في مباراة سعر الفائدة.. هل يلعب البنك المركزي بـ خطة مارادونا؟

البنك المركزي المصري
تباينت توقعات المؤسسات الدولية والخبراء بشأن مصير الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي اليوم، حيث تضمنت توقعات التثبيت والخفض والرفع معًا، إلا أن غالبية الترجيحات ذهبت لصالح الإبقاء على السياسة النقدية دون تغيير، فهل يراوغ البنك المركزي الأسواق، ويطبق نظرية مارادونا؟
ذهبت الغالبية العظمى من المؤسسات المالية باتجاه إبقاء البنك المركزي اليوم على أسعار الفائدة دون تغيير، فيما رجح بنك “جي بي مورجان”، أن يواصل رفع سعر الفائدة بنسبة 2%، وعلى الجانب الآخر، توقع "جولدمان ساكس" أن يتم خفض الفائدة بواقع 150 نقطة أساس، للمرة الأولى منذ بدء موجة التشديد النقدي عام 2022.
سبب التسمية
في حوار له عام 2005، تطرق محافظ بنك إنجلترا آنذاك، اللورد “ميرفين كينج”، إلى "نظرية مارادونا لأسعار الفائدة"، قائلًا إن أداء أسطورة كرة القدم الأرجنتينية في مباراة كأس العالم ضد إنجلترا عام 1986، كانت مثالًا للكيفية التي يجب أن تدار بها السياسة النقدية.
في تلك المباراة، ركض الأسطورة الأرجنتينية في خط مستقيم على بعد 60 ياردة من نصف ملعبه، وتجاوز خمسة منافسين، بمن فيهم حارس مرمى إنجلترا، قبل أن يسدد الكرة في الشباك.
وفي خطواته، أوهم مارادونا اللاعبين بأنه سيغير اتجاهه، وفي النهاية سجل هدفًا دون أن يضطر إلى القيام بذلك فعلًا.
قال "كينج"، إن طريقة مارادونا هي التي يجب على محافظي البنوك المركزية تعلمها، مشيرًا إلى هدفه الشهير الذي سجله بيده في المباراة نفسها، الذي يعتقد أنه كان بمثابة النهج القديم للبنوك المركزية المرتكز إلى الغموض، فهو متوقع ومخالف للقواعد، لكن في النهاية، كان "الحظ" عاملًا رئيسيًا في احتساب الهدف دون ملاحظة الخطأ.
ورغم ذلك، رأى "كينج" أن الهدف القائم على المراوغة هو الذي يجب أن يشغل صناع السياسة، حيث استجاب المدافعون لما توقعوا أن مارادونا سيفعله (التحرك لليمين أو اليسار)، بينما واصل اللاعب المضي قدمًا وهم قاموا بالعمل المطلوب نيابة عنه (الابتعاد).
ووجه نصيحته لصناع السياسات النقدية، بضرورة توجيه توقعات المستثمرين بشأن أسعار الفائدة في المستقبل ببراعة كافية، ومن الممكن تحقيق هدف التضخم دون تغيير السعر الرسمي للفائدة على الإطلاق.
هيمنة نظرية مارادونا
تتفاعل الأسواق على الأرجح مع توقعاتها لخطوات البنك المركزي لأسعار الفائدة، ما يمنحها القوة للتأثير على الأسواق دون أن تضطر فعليًا إلى اتخاذ خطوات كبيرة في السياسة، بحسب “كينج”، بينما وصف مقال على موقع مجموعة "راثبونز" البريطانية، هدف "مارادونا" بأنه مثالًا على قوة التوقعات في النظرية الحديثة لأسعار الفائدة.
هيمنت نظرية على صناع السياسة النقدية لفترة طويلة، إلا أنه بعد الأزمة المالية العالمية بجانب جائحة كورونا، تعالت أصوات بأن النظرية لم تعد فعالة، حيث ظلت أسعار الفائدة لفترات طويلة قريبة من الصفر، بينما يسعى المسؤولون إلى تحفيز اقتصاداتهم.
وفي ظل عدم قدرة البنوك المركزية على إجبار أسعار الفائدة قصيرة الأجل على الانخفاض أكثر، لجأ كثيرون إلى حل أشبه بنظرية "مارادونا"، من خلال طمأنة المستثمرين إلى أنهم لا يعتزمون رفع الفائدة في أي وقت قريب، بدعم من برامج التيسير الكمي لشراء كميات كبيرة من السندات، ففي حال رفع الفائدة ستتعرض البنوك المركزية لخسائر فادحة، وفي النهاية انخفضت العائدات طويلة الأجل إلى أدنى مستوياتها التاريخية.
البنك المركزي وخطة مارادونا
قال الخبير المصرفي، عز الدين حسانين، إن البنك المركزي لا يعتمد على توقعات الخبراء أو الأسواق، فهو يستند إلى بيانات دقيقة جدًا لمعدلات التضخم (الأساسي)، وهو أفضل من نظيرة (العام) الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأضاف حسانين لـ"تليجراف مصر"، أن البنك المركزي يأخذ في اعتباره الحسابات المحلية والإقليمية والعالمية والجيوسياسية، لبناء توقعاته للتضخم، مضيفًا أن حسابات المركزي مختلفة عن الخبراء، التي قد تصيب في الكثير من الأحيان.
وأكد الخبير المصرفي، أن صناع السياسة النقدية في مصر لا يعتمدون على تضليل السوق، فهم يصدرون بيانات حيادية تتناسب مع الأوضاع التي يرونها، بالتنسيق مع الحكومة، فقرارات المركزي تؤثر في جميع مؤشرات الاقتصاد الكلي من الاستثمار والناتج المحلي والإنفاق الحكومي، وغيره.
وأشار إلى أن البنك المركزي لا يأخذ قراراته بشكل منفرد، حيث يضم في عضويته ممثلًا عن وزارة المالية، للتنسيق مع البنك المركزي القرارات، ويقيس كل المتغيرات وتأثيرها في مصر.
في خطاب عام 2005، صرح "كينج"، إن بنك إنجلترا والبنوك المركزية الأخرى تمكنت في فترات من التأثير في مسار الاقتصاد دون تنفيذ بتحركات كبيرة في أسعار الفائدة، مثل "مارادونا" تمامًا، حيث توجهت في خط مستقيم لتحقيق أهدافها، مع عدم توقع الأسواق المالية الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة آنذاك، مرجحة تحركها إما صعودًا أو هبوطًا.
في يناير الماضي، أكد اقتصاديو “بنك أوف أمريكا”، أن نظرية "مارادونا" لأسعار الفائدة "ما زالت على قيد الحياة، مشيرين (قبل بيانات التضخم الأمريكية المخيبة للآمال في الربع الأول) إلى أن الفيدرالي يعتمدها في معركته للسيطرة على التضخم، وهي الطريقة التي تدير بها البنوك المركزية السياسة النقدية في بعض الأحيان، من إيهام الأسواق تعتقد بأنها ستتحرك في اتجاه معين، لتجري عملية (التيسير - التشديد) بالنيابة عنها.

