الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

09:19 م

كيف نرتب دوريا محليا متوازنا بين أندية المؤسسات والأندية الجماهيرية؟

في ساحة الملاعب تختلط أصوات التعاطف الحماسيّ مع وتيرة الأداء الاحترافية، وفي قلب ذلك تنبض فكرة واضحة، مفادها أن تنظيم المسابقة الوطنية يجب أن يرتقي ليعبّر عن روح المنافسة الشريفة، ويستوعب خصوصيات الأندية الجماهيرية والمؤسّساتية على حدّ سواء، فتنمو كرة القدم ليس فقط كممارسة رياضية، بل كمكوّن من النسيج الاجتماعيّ والاقتصاديّ.

وهنا يأتي اقتراح تقسيم الدوري المحلي إلى مجموعتين متساويتين – واحدة تضمّ الأندية الجماهيرية، والأخرى تضمّ أندية المؤسسات – ليكون منطلقًا متناغمًا بين العدالة والشمول، بين التميّز والمشاركة. فهذه دعوة لإعادة صياغة المسار الكرويّ بما يخدم التطوير والتميّز والهوية الوطنية، ويخلق منصّة واضحة للاحتراف والمنافسة الصحية.

أولاً: وصف المقترح

يكمن المقترَح في أن يُقسَّم الدوري الوطني لكرة القدم إلى عشرين فريقًا، تُقسَّم إلى مجموعتين من عشر فرق لكل مجموعة.

فالمجموعة الأولى تضمّ الأندية الجماهيرية (أي الأندية التي تعتمد بصورة رئيسية على جماهيرها، وإرثها، ومبادئ الأندية التقليدية)، أما المجموعة الثانية فتضمّ أندية المؤسسات (أي تلك المرتبطة بمؤسسات أو جهات رسمية أو شركات، وتمتلك هيكلة مؤسّسية واضحة).

تُقام المباريات ضمن كل مجموعة بنظام الدور الواحد (حيث يواجه كل فريق الفرق التسعة الأخرى مرة واحدة).
ثم تُنظَّم مباريات نهائية بين المتصدّرين، أو وفق نظام يُحدّده الاتحاد – ويُفضّل أن تكون أيضًا بنظام الدور الواحد (مباراة نهائية أو مواجهتان لتحديد البطل والمراكز النهائية).

بهذا الشكل يتحقق تقسيم فعّال يضمن التمايز بين نوعَي الأندية، ويوفّر إطارًا واضحًا ومكثّفًا للمنافسة خلال الموسم.

ثانيًا: أفضل الممارسات العالمية في تنظيم المسابقات

العدالة التنافسية والشفافية:
تُعدّ مبادئ الحوكمة في كرة القدم مهمة جدًّا، وذلك بحسب دليل The Football Association البريطانية، حيث تتضمّن القيم: «الأخلاق، القيادة، الشفافية، المساءلة».

وتؤكد الوثائق ضرورة أن تُدار المسابقة وفق معايير واضحة، وتُباع حقوقها بشفافية، وتلتزم بالأنظمة.

كما يجب أن يكون تنظيم الدوري متوافقًا مع قوانين FIFA – بصفته الاتحاد الأعلى للعبة – خصوصًا فيما يتعلق بالنزاهة والمنافسة المفتوحة.

فعلى سبيل المثال، تشير لائحة المنافسات الوطنية إلى وجوب احترام القوانين الأساسية والأنظمة.

هيكلة مناسبة للمسابقات:
في العديد من دول أوروبا وآسيا، تُنظَّم مسابقات الدوري بأنظمة «هرمية» واضحة، تُقسَّم إلى درجات، وتُلعب ذهابًا وإيابًا، أو حسب ظروف البلد.

وتعتمد بعض المسابقات الحديثة نظام المجموعات لتقليل عدد المباريات وتحفيز المنافسة في مباريات المجموعات.

على سبيل المثال، في تصفيات الأمم الأوروبية، تم تقسيم المنتخبات إلى مجموعات وتطبيق نظام تأهيلي.

وتشير الأبحاث الحديثة في كرة القدم إلى ضرورة «تنسيق المباريات» من حيث عددها، وتوزيعها، وترتيبها.

تفصيل المنافسة وتجنّب التجميد أو التراخي:
عند تصميم نظام المسابقة، من المهم تجنّب الحالات التي «لا تشكّل نتيجة المباراة فيها فارقًا».

ومن الممارسات الجيّدة في هذا الشأن نظام مباريات المجموعات ثم التصفيات، مما يجعل كل مباراة ذات قيمة.

تطوير الأندية والمسارات المهنية:
يشجّع UEFA وFIFA برامج الاحتراف ودمج الأندية في إطار مؤسّسات رياضية احترافية (Club Licensing) لضمان الاستدامة المالية والإدارية.

فكلما كان الدوري منظّمًا من حيث الشفافية، وحقوق النقل التلفزيوني، والبث، واحتوى على نظام تنافسي واضح ومشوّق، ارتفع مستوى الاحتراف والمستوى الفني.

ثالثًا: مدى اتفاق المقترح مع قواعد ومبادئ FIFA

لا توجد – في الوثائق المتاحة التابعة لـ FIFA – قاعدة صريحة تحظر تقسيم الدوري إلى مجموعتين بناءً على نوع النادي (جماهيري/مؤسساتي).

