دفع 900 ألف دولار، محامي هانيبال القذافي: أصبح حرًا دون تدخل دبلوماسي وقضية الصدر أغلِقت (خاص)

بعد عشر سنوات قضاها خلف أسوار السجن، على خلفية اتهامه في قضية خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر وآخرين في ليبيا، أطلقت السلطات اللبنانية أمس سراح هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بكفالة 900 ألف دولار. وفور صدور القرار القضائي حصلت “تليجراف مصر” على تصريحات حصرية من أحد أبرز فريق دفاعه، المحامي اللبناني نسيب شديد، التي حملت تفاصيل مهمة بشأن القضية ووجهة القذافي الابن بعد طي صحائف قضيته.

الإفراج عن هانيبال القذافي بعد 10 سنوات من الاحتجاز

المحامي نسيب شديد هو واحد من فريق الدفاع عن هانيبال القذافي يعاونه في القضية المحامي الفرنسي الشهير لوران بايون، بينما تترأس الفريق وتتولى التنسيق الإعلامي بشأنها إيناس حراك. وفي بداية حديثنا إلى شديد سألناه عن المسار القانوني الذي أدى إلى الإفراج عن هانيبال القذافي بعد قرابة عقد من الاحتجاز.

هانيبال القذافي قضى في السجن ثلاثة أضعاف المدة القصوى

شديد قال لـ"تليجراف مصر": تم احتجاز السيد قذافي منذ أكثر من عشر سنوات بتهمة كتم معلومات في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه من قبل المحقق العدلي في هذه القضية، مع العلم أن القانون اللبناني ينص على أن مدة الاحتجاز القصوى لمثل هذا الجرم هي ثلاث سنوات، بالتالي يكون هانيبال قد قضى أكثر من ثلاثة أضعاف هذه المدة في السجن.

الحصول على قرار بإخلاء سبيل القذافي

وتابع المحامي: "بعد أن انُتخِب رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وعيّن وزارة جديدة، رأى وزير العدل (عادل نصار) أنه يقتضي إنهاء الأوضاع الشاذة التي كانت قائمة في القضايا القانونية، واستطعنا نتيجة هذا الجو الجديد، الحصول على قرار بإخلاء سبيل القذافي".

هل حدث تدخل سياسي للإفراج عن هانيبال القذافي؟

قد يتبادر إلى أذهان البعض سؤال منطقي: هل جاء قرار الإفراج عن هانيبال القذافي قضائيًا بحتًا، أم أن وساطات سياسية أو دبلوماسية كان لها دور في تسوية هذا الملف وحصول القذافي على حريته؟ وهنا يوضح شديد: "القرار جاء قضائيًا بشكل بحت دون تدخل سياسي أو دبلوماسي، غير أن تقديم شكوى لدى الأمم المتحدة ضد الدولة اللبنانية ساعد للوصول إلى هذه النتيجة".

وهناك نقاط قانونية أساسية استندت إليها هيئة الدفاع لتحقيق هذا الإفراج عن نجل القذافي، حيث قال المحامي: "تقدمنا بطلب الإفراج وأعلنّا ذلك في وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، وهذا ما أدى في النهاية إلى الإفراج عن هانيبال، إذ لم تعد هناك أي حجة لإبقائه في السجن، وقد توقفت التدخلات السياسية منذ انتخاب الرئيس عون".

الحالة الصحية لنجل القذافي وعلاقتها بالإفراج عنه

وفي الفترة الأخيرة ترددت تقارير عن تدهور حالة هانيبال الصحية خلال فترة احتجازه، لكن شديد نفى أن يكون هذا الأمر قد شكّل عاملًا مؤثرًا في إقناع السلطات بالإفراج عنه. وفي هذا السياق قال: "إن تدهور حالته الصحية لم يؤثر على إقناع السلطات القضائية بالإفراج عنه".

