السبت، 27 يوليو 2024

12:17 م

ولاية السيسي الثالثة.. خبراء يضعون خارطة إنقاذ الاقتصاد

الرئيس السيسي أثناء افتتاح مصنع الرمال السوداء في البرلس

الرئيس السيسي أثناء افتتاح مصنع الرمال السوداء في البرلس

ولاء عدلان

A A

يبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، ولايته الثالثة، بالتزامن مع مؤشرات إيجابية لتعافي الاقتصاد من أزمة قاسية عصفت به على مدار العامين الماضيين، ما يطرح سؤالا حول كيفية الحيلولة دون تكرار الأزمة وليس فقط الخروج منها في الوقت الراهن. 

بحسب أستاذ التمويل والاستثمار الدكتور مصطفى بدرة، مصر حاليا على الطريق الصحيح للخروج من الأزمة الاقتصادية في ضوء التطورات الأخيرة بما فيها نجاحها في توقيع صفقة رأس الحكمة وتحرير سعر الصرف والتوصل لاتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة قرض الـ3 مليارات دولار المتفق عليه نهاية 2022 إلى 8 مليارات دولار، فضلا عن تمويلات من شركاء دوليين أخرين مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. 

مؤشرات إيجابية

أضاف بدرة في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن الحكومة خلال الفترة الراهنة سرّعت خطاها لتأمين عوامل النجاح للخروج من الأزمة وإعادة إنعاش احتياطي النقد الأجنبي للدولة، فعلى سبيل المثال تحرير سعر الصرف سيسهم في زيادة تحويلات المصريين بالخارج وكذلك من شأنه أن يسهم في تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، لكن مصر كغيرها من الدول هي جزء من الصورة الأكبر للاقتصاد العالمي، لذا فهي تتأثر أيضا بعوامل خارجية أهمها الأزمات الاقتصادية التي يختلف تأثيرها على الدول بحسب مرونة الاقتصاد. 

تابع أن مصر قادرة على تحقيق معدلات نمو قوية ومستدامة خلال الفترة المقبلة وتحقيق التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد خلال الفترة الرئاسية الجديدة 2024-2030، لكن حال عدم وقوع أي أزمات جديدة على الصعيد العالمي والإقليمي. 

أوضح أستاذ التمويل والاستثمار، أنه من أهم شروط تعزيز مرونة الاقتصاد للصدمات الخارجية، التركيز على توطين الصناعة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر لقطاعات حيوية مثل الصناعة والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة، جنبا إلى جنب مع استمرار تطوير المناطق اللوجستية وزيادة عددها وجذب المزيد من المستثمرين إليها لاستغلال الميزة التنافسية لموقع مصر الجغرافي. 

شدد بدرة على أهمية استمرار إصلاح السياسات المالية والضريبية، مشيرا هنا إلى أهمية أن تتجنب الحكومة طوال السنوات المقبلة فرض ضرائب جديدة لتوفير بيئة أعمال جاذبة وتمكين القطاع الخاص كشريك في التنمية، كما شدد على ضرورة التوسع في الإعفاءات الجمركية وعدم فرض المزيد من الرسوم وذلك لتوفير مناخ عمل جيد للمصدرين والمستوردين على نحو يسهم في تعزيز تنافسية الصادرات المصرية. 

روشتة سريعة وتحذير

تلخص عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الأسبق، الدكتورة عالية المهدي، خارطة الطريق لإنقاذ الاقتصاد المصري وعدم تكرار الأزمة الراهنة في مجموعة شروط، أبرزها وقف الاعتماد على الاقتراض من الخارج بشكل حاسم، وتمكين القطاع الخاص وزيادة نسبة مساهمته في الاقتصاد وتوفير كافة الحوافز له مع ضرورة تخارج الحكومة من كل الأنشطة الممكنة لصالح شركات القطاع الخاص كونه الأكثر إنتاجية وتوظيفا للعمالة مقارنة بالقطاع الحكومي. 

أضافت أن مصر بحاجة إلى سياسات مالية انكماشية على غرار النقدية، ما يعني مزيد من ترشيد الإنفاق الحكومي وخفض الدين العام، كما حذرت من خطورة الاعتماد على الأموال الساخنة التي بدأت تعود لمصر خلال الفترة الأخيرة، إذ قد تتخارج بشكل مفاجئ من السوق وتعيد سيناريو العام 2022. 

