نيويورك تايمز: المخابرات الأمريكية فقدت جهازًا نوويًا فوق أعلى جبال العالم
أمريكا تفقد جهازًا نوويًا في قمة جبال الهيمالايا، صورة من نيويورك تايمز
في أحد أكثر الأماكن عزلة على وجه الأرض، يرقد فصلٌ مثيرٌ من فصول الحرب الباردة، ولم ينتهِ بعد، ما الذي حدث للجهاز النووي الأمريكي، الذي يحتوي على البلوتونيوم-239، وهو نظيرٌ استُخدم في القنبلة الذرية التي أُلقيت على ناجازاكي، وكمياتٍ أكبر من البلوتونيوم-238، وهو وقودٌ شديد الإشعاع؟ لا أحد يعلم.
كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن عناصر المخابرات المركزية الأمريكية فقدوا جهازا مُعبأ بالبلوتونيوم على أحد أعلى جبال العالم، في مهمة سرية للغاية لا تزال الولايات المتحدة تتكتم عليها.
مهمة منذ زمن الحرب الباردة
وروت نيويورك تايمز، أنه كان فريق من المتسلقين الأمريكيين، اختارتهم وكالة المخابرات المركزية بعناية فائقة لمهاراتهم في تسلق الجبال واستعدادهم للتكتم الشديد، يشقون طريقهم بصعوبة إلى قمة أحد أعلى جبال الهيمالايا.
وخطوة بخطوة، شقوا طريقهم بصعوبة على الحافة الوعرة، والرياح تعصف بوجوههم، وأحذيتهم المُثبتة على الجليد تتشبث به بشكل خطير، وعلى ارتفاع 2000 قدم، أسفل القمة مباشرةً، جهّز الأمريكيون ورفاقهم الهنود كل شيء: الهوائي، والكابلات، والأهم من ذلك، مولد SNAP-19C المحمول، المصمم في مختبر سري للغاية ويعمل بوقود مشع، مشابه لذلك المستخدم في استكشاف أعماق البحار والفضاء الخارجي.
التجسس على الصين
ووفقًا للتايمز، كان هدف الخطة التجسس على الصين، التي كانت قد فجّرت للتو قنبلة ذرية، حيث أُصيبت وكالة المخابرات المركزية بالذهول، فأرسلت المتسلقين لنصب كل هذه المعدات- بما في ذلك القنبلة النووية التي تزن 23 كيلوجرامًا بحجم كرة شاطئية- على قمة جبل ناندا ديفي للتنصت على مركز التحكم الصيني، ولكن بينما كان المتسلقون على وشك الوصول إلى القمة، انقلب الطقس رأسًا على عقب.
هبت الرياح العاتية، ونزل الغيم، واجتاحت عاصفة ثلجية عاتية، واختفت قمة الجبل الشاهق، المسمى ناندا ديفي، فجأة في ظلام دامس.
من موقعه في المعسكر المتقدم، راقب الكابتن إم. إس. كوهلي، وهو أعلى رتبة هندية في المهمة، المشهد بذعر.
ويتذكر كوهلي أنه صرخ في جهاز لاسلكي: "المعسكر الرابع، هذه القاعدة المتقدمة، هل تسمعونني؟"، لا رد، وكرر: "المعسكر الرابع، هل أنتم هنا؟"، أخيرًا، انطلق صوت خافت من جهاز اللاسلكي، همسٌ وسط ضجيج التشويش: “نعم... هذا... هو... المعسكر... الرابع”، فرد: “عودوا بسرعة”.
تذكر الكابتن كوهلي أنه أمرهم: "لا تضيعوا دقيقة واحدة"، فأجابوا: “حاضر سيدي”.
ثم اتخذ الكابتن كوهلي قرارًا مصيريًا، كان عليه فعل ذلك، كما قال، لإنقاذ حياة المتسلقين، فقال لهم: “ثبّتوا المعدات، لا تنزلوها”.
هرع المتسلقون إلى أسفل الجبل بعد أن أخفوا معدات وكالة المخابرات المركزية على حافة جليدية، تاركين وراءهم جهازًا نوويًا يحتوي على ما يقارب ثلث كمية البلوتونيوم المستخدمة في قنبلة ناجازاكي، ولم يُرَ منذ ذلك الحين، وكان ذلك عام 1965.
وتُرك الجهاز النووي في المعسكر الرابع ولم يُرَ له أثر.
