السبت، 27 ديسمبر 2025

07:17 ص

فوز مصري صعب؛ على نغمات الموتور الخربان| خارج حدود الأدب

بأداء بطولي، تخطّى المنتخب المصري المنتخب الجنوب أفريقي، وسط تألق عام لكافة عناصر المنتخب الفنية قبل التنفيذية على أرض الملعب، بامتياز وأفضلية وتفوق واضح خلال مجريات النصف الأول من المباراة، وبفدائية وتفانٍ منقطع النظير خلال النصف الثاني حينما كان يلعب المنتخب منقوص العدد، أداء ونتيجة تدعو إلى الفخر والفرحة بذلك الانسجام بين اللاعبين، والأدوار التكتيكية المحكمة، والتغييرات والقيادة الفنية الممتازة من على الخطوط.

لكن ما من فرحة إلا ولها نغيص، وما من حالة وجد إلا ولها عذول، وما من نغمة عذبة إلا ومن ورائها نكير، فقد كانت فرحة اليوم منقوصة بفعل فاعل، وكذلك فرحة الفوز الأول على منتخب زيمبابوي، وكأن السادة القائمين على القنوات الرياضية القطرية، والتي تتمتع بالحقوق الحصرية للبطولة، يصرون على تعكير صفو أي فرحة مصرية بهذا الموتور الخربان، الذي لا يكف عن الأزيز المزعج طوال المباراة.

حينما تشاهد وتتابع أية مباراة لأي منتخب عربي بنفس البطولة، تستمتع وتتمتع بالتعليق الحماسي المنضبط، المتماشي مع أحداث وتطورات المباراة، انفعالات وتعليقات وتشجيع حماسي، كفيل بأن يجعل المشاهد يعيش تجربة تشجيعية متكاملة، إلا المشجع المصري، الذي قُدِّر وكُدِّر له أن يستمع إلى أرقام وحوارات وتعليقات سخيفة طوال المباراة، إحصائيات فاسدة وأخبار لا تمت للمباراة بصلة، بل وتعليق بلون واحد على مباراة لمنتخب يحمل ألوان علم مصر الكاملة.

في حالة الشك لصالح المنتخب، وقت الإثارة وارتفاع بار الأدرينالين للسماء، تجد التعليق المائع والفاتر الذي يثبط الهمم ويقتل الأمل، وأوقات الشك للطرف المنافس، تجد التعليق الخانع المنكسر الذي يكسر القلوب حتى دون التثبت من النتيجة، بل إنك تستطيع أن تميز بلا مجال للشك كم هو موتور نحو لون بعينه ومنحاز إلى لون آخر.

والغريب إذا ما تساءلت عن مقومات ذلك الموتور الخربان، تجده لا يعلم من قوانين التحكيم إلا ما مضى، ومن علوم التدريب والكرة إلا ما انقضى، ومن الإحصائيات والأخبار إلا ما يزعجك ويشتت تركيزك ويدفعك دفعًا نحو إغلاق الصوت أو البحث عن معلق آخر.

واستكمالًا لتلك المهزلة، يكفي أن تعلم أن اليوم كان أحد أصدقائي يعايرني أنه استطاع مشاهدة المباراة بمعلق مغربي، بينما أنا ما زلت أبحث عن مسكن لإطفاء النار التي أشعلها الموتور الخربان.

في النهاية، يبدو أن هذا القدر لا يستطيع أن ينقذنا منه إلا القدر، فاللهم اعتزال أو تقاعد لذلك الموتور الخربان؛ الذي أخرجنا جميعًا خارج حدود الأدب.

search