الأربعاء، 14 مايو 2025

07:43 ص

حروب الجيل الخامس.. ساحة جديدة للصراع في زمن الأزمات

حروب الجيل الخامس

حروب الجيل الخامس

هدير يوسف

A .A

في عالم مليء بالصراعات أصبح مفهوم الحرب أكثر تعقيدًا، حروب الجيل الخامس تمثل تحولًا جذريًا في الصراعات المعاصرة، حيث يتم استهداف العقول والثقافات بشكل مباشر، بدلاً من المواجهات العسكرية التقليدية، يسلط هذا التطور الضوء على ضرورة إدراك الشعوب والحكومات للتهديدات الجديدة التي تتجاوز مجرد الاستخدام المباشر للأسلحة. 

وتستهدف هذه الحروب النسيج الاجتماعي والوطني، مستندة إلى أدوات إعلامية وتكنولوجية متقدمة تهدف إلى زعزعة الثقة بين المواطنين وقياداتهم. وفي هذا السياق، يبرز دور الخبراء العسكريين كحجر زاوية لفهم هذه الديناميكيات وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهتها.

التأثير على العقول

قال مؤسس المخابرات القطرية والخبير العسكري، اللواء محمود منصور، إن حروب الجيل الخامس ليست مطابقة للحروب المعروفة التي يستخدم فيها الأسلحة لدى طرفي الصراع، وإنما تبدأ بعمليات موجهة إلى مواطني الدولة بالأخص، والتي تتوجه إلى عقل المواطن وثقافته ومبادئه، مشيرًا إلى أنه يتم استخدام جميع الأساليب المتاحة للتأثير على العقول منها الإعلام بأذرعه (المرئي والمسموع والمقروء).

القنوات الموجهة

وأضاف منصور في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أنه هناك العديد من القنوات الموجهة ضد مصر وغيرها من الدول، وتعتبر ليست حديثة، لأنه تم استخدام إذاعات موجهة للعالم العربي قديمًا منها صوت أمريكا وقناة بي بي سي في لندن وبعض القنوات الموجهة من إسرائيل في السبعينات والإخوان في الفترة الأخيرة، موضحًا أنه الفترة الحالية تشهد التركيز على استخدام هذا الأسلوب في الصراع.

واستشهد منصور، بالمفاوضات التي تتم حول سد النهضة، حيث أن الدولة لديها إمكانية دخول حرب عسكرية لحماية مياه النيل، ولكن الأصعب والأفضل أن نتوجه للشعب الإثيوبي بأساليب ضغط أخرى من خلال التواجد المصري في القرن الأفريقي بشكل متوسع، والذي وصفه بالصراع الناعم والذي يهدف إلى تحقيق الأهداف المصرية للحفاظ على حقوقها في مياه النيل.

الاهتمام بعقول الشعوب

وأكمل منصور، أن الشعوب التي قد تواجه صراعات يجب أن تهتم بثقافة ورؤية شعوبها، حتى لا تكون لقمة سائغة في متناول الجهات المعادية على حد قوله، موضحًا أن الدولة تحاول تقليص نشاط الجماعات المتطرفة، أن الفكر المتطرف منافً للواقع ويبحث عن أهداف محدودة وغير واقعية في معترك السياسة.

القوى الناعمة

وأوضح مؤسس المخابرات القطرية، أن أمريكا توجه وسائل الإعلام في حروب الجيل الخامس منها قنوات عربية معروفة، مستكملًا أن إيران أيضًا تستخدم في هذه الحرب الكيانات الموالية لها مقابل الالتقاء على المصالح المادية وليست الفكرية، مضيفًا أن كل ذلك هو زحف ناعم تفعله إيران دون أن تطلق رصاصة واحدة ردًا على ما تفعله إسرائيل، وإيران أضعف من الدخول في صراع معها، وبالتالي تلجأ إلى أذرعها الممتدة على ساحة المشرق العربي بدءا من حزب الله في لبنان وحتى الحوثيين في اليمن. 

ونوه بأن وقاية الشعب تبدأ وتنتهي عند نقطة واحدة وهي سلامة مخ المواطن المصري، وأن يكون مؤمنا بالجهود الإيجابية التي يبذلها الحكام في كل المجالات مثل مجالات الصحة والتعليم والصناعة وغيرها من المجالات التي تهمه، وبالتالي هذا يساعده على تقريب وجهات النظر بين الحكومة والشعب من خلال إشعار الشعب بالجهود المبذولة من أجلهم. 

الحرب السيبرانية

ومن جانبه ذكر رئيس أركان الحرب الكيميائية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، اللواء محمد الشهاوي، أن الحروب تغيرت من الحروب التقليدية إلى غير التقليدية ومنها حروب الجيل الخامس، والتي تعتمد على التكنولوجيا ووسائل الإعلام والإرهاب باستخدام الأسلحة الحديثة مثل الحرب السيبرانية، والتي تجعل الدولة دائمًا مستنفذة بسبب تواجد الكثير من العناصر التي تحاربها، وخاصةً المنظمات غير الفاعلة أو منظمات من الدولة الخارجية.

سلاح الاضطراب الشامل

وأضاف الشهاوي في تصريحات لـ "تليجراف مصر" أن تلك الحروب تهدف إلى فقد الثقة بين الشعب وحكومته وقيادته السياسية وتحريض طوائف الشعب المختلفة على بعض وزعزعة الإستقرار، موضحًا أن حروب الجيل الأول وحتى الرابع تسمى بالحروب "اللامتماثلة" أي بين قوتين متماثلتين مثل جيش نظامي وبين ميليشيات مسلحة مثل الجماعات المسلحة.

وأكمل عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنها تختلف عن حروب الجيل الخامس التي تعتمد على التكنولوجيا وتعتمد على سلاح جديد وهو سلاح "الاضطراب الشامل" والذي يستخدم في الحصار الاقتصادي والحصار السياسي والإعلام والحرب السيبرانية، وما شهدناه في لبنان من تفجير أجهزة البيجر والأجهزة اللاسلكية واغتيال القيادات السياسية هو نوع من الحروب الجديدة.

واختتم بأن حروب الجيل الخامس يتم مجابهتها من خلال الدولة وإدراك التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري ويجب على المسؤولين العمل على توضيح الحقائق للشعب حتى لا يكون هناك فرقة بين طوائفه المختلفة.

search