وتُعدّ ناندا ديفي، المُحاطة بقمم شاهقة، من أصعب جبال الهيمالايا تسلقًا، اختارتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لإطلالتها على مئات الأميال عبر الحدود إلى الصين، لكن الأنهار الجليدية على قمم هذه الجبال تُغذي نهر الجانج، وحوضه المكتظ بالسكان.
مخاوف من تسرب البلوتونيوم
يخشى القادة المحليون من تسرب البلوتونيوم من الجهاز المفقود إلى أحد الأنهار الجليدية، ما قد يُؤدي إلى تسمم السكان في المناطق الواقعة أسفل النهر، المناطق المأهولة بالسكان في حوض نهر الجانج.
وفقًا للتقرير، كانت المهمة برمتها محفوفة بخيبة أمل منذ البداية، وتُظهر مقابلاتٌ مُطوّلةٌ مع الأشخاص الذين نفّذوا المهمة، ووثائقٌ كانت سريةً في السابق ومُخبأةً في أرشيفات الحكومتين الأمريكية والهندية، حجمَ الفشل الذريع، والطرق التي حاول بها مسؤولون أمريكيون على أعلى المستويات، بمن فيهم الرئيس جيمي كارتر، التستر عليه بعد سنوات.
وتُوثّق الوثائق القلق الذي انتشر في واشنطن ونيودلهي، آنذاك، كما هو الحال الآن، كانت العلاقة بين الولايات المتحدة والهند مُعقدة، فقد كان كلاهما قلقًا بشأن القدرات النووية الصينية المتنامية، وكلاهما يُراقب مطامع الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وكلاهما كان عليه إدارة رقعة شطرنج الحرب الباردة المُحفوفة بالمخاطر.
ومثلما هو الحال اليوم، كان لدى البلدين أسبابٌ للتحالف، لكنهما لم يثقا ببعضهما البعض.
كان من الممكن أن يؤدي فقدان الجهاز النووي والمخاطر التي كان يشكلها إلى انهيار العلاقة بينهما، لكن الملفات تُظهر أن كارتر ومورارجي ديساي، رئيس الوزراء الهندي آنذاك، قد تجاوزا شكوكهما المتبادلة وعملا معًا سرًا، على أمل حل المشكلة، إلا أن ذلك لم يحدث.
انفجرت الموجة الأولى من الفضيحة في سبعينيات القرن الماضي، وحتى الآن، وبعد مرور عقود، لا يزال الشعب الهندي يطالب بإجابات.
ويخشى سكان القرى النائية في أعالي جبال الهيمالايا، والناشطون البيئيون، والسياسيون من أن ينزلق الجهاز النووي إلى مجرى جليدي ويُلقي بمواد مشعة في منابع نهر الغانج، أقدس أنهار الهند وشريان الحياة لمئات الملايين.
اقرأ أيضًا..
"لا أريدهم في بلدنا"، ترامب يصف المهاجرين الصوماليين إلى أمريكا بـ"القمامة"
الأكثر قراءة
-
كيفية مشاهدة مؤتمر إعلان نتيجة كلية الشرطة 2025–2026 اليوم
-
موقع نتيجة كلية الشرطة 2025-2026
-
بعد صور متداولة، حقيقة تدهور الحالة الصحية للفنانة عبلة كامل
-
خطوات الاستعلام عن نتيجة قبول كلية الشرطة 2025
-
أثناء الولادة في أمريكا، وفاة فاطمة عبدالفتاح أستاذة الباثولوجي بجامعة القاهرة
-
نتيجة قبول كلية الشرطة 2025-2026، رابط وخطوات الاستعلام
-
بعرض خرافي، ولي العهد السعودي يستعد لشراء برشلونة
-
جراحة بواسير تكتب شهادة وفاة شاب في الفيوم، وأسرته: "إهمال طبي"
أخبار ذات صلة
بعد هجوم على تجمع يهودي بسيدني.. تغريدة تضع ستارمر في مرمى الانتقادات
14 ديسمبر 2025 02:18 م
10 قتلى في هجوم مسلح على تجمع يهودي بسيدني (فيديو)
14 ديسمبر 2025 01:20 م
"حماس" تعلن اغتيال القيادي رائد سعد في غارة جوية إسرائيلية
14 ديسمبر 2025 12:03 م
غموض حول مصير قوة الاستقرار في غزة، لماذا تحولت عين واشنطن إلى أوروبا؟
14 ديسمبر 2025 10:12 ص
أكثر الكلمات انتشاراً