الأكثر قراءة
-
الرقصة الأخيرة.. لحظة القبض على "طارق ميشو" بالإسكندرية (صور)
-
مشاجرة بأكياس الشطة.. "خناقة" في الشروق تنتهي بإصابة أسرة كاملة
-
عمرهما 5 سنوات.. ضبط مدرس خدش براءة صغيرتين بحضانة مدرسة دولية بأكتوبر
-
ما يحدث تهديد لاتفاقية السلام القائمة.. رسالة حاسمة من السيسي لـ إسرائيل
-
لماذا امتنعت تونس والعراق وإيران عن التصويت على حل الدولتين؟.. أستاذ علوم سياسية يوضح
-
"المشردة المثقفة".. "ولاء" أنهكتها قسوة الحياة فقررت عشق الشارع
-
ضبط شقيقين بحوزتهما مواد مخدرة وأسلحة نارية في الفيوم
-
وزنها 600 جرام.. تحقيقات موسعة حول سرقة أسورة الملك بسوسنس الأول

أخبار ذات صلة
أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين.. تحركات طفيفة للطن
15 سبتمبر 2025 08:30 م
تفاصيل قرض الموظفين بالبنك الأهلي دون ضامن.. المستندات المطلوبة
15 سبتمبر 2025 07:18 م
صافي الأصول الأجنبية يسجل فائضا جديدا في "المركزي".. كم بلغ؟
15 سبتمبر 2025 02:16 م
تراجع جديد.. أسعار الفضة اليوم الإثنين في الأسواق المحلية
15 سبتمبر 2025 06:15 م
25 نقطة أساس.. توقعات بخفض الفائدة الأمريكية رغم التضخم
15 سبتمبر 2025 05:25 م
ترامب يلمح إلى اتفاق محتمل مع الصين بشأن "تيك توك"
15 سبتمبر 2025 04:33 م
لأول مرة منذ 5 سنوات.. ما سر شراء ماسك أسهما في تسلا بمليار دولار؟
15 سبتمبر 2025 03:41 م
شعبة المستوردين: رفع الاستثمارات الأجنبية 20% بنهاية 2025 خطوة فارقة
15 سبتمبر 2025 02:53 م
أكثر الكلمات انتشاراً