الإثنين، 29 ديسمبر 2025

11:00 ص

أول خطوة للعلاج، كيف تلاحظ إدمان ابنك؟

شاب يعاني أعراض الإدمان

شاب يعاني أعراض الإدمان

شهدت منطقة المريوطية بمحافظة الجيزة، واقعة لفتت أنظار الجميع، صباح اليوم، حيث وثق مقطع فيديو متداول، هروبًا جماعيًا لعشرات الشباب من إحدى المصحات غير المرخصة، ما أثار ذعرًا بين الأهالي.

وطرحت تلك الواقعة تساؤلات عدة بين الأهالي، فاتحة باب النقاش حول دورهم في الدعم والوقاية والعلاج للابن إذا كان مدمنًا، بما في ذلك كيفية توفير بيئة آمنة لتلقي العلاج، وما الذي يجب فعله إذ انتكس، وقبل ذلك كله، كيف يُمكن اكتشاف إدمانه مبكرًا.

كيف تلاحظ إدمان ابنك في البداية؟

شرح استشاري التأهيل النفسي وعلاج الإدمان، وعضو الاتحاد الدولي للصحة النفسية، الدكتور علي عبدالراضي، العديد من العلامات المبدئية التي يُمكن ملاحظتها على الابن المدمن في البداية، من بينها أنه يطلب نقودًا كثيرة فوق طاقة شراء سجائر، إلى جانب أنه يبدأ في بيع أشياء ثمينة بحجة أنه لا يحتاجها.

وتابع عبدالراضي، في تصريحات لـ “تليجراف مصر”، أنه من ضمن العلامات أيضًا الإهمال في مظهره العام، أو تغيير نوعية الأصدقاء، إضافة إلى السهر طويلًا لمدة أيام، فضلًا عن نزول وزنه بشكل ملحوظ، وإهمال نظافته الشخصية طوال الوقت.

بالإضافة إلى صوته الذي يصبح مرتفعًا فجأة أو الضحك والهزار طوال الوقت، مع تشغيل أغان بصوت مرتفع، والانفعال زيادة عن اللزوم، وكذلك كثرة الكذب والمراوغة، إلى جانب وجود ألم في الأسنان أو طفح جلدي بشكل مختلف مثل انتشار الخراريج والدمامل، وفقًا لعبدالراضي.

ولفت إلى أن مادة الهيروين التي تؤخذ عن طريق الحقن، تسبب علامات داكنة زرقاء ناحية الأوردة، مع النوم كثيرا، كل ذلك يشير إلى أنه وقع في تجربة تعاطي المواد المخدرة.

شاب يتعاطى مواد مخدرة

ماذا تفعل إذا كان ابنك مدمنًا؟

وأشار عبدالراضي إلى أن أول شيء يجب أن يفعله الآباء والأمهات عند اكتشاف إدمان الابن، هي طلب المساعدة من أماكن معتمدة، مثل الأمانة العامة للصحة النفسية أو أماكن خاضعة لإشراف وزارة الصحة.

ويكون التعامل في المقام الأول من قِبل الأخصائين النفسين والاجتماعيين، الذين يتحدثون مع الشاب المدمن عن أضرار ومخاطر المواد المخدرة التي يتعاطاها، ثم تبدأ برامج تأهيل اجتماعي ونفسي حتى يتعافى تدريجيًا، حسبما أفاد الاستشاري في تصريحاته.

دور الأهل مع الابن المدمن

وتطرق استشاري الإدمان إلى دور الأهالي مع الابن، موضحًا أنهم لابد من الحديث معه عن أهمية التعافي، مع إيضاح المشاكل التي يسببها الإدمان والمواد المخدرة، مع ضرورة نصحه بتغيير ثقافة ومفهوم الأصدقاء لديه، إذ من الممكن أن يكون الابن المدمن يتعرف على أصدقاء سوء لشعوره بالوحدة والعزلة.

كما أوضح أن ضعف شخصيته والرغبة في الإحساس بسيطرته وقوته سبب آخر من أسباب اتجاهه للإدمان، لذا لابد للأهالي التناقش والتحاور معه ومعرفة دوافعه ثم إقناعه بالذهاب إلى الأماكن العلاجية وتلقي الخدمات، والتي عليها جزء 20 أو 30%، فيما تكون المسؤولية على الأهالي بنسبة 80% الذين يبدأون بتغيير منظور الابن عن نفسه أولًا.

