الأحد، 21 ديسمبر 2025

03:11 م

اقتصاد المنازل.. كيف تحولت ربات البيوت إلى رافعة اقتصادية في مصر

تعبيرية

تعبيرية

لم يعد النشاط الاقتصادي غير الرسمي مجرد ظاهرة هامشية، بل تحول في السنوات الأخيرة إلى مسار رئيسي تلجأ إليه آلاف الأسر المصرية، في محاولة للتكيف مع الضغوط المتصاعدة لارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم. 

وفي قلب هذا المشهد، برز دور ربات البيوت بوصفهن فاعلًا اقتصاديًا صاعدًا، يعتمد على مهارات منزلية تقليدية وأدوات حديثة وفرتها منصات التواصل الاجتماعي.

التضخم يعيد تشكيل العمل المنزلي

مع ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية، لم يعد دخل رب الأسرة وحده كافيًا لتغطية الاحتياجات الأساسية، ما دفع الكثير من السيدات للبحث عن مصادر دخل بديلة دون مغادرة المنزل. 

هنا وجد الاقتصاد غير الرسمي، أو ما يعرف بـ"الاقتصاد الموازي"، بيئة خصبة للنمو، مدعومًا بانخفاض تكاليف التشغيل وسهولة التسويق الرقمي وغياب الأعباء القانونية والضريبية.

منتجات متنوعة وأسواق رقمية

يشمل النشاط الاقتصادي الموازي طيفًا واسعًا من المنتجات، بدءًا من الصابون والمنتجات التجميلية الطبيعية، وصولًا إلى الأطعمة الجاهزة والملابس والحرف اليدوية. 

كانت هذه الأنشطة تُمارس في السابق على نطاق محدود، لكنها اليوم تحولت إلى مشروعات شبه منتظمة عبر منصات مثل "فيسبوك" و"إنستجرام".

منتجات هاند ميد مصنوعة من الصابون

قصص من قلب الظاهرة

نادين فاضل نموذج حي لهذا التحول؛ بعد عشر سنوات من العمل كمدرسة لغة إنجليزية، قررت تغيير مسارها المهني، وبدأت مشروعًا لإنتاج الصابون اليدوي المبتكر، مستفيدة من دورات تدريبية عبر الإنترنت.

على الجانب الآخر، آلاء عبدالرؤوف بدأت مشروعها لصناعة منتجات العناية بالبشرة والشعر الطبيعية خلال جائحة كورونا، وتحولت من مجرد هواية إلى مصدر دخل رغم التحديات، أبرزها نقص خدمات الشحن المناسبة للمشروعات الصغيرة.

منتجات هاند ميد مصنوعة من الصابون

اقتصاد ضرورة لا رفاهية

ترى خبيرة علم الاجتماع سوزان فايد أن توسع هذا النمط من العمل يعكس فجوة بين احتياجات الأسر وقدرة سوق العمل الرسمي على استيعاب القوى العاملة النسائية، خاصة من لا يمتلكن مؤهلات تقليدية.

اقتصاديًا، يشير الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب إلى أن هذا النشاط امتداد لأعمال منزلية قديمة مثل الغزل والحياكة، لكنه تطور بفضل التكنولوجيا الحديثة. 

منتجات العناية بالبشرة والشعر

ويقدر أن دخل ربات البيوت يمثل ما بين 10 و15% من إجمالي دخول بعض الأسر، مما يجعله اقتصادًا "مكمّلًا" لا يمكن تجاهله.

بين الفرصة والمخاطر

رغم الأثر الإيجابي على دخول الأسر، تواجه هذه المشروعات تحديات تتعلق بحماية المستهلك، خصوصًا في المنتجات الغذائية. 

وتؤكد فايد على أهمية رفع الوعي بالمواصفات الصحية، ودور المؤسسات الثقافية والإعلامية في توجيه المستهلك، إلى جانب التدريب لضمان جودة المنتج واستدامة الثقة.

تحقيق مكاسب من العمل المنزلي

كثير من السيدات يرحبن بدمج مشروعاتهن في الاقتصاد الرسمي شريطة تقديم تسهيلات حقيقية، تراعي طبيعة المشروعات صغيرة الحجم، أو الموسمية، لتجاوز فترات اقتصادية ضاغطة.

من النشاط المنزلي إلى رافعة رسمية

يجمع الخبراء على أن دمج هذا القطاع في الاقتصاد الرسمي لا يتطلب فقط تشريعات، بل رؤية شاملة تعترف بدوره، وتوفر حوافز للتسجيل، وتدعم المرأة العاملة دون تحميلها أعباء تفوق قدرتها.

وسائل التواصل الاجتماعي

مع موجات التضخم واتساع الفجوة المعيشية، لم يعد هذا النشاط خيارًا إضافيًا، بل أصبح ضرورة اقتصادية فرضتها الظروف، تُعيد تعريف دور ربات البيوت في الاقتصاد المصري الحديث.

اقرأ أيضًا:

قرض سيدات الأعمال من بنك CIB لدعم رائدات المشاريع في مصر، المزايا والشروط

قرض الأسرة 2026 في بنك التنمية الاجتماعية، الشروط والأوراق المطلوبة

search