الأحد، 16 يونيو 2024

10:48 ص

"الفاجومي".. شيطان الشعر يوحي إليه بـ"المقشة ورغوة المواعين"

أحمد فؤاد نجم

أحمد فؤاد نجم

منى الصاوي

A A

“لم يغب أبي وذكرياته عن خاطري، لم يكن ذكرى في يوم، كان دومًا حاضرًا، لن أروي إلا قصتي (قصته) عبر كاميرا مثبتة في حدقة عين طفلة ثم مراهقة ثم شابة عاشت في ظل شخص استثنائي على المستويين الإبداعي والإنساني، تمرّ بأحداث لم تفهم بعضها، وطبَّعت مع جُلها باعتبار أن هذه طبيعة الأشياء، ثم تبينت حين نضجت أنها ليست كذلك، وأن هناك تجربة إنسانية تستحق أن تُروى حتى إن بدت عادية”.

أحمد فؤاد نجم

حياة “الفاجومي”

كلمات دونتها نوارة نجم، ابنة شاعر العامية الراحل أحمد فؤاد نجم، الشهير بـ"الفاجومي"، في صدر كتابها  وأنت السبب يابا".

حياة أشبه بالخيال، مآسيٍ وأوجاع وبكاء ودموع، وقليل من الراحة، بهذه الكلمات بدأت نوارة نجم حديثها لـ"تليجراف مصر"، في ذكرى ميلاد والدها المثير للجدل دائمًا.

أنت السبب يابا

تروي نوارة نجم ما بقي في ذاكرتها من حكايات والدها عن طفولته، فبالرغم من انتمائه لعائلة من أكبر عائلات محافظة الشرقية "عائلة نجم"، إذ كانوا يعيشون في سرايا كبيرة، ويمتلكون عددًا كبيرًا من الاسطبلات، إلا أن "الفاجومي" عاش طفولة مؤلمة وصعبة جدًا.

طفولة قاسية

تقول الابنة البارة بـ "نجم"، إن جدها لأبيها كان ضابطًا بالشرطة، وتوفي في الوقت الذي كان فيه أحمد فؤاد نجم طفلا في الخامسة من عمره، وتولى أمره والوصاية عليه "عمه" الأكبر.

الأيتام لا يتعلمون

في عرف عم والدي، الأيتام لا يتعلمون، على حد وصف نوارة نجم.
تضيف، والدي كان يتمتع بذكاء فطري وجرأة كبيرة منذ أن كان طفلًا، وكان يستخدم تعبيرات حادة ولاذعة للتعبير عما بداخله، واصفة إياه بـ "لسانه متبري منه".

أحمد فؤاد نجم

خادم السرايا

وعن حياة والدها في سرايا عمه، تقول نوارة نجم إنه كان يعمل خادمًا عنده، ويقسو عليه للحد الذي كان يضعه وسط عمال الغيطان والفلاحين لجمع المحاصيل، وكان دائمًا ما يردد حينذاك.. " الأرض دي أرضي وعمي سرقها".

ذكاء بالفطرة

"الخدام نبيهًا عنك"، روت نوارة نجم موقفًا كان بمثابة الجرح في قلب والدها على حد وصفها، حين جاء مدرسًا خصوصيًا لابن عم والدي ليحصل بعض الدروس في اللغة الإنجليزية، ومن شدة ذكاء أحمد فؤاد نجم، تفاعل مع المعلم وبدأ يجيب على الأسئلة الموجهة لابن عمه.

صاحب البيت

انتبه المعلم لفطنة والدي، وردد تلك الكلمات الجارحة، الأمر الذي أصاب ذلك الطفل بنوبة من الغضب ووبخ المدرس قائلًا " أنا مش خدام.. أنا صاحب السرايا دي، أبو الولد ده بيأكل من الحرام عشان كده ربنا مش مبارك له في أولاده".

أحمد فؤاد نجم

شاعر البسطاء والكادحين

تؤكد نوارة نجم أن الطفولة القاسية والظروف الصعبة التي حاوطت والدها في فترة نشأته، شكلت هويته عندما كان شابًا، فكان أكثر ما يسعده تجمع الناس حوله، إذ كان يميل دائمًا للاختلاط بالبسطاء والكادحين، إذ عانى الكثير من الفقر والعوز، ليصبح أحد أشهر شعراء مصر والعرب في القرن العشرين.

احتفالات خاصة

عيد ميلاد أحمد فؤاد نجم لم يكن يومًا عاديًا في العام، بل كان يجتمع فيه كل أحبائه وأصدقائه من الوسط الفني وخارجه، ويحتفلون بطريقتهم الخاصة باسترجاع الذكريات والغناء والرقص.

شخصيات عامة

وعن أبرز الشخصيات العامة التي كانت تداوم على حضور عيد ميلاد " الفاجومي"، تقول نوارة نجم أن على الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح وحمدي رؤوف، والفنان سعيد طرابيك، والفنان سعيد صالح، كانوا يحرصون على الاحتفال بـ "نجمهم"، قائلة، "بابا مكنش بيحب الهدايا".

جلبية وقلم ونضارة

"الجلبية والقلم والنضارة"، أكثر الهدايا التي جاءت لأحمد فؤاد نجم وسعد بها، إذ لم يكن يهتم بقيمة الهدية أو ثمنها، بل كان اهتمامه ينصب في مدى استفادته واحتياجه من الهدايا.

