حب إيه؟ حين يحتفل المجتمع بما لا يعرفه
في بلد يحتفل بعيدين للحب كل عام، تتصدر في الوقت نفسه قوائم الطلاق والعنوسة والعنف الأسريّ والتحرش. مفارقة موجعة تكشف عمق التناقض بين ما نعلنه وما نعيشه.
فكيف نحتفل بالحب مرتين في السنة بينما تُهدَم آلاف البيوت كل شهر؟ كيف نوزّع الورود في الشوارع بينما تسود القسوة في البيوت؟
الحقيقة أن المجتمع صار يتعامل مع الحب كـ”ديكور اجتماعي” لا كقيمة إنسانية.
الاحتفال أصبح مجرد طقس شكلي يُرضي الصورة لا الجوهر، يُخدّر الواقع ولا يُغيّره.
في كل عام تتكرر المشاهد نفسها: قلوب حمراء، هدايا براقة، صور حالمة على “السوشيال ميديا”، وكأننا نعيش وسط موجة دفء عاطفي.
لكن ما إن تنتهي المناسبة، حتى تعود البرودة إلى الوجوه، وتعود العلاقات إلى صمتها وجفافها المعتاد.
وهنا يبرز السؤال الحقيقي: لماذا غاب الحب؟ ولماذا أصبحت الحياة باردة؟
غاب الحب حين فقدنا المعنى الأصيل له. حين تحوّل من إحساس صادق إلى مشهد مصطنع.
حين صار يُقاس بالهدايا لا بالاحترام، وبالمظاهر لا بالمواقف. غاب حين فقدنا ثقافة الاحتواء، ومهارة الإصغاء، وفنّ الاختلاف دون إيذاء.
وحين أصبحت العلاقات تُبنى على المصلحة لا المودة، وتُدار بالشك لا بالثقة، سقطت القيم التي كانت تحفظ للقلوب دفئها.
أما برودة الحياة، فهي انعكاس طبيعي لهذا الفراغ العاطفي.
نحن جيل يعيش أسرع مما يشعر، يتحدث أكثر مما يُصغي، ويُعلن الحب لكنه لا يُمارسه.
تغيّر شكل العلاقات، فصارت الشاشة وسيطًا، والرسالة دليل اهتمام، و”اللايك” تعويضًا عن الحنان. اختزلنا المشاعر في رموز وصور، فبردت القلوب كما تبرد الأجهزة التي نحملها.
لم نعد نحب بصدق لأننا نخاف من الخذلان، ولا نعطي بعمق لأننا فقدنا الأمان، ولا نصبر لأننا اعتدنا الحل السريع والانفصال السهل.
كل ذلك جعل العلاقات قصيرة العمر، والمشاعر مؤقتة، والحياة أشبه بمسرحية مكررة بلا إحساس حقيقي.
الحب ليس مناسبة نحتفل بها، بل سلوك يُمارَس كل يوم.
هو في احترام الاختلاف، وفي كلمة تُرمم، لا تُهدم.
هو دفء ينعكس في التفاصيل الصغيرة، لا في الصور المنشورة.
قبل أن نحتفل بعيد الحب القادم، علينا أن نراجع أنفسنا: هل نعيش الحب فعلًا أم نمثّله؟
هل نبحث عن علاقة تُدفئ قلوبنا أم تُرضي صورتنا أمام الآخرين؟
فربما آن الأوان لنتعلم أن الحب لا يُشترى في يومين، بل يُبنى في العمر كله..
الأكثر قراءة
-
تجاوز غير مقبول، مشادة داخل الحرم المكي تُشعل مواقع التواصل رغم رد الأمن السعودي
-
"سامحته ويا بخت من بات مظلوم"، أول تعليق من المعتمر المصري المعتدَى عليه بالسعودية (خاص)
-
اندلاع حريق في مول "الكرامة" بالعبور.. والنيابة تفتح تحقيقًا لمعرفة الأسباب
-
تاريخ مواجهات ريال مدريد وليفربول في دوري أبطال أوروبا
-
ضبط التيك توكر "مادونا" في القليوبية، والأمن يكشف السبب
-
"خسرنا دنيتنا وفلوسنا"، حلقة عن القمار تكشف الجانب المرعب من الإنترنت
-
حظك اليوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، يوم يحمل طاقة متجددة وتغييرات منتظرة
-
موعد نهائي السوبر المصري، رابط حجز تذاكر المباريات
مقالات ذات صلة
المتحف المصري الكبير.. حين تستيقظ الذاكرة ويبتسم التاريخ
03 نوفمبر 2025 10:56 ص
كيف تتعامل بوعي مع الشخصية النرجسية؟
28 أكتوبر 2025 02:26 م
حين يَسُمّك بكلمة ويتلذذ بإيذائك
22 أكتوبر 2025 11:14 ص
توفيق عكاشة.. بائع الوهم وباثّ السم في العسل
20 أكتوبر 2025 04:04 م
أكثر الكلمات انتشاراً