فالوثائق تشير إلى التزام كل عضو بقيم FIFA Statutes العامة، مثل «عدم التمييز» و«المنافسة العادلة».

ومن جهة الحوكمة، على الاتحاد الوطني التأكد من أن النظام المقترَح لا يُميّز بطريقة غير مبرّرة بين الأندية، ويقدّم فرصًا متساوية للمنافسة.

أما من ناحية الهيكل، فإن النظام المقترَح – تقسيم (20 فريقًا) إلى مجموعتين – يُعدّ شكلًا جائزًا من الناحية التقنية، إذ يعكس تقسيمًا أوليًا متبوعًا بمرحلة نهائية، وهو ما نراه في أنظمة دولية مختلفة (مثل التصفيات الوطنية أو أنظمة المجموعات ثم الخروج).

ويجب على الاتحاد الوطني التنسيق مع FIFA أو الاتحاد القاري فيما يخصّ الترقي والهبوط أو العلاقة بين الدوري المقسّم والمراكز القارية، لضمان توافقه مع شرط «المنافسة على أساس رياضي» والمساواة في الفرص.

ومن المهم أن يضمن النظام اندماج الأندية الجماهيرية والمؤسساتية في إطار واحد يسمح بالترقي والهبوط أو المنافسة الشاملة، حتى لا يُطرح تساؤل حول «فتح المنافسة» أو «إغلاقها».

في النهاية:
يتماشى المقترَح عمومًا مع مبادئ FIFA من حيث المنافسة والشفافية والتنظيم، بشرط أن يُطبّق بطريقة تحترم العدالة الرياضية، ولا تُميّز بين الأندية، وتضمن لكل فريق حقه في المنافسة والاستمرارية، وأن يكون ضمن نظام ترقٍّ وهبوط إن طُبّق.

رابعًا: نقاط القوة

يُبسّط المنافسة ويجعل كل مباراة ذات قيمة (نظام الدور الواحد يقلّل عدد المباريات المكرّرة ويزيد الحماس).

يمنح فرصة واضحة للأندية الجماهيرية والمؤسساتية للتميّز ضمن فئتها دون فقدان الخصوصية.

يتيح تسويقًا جيدًا، إذ يمكن الترويج بأن «نصف الدوري للأندية الجماهيرية، والنصف الآخر لأندية المؤسسات» – مما يعزّز التنوّع والمشاركة.

يُقلّل من العبء المالي على الأندية، ويُسهّل عملية الجدولة.

خامسًا: توصيات إضافية لتعزيز نجاح النظام

وضع معايير دخول واضحة:
ينبغي إلزام كل فريق بشروط احترافية من حيث البنية التحتية، والإدارة، والفئات السنية، ومراعاة مبادئ الحوكمة.

إدخال نظام ترقٍّ وهبوط:
إذا كان هذا الدوري هو الدرجة الأولى، فيجب أن يكون واضحًا كيف يمكن لأندية الدرجة الثانية الصعود إليه، وكيف تُحدَّد الأندية المغادرة.

توزيع عادل للأموال:
يجب توزيع جزء من حقوق النقل التلفزيوني والإيرادات بين الفرق لضمان استدامة الأندية الصغيرة.

ضمان التنافسية:
من البداية يُفضّل وضع آلية لمراجعة الأداء بعد موسمين أو ثلاثة، وتعديل عدد الفرق أو طريقة اللعب عند الحاجة.

التسويق الجماهيري:
ينبغي تسليط الضوء على المنافسة بين المجموعتين كحدث مميّز، وتنظيم فعاليات مرتبطة بالمباريات، ودعم التغطية الإعلامية، وتحفيز حضور الجماهير.

التوافق مع الاتحادات القارية:
يجب التنسيق مع الاتحاد الوطني والاتحاد القاري لضمان الاعتراف بنتائج الدوري، وتأهيل الفرق إلى البطولات الخارجية، والتأكد من عدم مخالفة النظام للقوانين العليا.

سادسًا: المُلخّص التقييمي

إن اقتراح تقسيم الدوري إلى مجموعتين – مجموعة لـ الأندية الجماهيرية وأخرى لـ أندية المؤسسات – بحيث تضم كل مجموعة (10 فرق)، تُلعب مبارياتها بنظام الدور الواحد، ثم تُقام مباراة نهائية من دور واحد، يُعدّ نمطًا مبتكرًا يتماشى مع روح التطوير والتميّز.

ومن حيث التوافق مع أفضل الممارسات العالمية، فهو قريب من الأنظمة التي تُقسّم المنافسة لجعلها أكثر إثارة وتحفيزًا، مع ضرورة مراعاة العدالة والشفافية.

أما من حيث مواءمته مع قواعد FIFA، فهو لا يتعارض جوهريًا طالما نُظِّم بشفافية، ووُفّرت فرص متساوية، وأُعلن بوضوح، وحظي بموافقة الاتحاد الوطني المعني.

ومن ثمّ، فإن التنفيذ الناجح يتطلّب تخطيطًا دقيقًا، وتواصلاً فعّالًا مع الأطراف المعنية، وإعدادًا تسويقيًا وإداريًا متميّزًا، مع مراجعة دورية لضمان التطوير المستمر.

رابط مختصر

تابعونا على

search