الست "روزا"
في البداية لا بد أن أشير إلى أن المصريين ورثوا تقديس كلمة "الست"، فأصلها عند جدودنا قدماء المصريين "ايسيت" إيزيس، إحدى أهم الآلهة في مصر القديمة... ومعني اسم ايزيس أو الست أو إيسيت هو سيدة العرش. وكانت إيزيس هي إلهة الخصوبة والأمومة ورمزا لجميع النساء... وخلد اسمها حتى اليوم وأصبح معنى كلمة سيدة بالمصري "الست".
الخلاصة كلمة (ست) اللي جاية من المصرية القديمة هي كلمة الاحترام والتقدير في اللغة والثقافة المصرية.. فلما المصريين حبوا أم كلثوم جدا لقبوها بـ(الست) ولما يحبوا يمدحوا أي بنت يقولولها ده أنتي "ست الستات".
طبعا لأن الثقافة المصرية الأصيلة نظرت للمرأة بنظرة احترام وتقدير.. كل الدعم والحب والتقدير لكل الستات المصريات المظلومة في عصرنا الحالي بسبب ثقافة الاستعراب.
اليوم أحدثكم عن الست فاطمة اليوسف.. الشهيرة باسم "روزاليوسف" التي صنعت المجد بدموعها ودمائها ودأبها وقوتها ورقتها في الوقت نفسه.
فنانة موهوبة عشقت الصحافة فصنعت روزاليوسف لتخلد اسمها.. لم تكن مجرد صاحبة مجلة، وإنما كانت ثورة مثل ثورة 19، فقد وقفت رأسًا برأس أمام رؤساء الحكومات، وحين أغلقوا لها مجلة فتحت غيرها في أيام، ولم تخش أن تخسر أموالها أو تدفع حياتها ثمنًا لأفكارها، بل باعت ملابسها من أجل أن تنفق على حلمها.. مجلة تبقى خالدة، لا يهزمها الزمن... أشعلت ثورة صحفية، وثقافية، وأثبتت أن "الست" ليس من حقها أن تعمل فقط، ولكن من حقها أن تكون هي صاحبة العمل.
“روزاليوسف” امرأة جميلة مثقفة ودودة.. تمتلك صلابة تفوق صلابة مئات الرجال.. قوية لدرجة أن تخرج بنفسها لتواجه متظاهرين من أعضاء حزب الوفد نظموا وقفة أمام مقر روزاليوسف للتنديد بسياستها التي تهاجم الحزب الذي ساندته في البداية عندما كان يقف ضد الإنجليز ويقوده سعد زغلول مطالبا بجلاء الاحتلال.
كان أعضاء حزب الوفد يهتفون ضد روزاليوسف.. ويخططون لحرق المجلة.. امتلكت شجاعة الخروج من مكتبها... وواجهت المتظاهرين، وناقشتهم في أسباب موقفهم... وذكرت لهم ما قامت به المجلة من أدوار وطنية ضد المحتل البريطاني، فإذا بالمتظاهرين ينصرفون شاعرين بالخجل.
"روزاليوسف" كانت تمتلك في شخصيتها قوة استطاعت بها أن تتحدى كل السلطات، سواء رموز الاحتلال البريطاني، أو الملك أوالفاسدين أو رؤساء الأحزاب الذين خططوا كثيرا لهدمها والقضاء عليها وعلى مجلتها الثائرة التي حملت اسمها... سجنوها أحيانا وصادروا لها المجلات عدة مرات وقدموها للمحاكمة هي وابنها إحسان عبدالقدوس أكثر من مرة.. ودائما لم تستسلم واستمرت.
حتى بعد ثورة 23 يوليو.. ورغم أن إحسان دافع عن الثورة بقوة، وكان يرى أن الثورة تحتاج إلى الدعم، لكن في العام التالي تم القبض عليه وسجنه بسبب مقال عنوانه "الجمعية السرية التي تحكم مصر" لم تبكِ الأم على ابنها بقدر ما دعمته، وأخبرته أن هذه هي ضريبة الكلمة الحرة.
"روزاليوسف" لم تحمل شهادة مدرسية ولا مؤهلاً علمياً، لكنها أخرجت جيلاً كاملاً من الكتاب السياسين ومن الصحفيين، هي التي أرشدت أقلامهم، وهي التي وجهتهم... هي التي بثت الروح فيهم... شخصية من الصعب التنبؤ بقراراتها.
ففي الوقت الذي خرج فيه نجم روزاليوسف المتوج "محمد التابعي" من المبنى تاركا العمل في روزاليوسف، مصطحبا مصطفى أمين وعلي أمين وصاروخان وغيرهم. كان الجميع يتوقع أن تنهار المجلة، ولكن على العكس تماما، قررت روزاليوسف إصدار صحيفة يومية إلى جانب المجلة الأسبوعية، إيمانا منها أن مجلة روزاليوسف لا تتأثر بخروج أحد ما دامت روح روزاليوسف ذاتها ما زالت بداخلها... فهي صانعة النجوم وصاحبة الفضل على الجميع.
تحمّلت "فاطمة اليوسف" السجن والاعتقال في سبيل إعلاء كلمة الحق والصمود في وجه الفساد والظلم. وقامت بإصدار جريدة روز اليوسف اليومية، كي تبرهن أن روز اليوسف راسخة لا تضعف.
وصفها من اقتربوا منها بـ"أنها هادئة يحمرّ وجهها خجلاً كلما سمعت عبارات ثناء أو مديح"، كانت تعشق العزلة لتحاور ذاتها وتتأمل الأشياء بلا أقنعة ولا قيود ومع ذلك تصبح أعنف من العاصفة ويزلزل صوتها الحنون مكاتب المحررين وعنابر المطبعة من حولها إذا طرأ طارئ في العمل،
فقد كانت قوية إلى حد القسوة، وجريئة إلى حد التهور... هذه هي "الست روزا " كما كان الجميع يناديها.
الأكثر قراءة
-
هل غدا الخميس 25 ديسمبر إجازة رسمية؟
-
نتيجة وملخص وأهداف مباراة الجزائر والسودان في أمم أفريقيا (فيديو)
-
من هو طارق الأمير؟، قصة فنان جمع بين التمثيل وكتابة السيناريو
-
الإيجار القديم والـ 7 سنوات.. صراع متجدد بين حقوق الملاك ومخاوف المستأجرين
-
"دخول الحمام بإذن"، صرخات عمال "مفكو حلوان" تحت وطأة التعسف والأجور المتدنية
-
بعد واقعة تصوير الفنانة ريهام عبدالغفور، أول تحرك من "المهن التمثيلية"
-
"حطمت 7 أرقام قياسية وأستعد للثامن والتاسع"، كابونجا يعلق على دخوله موسوعة جينيس (خاص)
-
حالة وفاة تحرم 30 ألف مواطن من الخبز في قريتين بالأقصر
مقالات ذات صلة
لذة الأذى
21 سبتمبر 2025 06:48 م
أدب القرود
08 سبتمبر 2025 12:07 م
الحمار!
03 سبتمبر 2025 01:13 م
"بوز الإخص"
31 أغسطس 2025 01:21 م
أكثر الكلمات انتشاراً