أحمد فؤاد نجم

رجل بقلب طفل

أحمد فؤاد نجم رجل بقلب طفل، هكذا كان يتعامل مع أحفاده، وعن استقبال حفيدته الأولى " صفاء"، لم يكن "نجم" متواجدًا بمصر حينذاك، حيث كان بحدث فني في سوريا، بحسب ما قالته نوارة.

حظ سيئ

تضيف، " أبويا كان حظه وحش مع أحفاده"، لافتة إلى أنه توفي قبل ولادتها لـ "فاطمة" ابنتها قبل ولادتها بأسبوعين.

الفنان أحمد فؤاد نجم صاحب الكلمات "المعزوفة"، كان يصبح على صوت فيروز بأغنيتها "يا دارة دوري بينا"، وفي المساء يختتم يومه بصوت الست في "رق الحبيب"، وعن لحظات اكتئابه وغضبه، كان يهدأ بترتيل الشيخ مصطفى إسماعيل.

يا موج بحر الليالي

وعن أصعب المواقف التي مرت بنجم الأب، اكتفت نوارة بذكر مقطع من قصيدته الشهيرة " يا موج بحر الليالي.. عديتك وأنت عالي، ودفعت المهر غالي بالأيام والسنين".

رد سجون

وذكرت نوارة موقفًا صعبًا مر على والدها، عندما علم بخبر القبض عليها عام 1995، قائلة، "أبويا رد سجون لكنه دخل أوضته وقعد يعيط لوحده".

أحمد فؤاد نجم

أصوات من السماء

وعن الأصوات الجديدة التي كانت تأخذ "الفاجومي" في حالة من "السلطنة"، تقول إنه كان يحب الفنان مدحت صالح، وعلي الحجار، ومحمد الحلو، والفنان محمد محسن.

شيرين وإليسا

وعن الأصوات النسائية فيميل نجم إلى صوت الفنانة شيرين عبد الوهاب، والفنانة اللبنانية إليسا.

شفيقة ومتولي

أحمد فؤاد نجم كان يبكي وترقرق عينه بالدموع حين يشاهد "السندريلا" سعاد حسني في فيلمي " شفيقة ومتولي، وموعد على العشاء"، بينما كان الفنان سعيد صالح قادرًا على انتشال القهقهات من قلب أبي بمنتهى المرونة والخفة، على حد وصف نوارة.

الإنسانية تجمعنا

الفنان سعيد صالح كان أكثر الفنانين قربًا لأحمد فؤاد نجم، إذ كانت تجمعهم الإنسانية، وجبر خواطر الفئات المهمشة والأكثر فقرًا واحتياجًا، والعمال والدراويش والكادحين.

وعن الجيل الحديث، كان يروق لـ "نجم" مشاهدة الأعمال الفنية للفنانة منة شلبي، والفنان صبري فواز، والفنان الراحل خالد صالح.

أهلاوي متعصب

"الفاجومي" مشجع أهلاوي متعصب، إذ كان يرقص كما الأطفال عند فوز القلعة الحمراء بأي بطولة، وكان عاشقًا لنجم النادي الأهلي ومنتخب مصر محمد أبو تريكة والكابتن محمود الخطيب، لافتة إلى أنها مشجعة للنادي الزمالك، وكانا دائما المناوشات الفكاهية فيما بينهما، "كنا بنحفل على بعض".

فول ومحشي كرنب

وعن أكثر الأكلات التي كان يحبها أحمد فؤاد نجم، تقول نوارة "الفول ومحشي الكرنب"، أما عن لونه المفضل فكان مائلًا للأخضر، إذ كان يميل للجلوس والعيش في المناطق المكتسية بالزرع والخضرة، إذ كان يميل للزراعة والفلاحة منذ أن كان طفلًا وحتى بعدما شاب.

مدونات بخط يد أحمد فؤاد نجم

وحي الإبداع

وعن طقوسه في الكتابة، تقول نوارة نجم إن حالة غريبة كانت تسيطر على والدها حين يطرأ على باله فكرة ما، إذ يقوم مسرعًا ويمسك المكنسة " المقشة"، ثم ينتقل بعد ذلك إلى المطبخ لغسل الأواني "المواعين"، وفي هذا الوقت تحديدًا يصمت الجميع ويتركه لشأنه.

مدونات بخط يد أحمد فؤاد نجم

مقشة ومواعين

يعود نجم مجددًا للجلوس مع أسرته ويبدأ في تدوين ما خطر بباله أثناء عملية التنظيف، على ورق، إذ كان يمتلك ذاكرة فوتوغرافية قوية.

ذكرى ميلاد الفاجومي

تحل اليوم الأربعاء ذكرى ميلاد شاعر العامية المصري أحمد فؤاد نجم، الشهير بلقب "الفاجومي". 
وُلد نجم في 22 مايو 1929، ويُعد ظاهرة شعرية فريدة، إذ تجسدت في قصائده روح الاحتجاج الشعبي، وأصبح أيقونة الشارع المصري، وشاعر البسطاء اللاذع.

مدونات بخط يد أحمد فؤاد نجم
search