسمي لقوات الدعم السريع، فإن مقاطع الفيديو المنتشرة أظهرت الرجل وهو يصدر أوامر ويطلق النار على أسرى ومدنيين، مما عزز صورة "أبو لولو" كأحد أكثر الشخصيات إثارة للرعب في المنطقة.

أبو لولو وهو يقوم بالتنكيل بالمدنيين في الفاشر

حادثة أغسطس.. الشرارة التي أثارت الغضب

في أغسطس الماضي، انتشر مقطع يُظهر "أبو لولو" وهو يطلق النار على رجل أعزل في الفاشر، ما أثار موجة غضب عارمة على المنصات السودانية.

وأعلنت قيادة الدعم السريع، تشكيل لجنة تحقيق، مع وعد بمحاسبة أي عنصر يثبت انتماؤه للقوة، إلا أن تسجيلات لاحقة أظهرت عمليات إعدام ميدانية نفذت بعد سيطرة الدعم السريع على المدينة، ويعتقد أن "أبو لولو" كان متورطًا فيها مباشرة.

وخلال أكتوبر الحالي، انتشرت تسجيلات أخرى من أماكن مختلفة بالفاشر لم يتم التأكد من صحتها، تُظهر رجلًا يُعتقد أنه "أبو لولو" وهو يطلق النار على مجموعة من الرجال الجالسين على الأرض، بينما يظهر في تسجيلات أخرى محاطًا بمسلحين يحتفلون به على أنه قائد منتصر، وسط جثث متناثرة، وفي أحد المقاطع المزعومة، ظهر الرجل وهو يفاخر بقتل 900 شخص.

الدعم السريع يتبرأ من جزاره

مع تصاعد الغضب الشعبي والرسمي، حاولت قيادة ميليشيا الدعم السريع، التباعد عن أفعال الرجل، حيث نشر فارس النور، المعين حاكمًا للخرطوم، منشورًا، قال فيه إن العدالة ستطال كل من أجرم بحق المدنيين في الفاشر، مرفقًا بصورة لـ"أبو لولو".

لكن ظهور الرجل المتكرر بالزي العسكري إلى جانب قادة الدعم السريع، وحركته الموثقة على المنصات الرقمية، أثار تساؤلات حول طبيعة ارتباطه الفعلي بهذه القوات.

سجل حافل من الجرائم

من جانبه، قال الصحافي السوداني علاء الدين محمود، إن نموذج “أبو لولو” يشبه كثيرًا من ارتكبوا الفظائع في الخرطوم والجزيرة ودارفور، مضيفًا أن اختيار أسماء حركية عنيفة مثل "أبو لؤلؤ" و"شارون" و"يأجوج ومأجوج" يعكس إعجابًا بثقافة القتل، وأن أفعال رفاقه امتداد لنهج دموي متوارث منذ سنوات.

وأعربت منظمات حقوقية دولية، عن قلقها من ظاهرة القادة الميدانيين المنفلتين، مطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة لتحديد المسؤوليات الفردية عن الانتهاكات، في ظل ما يشهده الإقليم من فوضى وصراع دموي مستمر.

أبو لولو الحاضر وأبو لؤلؤة الماضي

يتقاطع التاريخ والحاضر في درس صادم حول العنف المتفلت، كما يظهر في حادث اغتيال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة المجوسي وما شهدته مدينة الفاشر مؤخرًا. 

وفي كلتا الحالتين، ارتكب الفاعلان جرائم دموية مروعة أثارت الذعر والصدمة في المجتمع، مستغلين قوتهم أو موقعهم لتنفيذ أعمال قتل جماعية أو اغتيالات. 

القبض على أبو لولو 

ألقت قوات ميليشيا الدعم السريع، القبض على القائد الميداني عيسى أبو لولو في مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، وذلك تمهيدًا لإحالته إلى القضاء، بتهم تتعلق بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين خلال العمليات الأخيرة في الإقليم.

وقالت قوات الدعم السريع، في بيان رسمي أمس الخميس، إنها نجحت في ضبط المتهم وإحالته إلى جهات التحقيق المختصة، مؤكدة التزامها بمحاسبة أي عنصر يثبت تورطه في تجاوزات أو جرائم ميدانية، وتعهدت بتقديم جميع المتورطين للعدالة دون استثناء.

صورة حديثة لـ أبو لولو بعدما آثار الغضب العام، وهو يحاول استعطاف الجميع بمساعدة الأطفال.. “وسائل إعلام سودانية”

الحصار والقتل العنوان الرئيسي في الفاشر

بعد سيطرت قوات الدعم السريع، الأحد الماضي على مدينة الفاشر، لتعلن بذلك سيطرتها الفعلية على كامل إقليم دارفور غرب السودان، المنطقة الشاسعة التي تغطي نحو ثلث مساحة البلاد.

وبحسب المصادر الميدانية، أصبحت ميلشيا الدعم السريع وحلفاؤها تتحكم في غرب السودان وأجزاء من الجنوب، بينما يواصل الجيش السوداني السيطرة على مناطق شمال وشرق ووسط البلاد، التي لا تزال غارقة في صراع مسلح منذ أكثر من عامين.

وقالت نقابة أطباء السودان، إن نحو 177 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل مدينة الفاشر، محذرة من أن ما يحدث يُعد "إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا ممنهجًا وجرائم حرب مكتملة الأركان".

وأوضحت النقابة، أن تقارير فرقها الميدانية تشير إلى سقوط آلاف الضحايا في ظل صعوبة الوصول إلى المدينة وانعدام الأمن، مشيرة إلى أن أكثر من 2000 مدني قُتلوا في الساعات الأولى من سيطرة الدعم السريع على المدينة.

وأضافت النقابة، أن بعض الضحايا تعرضوا للقتل بالحرق، كما تم حرق المدنيين الذين حاولوا الفرار بسياراتهم، في حين أن المدنيين المحاصرين البالغ عددهم 177 ألفًا يُعتقد أن غالبية منهم واجهوا عمليات قتل جماعية.

اقرأ أيضًا:

مندوب الإمارات بالأمم المتحدة: الجيش و"الدعم السريع" أقصيا نفسيهما من مستقبل السودان

لم يرحموا الرُضع، "الدعم السريع" تقتحم مستشفى ولادة بالفاشر

search