الإفراج عن هانيبال القذافي بكفالة 900 ألف دولار

ووفق ما جرى الإعلان عنه، فقد تم الإفراج عن القذافي الابن بعد سداد كفالة قدرها نحو 900 ألف دولار أمريكي، ما قد يشير إلى أن ذلك يترتب عليه التزامات أو قيود قانونية على حركة هانيبال، لكن المحامي حسم هذه المسألة بتأكيده على أنه "لا قيود أو التزامات على حركة هانيبال بعد سداد الكفالة".

ولفت المحامي إلى أن الكفالة التي كانت مقررة من السلطات القضاسية نظير الإفراج عن هانيبال القذافي كانت 11 مليون دولار، قبل أن ينجح فريق الدفاع عنه في خفضها إلى 900 ألف دولار.

قضية الصدر تعتبر مغلقة بالنسبة إلى هانيبال القذافي

أمر آخر لا يزال يثير التساؤلات بعد هذا الإفراج: هل ما زالت قضية الإمام موسى الصدر مرتبطة قانونيًا بالسيد القذافي، أم يمكن اعتبارها مغلقة بالنسبة إليه؟ وردًا على هذا السؤال، أكد شديد أن هذه القضية "تعتبر مغلقة بالنسبة للقذافي ورفيقيه".

هل يغادر هانيبال القذافي لبنان إلى عُمان أو سوريا؟

وتطرقت "تليجراف مصر" إلى وِجهة القذافي بعد أن نال حريته، وما إذا كان سيبقى في لبنان مؤقتًا، أم من المتوقع مغادرته إلى بلد آخر، خصوصًا في ضوء ما تردد في وسائل إعلام عربية وأجنبية عن نيته الانتقال إلى سلطنة عمان أو سوريا، حيث قال شديد: "هانيبال الآن في لبنان ولم يقرر بعد ما هي الخطوات المستقبلية التي سوف يقوم بها".

وفيما يتعلق بالرسالة التي تعكسها هذه القضية عن العلاقة بين القضاء والسياسة في لبنان، أكد شديد: "يجب ألا تتدخل السياسة أبدًا في القضاء، والآن مع العهد الجديد في لبنان هذا ما يحاول القائمين على تنفيذ القانون تثبيته في جميع القضايا القانونية".

 تجربة مفيدة ومليئة بالمفاجآت

قبل أن ننهي حديثنا مع نسيب شديد سألناه: كيف تقيّم تجربتك الشخصية في الدفاع عن هذه القضية الحسّاسة والمعقدة طوال هذه السنوات؟ فقال: "كانت تجربة مفيدة ومليئة بالمفاجآت، والتحوّل الأخير الذي أدى إلى الإفراج عن هانيبال القذافي دل بكل وضوح على أن دولة القانون تعود إلى لبنان بعد غياب طويل".

اكتفى المحامي نسيب شديد بتزويدنا بصورة للقذافي بعد الإفراج عنه وبرفقته إيناس حراك التي قامت بالتنسيق في هذه القضية خاصة مع الإعلام، والفرنسي لوران بايون المحامي الأساسي لهانيبال، كما أرفق صورة له مع بايون في قاعة المدعي العام، لكنه اعتذر عن تزويدنا بمستندات أخرى مثل "بيان الدفاع"، مبررًا ذلك بقوله: "إن التحقيق سري ولا يحق لي نشر أي مستندات تتعلق به".

كانت السلطات اللبنانية أوقفت هانيبال القذافي في عام 2015، متهمةً إياه بإخفاء معلومات تتعلق باختفاء الزعيم الشيعي موسى الصدر في ليبيا عام 1978، وهي القضية التي تُحمّل فيها المسؤولية لوالده الزعيم الراحل معمر القذافي. ويبلغ هنيبال اليوم من العمر 49 عامًا، وكان لا يزال طفلًا في الثانية من عمره وقتذاك.

اقرأ أيضًا:

هانيبال القذافي.. رحلة من الثراء إلى السجن

إخلاء سبيل هانيبال القذافي, بين استقلال القضاء والتوازنات السياسة في لبنان