اتفق معها الخبير الاقتصادي الدكتور بلال شعيب، مضيفا من الخطأ إفراط التفاؤل بعودة الأموال الساخنة في أعقاب قرار تحرير سعر الصرف الصادر في 6 مارس الحالي، فلا يجب أن ننسى أن هذه الأموال كانت سببا في أزمة نقص الدولار عندما انسحبت بقيمة قُدرت بنحو 22 مليار دولار من السوق المصرية في العام 2022 على خلفية اندلاع حرب أوكرانيا. 

أوضح أن “الأموال الساخنة” تدخل إلى السوق بغرض الربح السريع واستغلال ظرف اقتصادي معين مثل تراجع قيمة العملة، وهي لا تعد استثمارا حقيقيا يبنى عليه، ومن طبيعتها أنها قصيرة الأجل وشديد الحساسية للتوترات الجيوسياسية وللأزمات، لذا فالاعتماد عليها يشكل خطورة. 

الاقتصاد الحقيقي والاستثمار المحلي 

اقترح شعيب أن تركز الحكومة خلال الفترة المقبلة على تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر وتسريع وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وإعادة هيكلة الديون باستبدال الديون طويلة الأجل بأخرى قصيرة الأجل، جنبا إلى جنب مع دعم الاقتصاد الحقيقي وتحديدا الصناعة الوطنية واستهدافها لخفض فاتورة الاستيراد مقابل تعزيز تنافسية الصادرات المصرية، هذا فضلا عن أهمية تطوير وتنمية قطاع السياحة كأحد مصادر النقد الأجنبي. 

 من جهته، يرى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، المهندس علي عيسى، أن مصر خلال الأيام القليلة الماضية تمكنت من توفير تمويلات خارجية قوية ساهمت في علاج أعراض أزمة نقص الدولار التي أضرت بالاقتصاد طوال العامين الماضيين، مضيفا نستطيع أن نقول أن عجلة الاقتصاد بدأت تدور على مستوى المؤشرات العامة بعد أن تلقت قبلة الحياة من صفقة رأس الحكمة التي جاءت بحجم مفاجئ للجميع (35 مليار دولار).

حوافز ضرورية

قال عيسى إن المرحلة المقبلة يجب أن تشهد استهدافا حكوميا لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، مع أولوية للمستثمر المحلي باعتباره شريك في التنمية الاقتصادية، وهنا لفت إلى ضرورة دعم القطاع الخاص والتزام الحكومة بتنفيذ أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة وبالتوسع في منح الرخص الذهبية وتسهيل حصول المستثمرين على الأراضي اللازمة لمشروعاتهم. 

تابع أن من أهم الحوافز التي يجب أن توفرها الحكومة للقطاع الخاص هي الحوافز الضريبية، على أن تستهدف القطاعات الأكثر مساهمة في تحقيق مستهدفات التنمية كالقطاعات الإنتاجية والصناعية والقطاعات التصديرية، مشيرا إلى ضرورة خفض فاتورة الاستيراد بالاعتماد على الصناعة المحلية ودعم المصدرين وتعزيز قدرتهم على الوصول إلى الأسواق الخارجية بمعايير تنافسية على مستوى الجودة والسعر. 

شدد عيسى على ضرورة توسع الحكومة في مبادرات دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، مشيدا هنا بموافقة الحكومة أخيرا على مقترح الجميعة الخاص بإتاحة تمويلات ميسرة بنحو 120 مليار جنيه ضمن مبادرة فائدة التسهيلات التمويلية المحفزة للقطاعات الإنتاجية، التي تستهدف أنشطة الإنتاج الزراعي والصناعي وتتيح لشركاتها تمويلات بفائدة لا تزيد على 15%، مقابل فائدة تصل إلى 30% في البنوك. 

ختم رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، بالقول إن إقرار الحكومة لحزم تحفيزية للمستثمر المحلي والأجنبي لا يقل أهمية عن ضرورة وضع حد لظاهرة الروتين والبيروقراطية في المؤسسات الحكومية، كونها تفرغ أي قرار إيجابي من مضمونه وتضر ببيئة الاستثمار في الدولة.  

search