نقاش وتحاور الأهل مع الابن المدمن

عدم استجابة الابن المدمن للأهل

أما بالنسبة لعدم استجابة الابن لنقاش الأهل، ذكر عبدالراضي أن الاستجابة في المجتمعات العربية سواء للمتعاطي أو الشباب بشكل عام لا تأتي مرة واحدة بل عن طريق “الزن”، والإقناع المستمر، خصوصًا أن الابن سيستخدم أسلوبا متلاعبا معهم، وهو أن يكون هناك مقابلًا لإقلاعه عن الإدمان. 

وفي هذه الحالة لابد للأهل أن يقنعوا الابن بأن الإقلاع عن الإدمان أفضل لصحته ولنفسه وليس لهم، ويبدأوا في سرد الأضرار التي ستلحق به، مثل التشرد في الشارع حتى يجمع ثمن المادة المخدرة، أو الاتجاه إلى التجارة فيها، مما يعرضه للمساءلة القانونية وينتهي الأمر بالسجن.

رفع الوعي بالمكاسب والخسائر

وتابع عبدالراضي أنه على الأهل إبراز خسائر الإدمان ومكاسب الإقلاع عنه، حتى يتم رفع حجم الفهم والوعي مع تحمل نتيجة قراراته، وتتمثل الخسائر النفسية في الاكتئاب والحزن وتدهور الصحة، مع ضعف العلاقات الاجتماعية من بينها الأهل والأقارب، وكذلك ضعف العلاقة الروحانية والدينية مع الله.

كما تؤثر على وضعه الاقتصادي من خلال السلف والدين وبيع الأشياء وفعل حيل من أجل جمع أموال التعاطي، وكذلك الوضع الأخلاقي، إذ يتعلم المراوغة والكذب والسرقة، حسبما أفاد عبدالراضي.

ماذا إذا كان التعاطي بسبب ضغوط نفسية؟

أما إذا كانت إجابة الابن أنه يعاني من ضغوط نفسية مادية دفعته للإدمان، فلابد من احتوائه وإقناعه بأن الحياة ليست في المال بل في الصحة والوعي الذهني، وأنه يُمكن تحمل أي مشاكلات، أفضل من العيش في حالة وهم بمادة مخدرة بحجة أنها تؤدي إلى السعادة، فهي في المقابل تغيب عن الواقع ولا تحل مشكلات.

الانتكاسة جزء من علاج الإدمان

وتطرق عبدالراضي إلى أن الانتكاسة في بعض الأحيان تكون جزءًا من العلاج، فهي عبارة عن رغبات وأفكار لتجريب المادة المخدرة والقرب منها، ولها أشكال من بينها الفكرية وهي أنه يفكر ويصبح لديه رغبة شديدة في تناول المادة المخدرة، وانتكاسة فعلية يتعاطى بالفعل.

الدكتور علي عبدالراضي

لابد من فضح الفكرة في بدايتها

ونصح عبدالراضي بضرورة الإفصاح عن الرغبة الملحة والاشتياق الشديد للمادة المخدرة للأخصائي فور الشعور بها، والذي سيبدأ التعامل وفهم ما إذا كانت هناك أشياء تضغطه نفسيًا أو مشاعريًا، ثم يأخذ خطوات لكيفية التعامل معها.

واختتم بأن علاج الإدمان في المقام الأول اجتماعي نفسي لأنه يأتي من التعامل والاحتكاك بالمجتمع، موجهًا نصيحة للأهل في حالة هرب ابنهم من المصحة أو الانتكاسة بضرورة التعامل بهدوء وصبر والمحاولة معه مجددًا.

اقرأ أيضًا:

مكان غير آدمي، تشميع مصحة المريوطية وإحالة المسؤولين للنيابة

إغلاق فوري ونهائي، إجراءات صارمة بعد الهروب الجماعي من مصحة المريوطية

تفاصيل صادمة عن هروب مدمنين من "مصحة المريوطية" (خاص)

search