موقع غامض يحرض ضد علماء إسرائيل والجائزة 100 ألف دولار

موقع غامض يثير الذعر في إسرائيل

A . .A

تسبب موقع إلكتروني مجهول الهوية في صدمة واسعة داخل الأوساط الإسرائيلية، بعد أن عرض قائمة أهداف للاغتيال تتضمن أسماء أكاديميين إسرائيليين بارزين، إلى جانب مبالغ مالية كمكافآت لمنفذي الاعتداءات ضدهم.

ووفق ما أفادت به صحيفة “يديعوت أحرونوت”، نشر الموقع، الذي يطلق على نفسه اسم "حركة العقاب من أجل العدالة" (The Punishment For Justice Movement)، تهديدات مباشرة ومفصلة تستهدف نخبة العلماء والباحثين الإسرائيليين، متهمًا إياهم بأنهم مجرمون وشركاء للجيش الإسرائيلي، ومسؤولون عن تطوير أسلحة الدمار الشامل، ومتورطون في قتل الأطفال الفلسطينيين.

إدارة من الولايات المتحدة أو دولة أخرى

وتشير الصحيفة إلى أن الموقع يبدو كأنه يدار من الولايات المتحدة أو من دولة غربية أخرى، حيث احتوى على دعوات صريحة لممارسة العنف، وتقديم مكافآت مالية للاعتداء على العلماء، إلى جانب نشر وسائل اتصال مع "ممثلين إقليميين"، وأثار ذلك مخاوف داخل إسرائيل من احتمال وقوف إيران وراء هذه المبادرة، فيما تم حظر الوصول إلى الموقع بعد نحو ساعتين من كشف منصة "Ynet" عن محتواه.

وتضمن الموقع نصوصًا تتهم الأكاديميين باستخدام معرفتهم العلمية في إيذاء المدنيين، قائلًا إنهم تلقوا تحذيرات في الأشهر الماضية لوقف الأنشطة الإجرامية، وأن تجاهلهم لتلك التحذيرات جعلهم أهدافًا مشروعة.

كما دعا الموقع منظمات مسلحة وكيانات غير حكومية للانضمام إلى معاقبة العلماء، عارضًا مكافآت سخية للمشاركين، إضافة إلى حوافز مضاعفة للمواطنين الإسرائيليين الذين يساعدون في تنفيذ الهجمات.

"أهداف خاصة"

وأدرج الموقع في قسم بعنوان "أهداف خاصة" (Special Targets) أسماء وصور عشرات العلماء والمتخصصين في مجالات الكيمياء والفيزياء والهندسة والطب، وبعضهم مرتبط بالصناعات الأمنية الإسرائيلية.

كما أرفق بجانب الأسماء تفاصيل حساسة، مثل العناوين وأرقام الهواتف وبطاقات الهوية، وفي بعض الحالات عرض صورًا لجوازات سفر وتأشيرات دخول لأشخاص ذكروا في القائمة، دون توضيح كيفية الحصول عليها، وتؤكد الصحيفة أن مجرد نشر هذه البيانات يعرض أصحابها لخطر حقيقي، خاصة عند تنقلهم خارج البلاد.

ولفتت يديعوت أحرونوت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي ينشر فيها بنك أهداف تفصيلي لأكاديميين إسرائيليين مرفق بدعوة علنية لتنفيذ اغتيالات مقابل مبالغ مالية، وهي طريقة تشبه أنماط عمل بعض التنظيمات الجهادية، ولكن تحت غطاء "حركة دولية" تتحدث باللغة الإنجليزية.

الشخصيات المستهدفة

وشملت القائمة شخصيات أكاديمية بارزة، اتهمها الموقع بالمشاركة في قتل الأطفال الفلسطينيين، من بين هؤلاء: البروفيسور داني حاييموفيتش، رئيس جامعة بن جوريون ورئيس لجنة رؤساء الجامعات، والبروفيسور إليعازر رابينوفيتش من الجامعة العبرية، المعروف بدوره في مشروع مسرع الجسيمات في سويسرا، وأحد أبرز الفيزيائيين النوويين الإسرائيليين عالميًا.

كما ورد اسم شيكما بريسلر، الباحثة في معهد وايزمان والناشطة المعروفة في الاحتجاجات ضد خطة الإصلاح القضائي، وقد حدد الموقع مكافآت تتدرج من 2,000 دولار لوضع لافتة أمام منزلها، إلى 20,000 دولار لإحراق سيارتها أو منزلها، وصولًا إلى 100,000 دولار لمن ينفذ عملية الاغتيال، بحسب الصحيفة.

بالإضافة إلى الأربعين اسمًا المصنفين كأهداف خاصة، نشر الموقع مئات الأسماء الأخرى لعلماء وأكاديميين وطلاب، محددًا سعرًا يبلغ 50,000 دولار مقابل اغتيال كل منهم، مع نشر تفاصيل شخصية مشابهة.

واستخدم الموقع تقنيات تشفير متقدمة وأسماء مستعارة لإخفاء هويات مشغليه، ونشر قائمة بمن سماهم "رؤساء الأقسام الإقليمية": إلياهو، ليام، جاريث، أندرو، وبرنارد.

تحقيقات عاجلة

وقد تم إبلاغ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك الشاباك والموساد، بالموقع، وباشرت تحقيقًا عاجلًا، كما تلقت الجامعات الإسرائيلية توجيهات فورية بتشديد الإجراءات الأمنية، وتجنب نشر خطط السفر، والإبلاغ عن أي أحداث مشبوهة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن هذه التطورات تمثل تصعيدًا خطيرًا وغير مسبوق في تهديدات استهداف المدنيين الإسرائيليين، مضيفين أن الدعوات العلنية للعنف، مقرونة بمكافآت مالية، تجعل من هذه الحركة تهديدًا فعليًا وليس مجرد وجود افتراضي.

قلق شخص من المستهدفين

من جهته، أعرب البروفيسور دانييل حاييموفيتش، الذي ورد اسمه ضمن قائمة الاغتيالات، عن قلقه من تصاعد الخطاب المتطرف الذي يشجع على العنف، مؤكدًا ثقته بقدرة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والدولية على التعامل مع هذا النوع من التهديدات.

كما أكدت لجنة رؤساء الجامعات البحثية في بيان رسمي أن ما جرى يشكل تصعيداً مروعًا، محذرة من أن نشر قوائم أسعار للقتل وإحراق الممتلكات يمثل تهديدًا ملموسًا لا يحتمل التأجيل، ودعت الحكومة والأجهزة الأمنية إلى اتخاذ خطوات حاسمة لإغلاق الموقع ومحاسبة كل من يقف وراءه.

"صدمة شديدة"

من جانبها، عبّرت كل من المجلس للتعليم العالي ولجنة التخطيط والميزانية عن صدمة شديدة، معتبرين أن ما حدث يشكل انتهاكًا حادًا لكل المعايير الأخلاقية ويهدد الحرية الأكاديمية، ودعتا المؤسسات العلمية حول العالم إلى إدانة واضحة لما وصفته ب"العنف والتحريض ضد العلماء".

وفي السياق ذاته، استنكرت الرابطة الوطنية للطلاب والطالبات بشدو قائمة الاغتيالات، ووصفت ما يجري بأنه محاولة إرهابية خطيرة تستخدم أساليب التنظيمات المتطرفة، مشددة على أن تهديد كبار الباحثين لن يثني المجتمع الأكاديمي عن مواصلة عمله، كما طالبت الحكومة والأجهزة الأمنية بالتحرك الفوري لمواجهة هذا التهديد.