الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

07:36 م

عند الخط الأصفر، مخاوف تقسيم غزة تتزايد مع تعثر خطة ترامب

قطاع غزة بعد تدميره

قطاع غزة بعد تدميره

مع تعثر خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، تتزايد توقعات المحللين بشأن إمكانية تقسيم القطاع، بين مناطق تسيطر عليها إسرائيل وأخرى تخضع لحكم حماس.

ونقلت وكالة رويترز، عن ستة مسؤولين أوروبيين مطلعين على تفاصيل المرحلة التالية من الخطة، قولهم إن تنفيذها توقف فعليًا، وإن إعادة الإعمار باتت تقتصر على المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، ما قد يؤدي إلى انفصال طويل الأمد داخل القطاع.

مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي

وفقًا للمرحلة الأولى من الخطة، التي دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، يسيطر الجيش الإسرائيلي حاليًا على نحو 53% من أراضي غزة المطلة على البحر المتوسط، بما في ذلك معظم الأراضي الزراعية، إلى جانب مدينة رفح جنوبًا وأجزاء من مدينة غزة ومناطق حضرية أخرى.

ويعيش نحو مليوني فلسطيني في مخيمات مؤقتة، وسط أنقاض المدن في الجزء الخاضع لسيطرة حماس، وتظهر لقطات جوية التقطتها رويترز في نوفمبر، دمارًا واسعًا شمال شرق غزة، حيث باتت المنطقة مقسمة بوضوح بين الطرفين.

قطاع غزة بعد تدميره

وتنص المرحلة التالية من الخطة على انسحاب إسرائيل التدريجي من "الخط الأصفر" المتفق عليه، وإنشاء سلطة انتقالية لإدارة غزة، ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات لتسلم المهام من الجيش الإسرائيلي، تمهيدًا لنزع سلاح حماس وبدء عملية الإعمار.

لكن هذه المرحلة تفتقر إلى جدول زمني وآليات تنفيذ واضحة، فيما ترفض الحركة، نزع سلاحها، وتعارض إسرائيل أي دور للسلطة الفلسطينية، بينما لا تزال ملامح القوة الدولية غامضة.

قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال مؤتمر المنامة الأمني هذا الشهر: "ما زلنا نعمل على صياغة أفكار.. الجميع يريد إنهاء هذا الصراع، لكن السؤال هو كيف نحقق ذلك؟"

توقعات بالانقسام

وفي ظل غياب ضغط أمريكي جاد لكسر الجمود، يتوقع 18 مصدرًا، من بينهم ستة مسؤولين أوروبيين ومسؤول أمريكي سابق، أن يتحول "الخط الأصفر" إلى حدود فعلية دائمة تقسم القطاع.

وبحسب دبلوماسيين، صاغت واشنطن مشروع قرار لمجلس الأمن يمنح القوة متعددة الجنسيات وسلطة الحكم الانتقالية، تفويضًا لمدة عامين، إلا أن الدول لا تزال مترددة في الالتزام بإرسال قوات، خصوصًا الدول الأوروبية والعربية، خشية التورط في مواجهة مباشرة مع الفصائل الفلسطينية.

إعادة إعمار جزئية 

وفي المقابل، قال نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ومستشار ترامب جاريد كوشنر، إن إعادة الإعمار قد تبدأ في المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل، حتى قبل الانتقال إلى المرحلة التالية من الخطة، عبر إنشاء مناطق نموذجية لسكان غزة.

ويرى مايكل وحيد حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، أن هذه المقاربة تكرس واقعًا مجزأً قد يستمر لفترة طويلة، أما وزارة الخارجية الأمريكية، فأكدت تحقيق تقدم كبير في خطة ترامب، لكنها لم توضح ما إذا كان الإعمار سيقتصر على المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل.

تدمير بيوت غزة

موقف إسرائيل

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن بلاده لا تنوي إعادة احتلال غزة، رغم دعوات بعض الوزراء في حكومته لإعادة المستوطنات التي تم إخلاؤها عام 2005.

ويعارض الجيش أيضًا فكرة السيطرة الدائمة على القطاع، مفضلًا الإبقاء على منطقة عازلة داخل غزة لمنع تكرار هجمات حماس، مثل تلك التي وقعت في 7 أكتوبر 2023.

وضعت القوات الإسرائيلية كتلًا إسمنتية صفراء لترسيم خط الانسحاب، وشيدت نقاط مراقبة وتحصينات جديدة في مناطق مثل حي الشجاعية، وأوضح المتحدث العسكري ناداف شوشاني أن القوات الإسرائيلية لن تنسحب بالكامل إلا بعد نزع سلاح حماس ونشر القوة الدولية.

استعادة حماس سيطرتها على بعض المناطق

رغم الهدنة، أعادت حماس فرض سيطرتها في بعض المناطق، كما بدأت بإعادة تنظيم إدارتها المدنية.

وفي مؤتمر المنامة، حذر وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول من "عودة حماس إلى الواجهة"، معتبرًا أن ذلك قد يؤدي إلى جولة عسكرية جديدة في غزة.

من جانبه، قال المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم، إن حماس مستعدة لتسليم السلطة لكيان تكنوقراطي فلسطيني لتسهيل إعادة الإعمار، مضيفًا أن جميع مناطق غزة تستحق إعادة الإعمار بالتساوي.

وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن بعض الأفكار المطروحة تتضمن نزع سلاح الحركة، تحت إشراف دولي بدلاً من تسليمه لإسرائيل، بينما ترغب الدول العربية والأوروبية في عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة إلى جانب القوة الدولية، غير أن إسرائيل ترفض ذلك تمامًا.

وأكد المسؤولون الأوروبيون أن خطة ترامب لن تتجاوز مرحلة وقف إطلاق النار، ما لم تمارس واشنطن ضغوطًا على تل أبيب للقبول بدور للسلطة الفلسطينية، وهو ما انعكس في تصريحات وزيرة الخارجية البريطانية إيفات كوبر، التي قالت: "لا ينبغي أن تبقى غزة عالقة بين السلام والحرب."

مخاوف من ترسيخ الانقسام

يخشى سكان غزة من أن يتحول الواقع الحالي إلى تقسيم دائم، وقال المواطن صلاح أبو عمرو (62 عامًا) من مدينة غزة: "إذا بدأت إعادة الإعمار فقط في الجانب الإسرائيلي، قد يفكر البعض بالانتقال إلى هناك، لكن هل سيسمحون لنا جميعًا بالدخول؟ أم سيقسموننا حتى داخل العائلات؟"

أهالي غزة بلا مأوى

وتقدر تكاليف إعادة الإعمار بنحو 70 مليار دولار، بينما ترفض بعض الدول دون مشاركة السلطة الفلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل.

ويرى مراقبون أن أي تقسيم لغزة سيضعف آمال الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، ويفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع يعتمد على المساعدات للبقاء.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: "لا يمكن أن نقبل بتجزئة غزة، غزة واحدة، وهي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة."

كما أكدت وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابيكيان شاهين استعداد السلطة لتولي المسؤولية الوطنية الكاملة، مضيفة:"لا يمكن أن يكون هناك إعمار أو استقرار حقيقي دون سيادة فلسطينية كاملة على الأرض."

اقرأ أيضًا:

"الكنيست" يقر بالقراءة الأولى مشروع قانون "إعدام الأسرى" وسط جدل واسع

search