الخميس، 29 مايو 2025

07:10 م

بعد خفض الفائدة.. كيف تتأثر ثنائية الأموال الساخنة والديون؟

خفض الفائدة

خفض الفائدة

واصل البنك المركزي، خفض الفائدة متجاهلًا تحذيرات صندوق النقد الدولي، ليبلغ إجمالي التخفيضات 325 نقطة أساس، في خطوة تثير تساؤلات حول تأثير ذلك على تدفقات الأموال الساخنة في السوق المحلية من جهة وتأثير الخفض على أعباء الديون من جهة أخرى.

وأوضح أستاذ الاستثمار والتمويل، الدكتور فهد جاهين، أن خفض الفائدة في حد ذاته قرار إيجابي يخدم الاقتصاد الوطني عبر تحفيز معدلات النمو الاقتصادي والاستثمار وتنشيط عجلة الإنتاج. 

جاذبية السوق للأموال الساخنة

وأضاف جاهين، لـ"تليجراف مصر" أن خفض الفائدة أيضًا سيسهم في خفض أعباء الدين العام وبالتبعية عجز الموازنة، إذ يقابل كل خفض بمقدار 100 نقطة أساس تراجعًا في أعباء الدين بقرابة 60 مليار جنيه.

وأكد أن خفض الفائدة حتى اللحظة لا يزال في الحدود الآمنة التي تحافظ على جاذبية السوق المحلية للأموال الساخنة (الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين والأسهم).

وأوضح أنه من غير المتوقع أن يؤثر بشكل كبير على حركة تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر، مؤكدًا أن معدل الفائدة الحقيقية لا يزال جاذبًا مقارنة ببباقي الأسواق المنافسة.

وتابع: “يمكنا القول إن البنك المركزي يسعى لتحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار عبر فتح الباب بحذر لدورة تيسير نقدي”.

وقرر البنك المركزي، في اجتماع الخميس الماضي، خفض الفائدة بواقع 1%، بعد أن خفضها في اجتماع أبريل بـ2.25%، مؤكدًا في بيانه أن القرار يحقق التوازن بين التحوط من المخاطر السائدة والحيز المتاح للمضي قدمًا في دورة التيسير النقدي، بدعم من تراجع حدة المخاطر الصعودية المحيطة بآفاق التضخم في ضوء تراجع حدة التوترات التجارية، وتطورات سعر الصرف الحالية.

في أول عطاء ينظمه البنك المركزي، في أبريل الماضي، عقب خفض الفائدة لأول مرة منذ نوفمبر 2020، بلغ صافي مشتريات الأجانب في أدوات الدين الحكومية نحو 71 مليون دولار، دون أن تسجل انخفاضًا ملحوظًا مقارنة بالمستويات السابقة، في مؤشر على أن الخفض بواقع 225 نقطة أساس كان متوقعًا وغير مؤثر على حركة تدفقات الأموال الساخنة بالدرجة التي تحدث فارقًا بالمشهد.

خفض مشوب بالحذر

رأى رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، مصطفى شفيع، أن قرار البنك المركزي الصادر الخميس الماضي يمكن وصفه بأنه خفض يشوبه الحذر، وبالتالي لن يحدث فارقًا كبيرًا في حركة تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر أو ما يعرف بالأموال الساخنة.

وأضاف أن المستثمرين الأجانب لا يزالوا يطالبون بعوائد مرتفعة على أدوات الدين المحلية، لذا البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية بالفعل بدأ يخفض المقبول في عطاءات الأذون والسندات، وخلال الأسبوع الماضي نظّم عطاءً لجمع 12 مليار جنيه، لكنه قبل عروض شراء بـ2 مليار جنيه فقط، نظرًا لارتفاع العائد المطلوب من قبل المستثمرين. 

وزاد بأن المستثمرين الأجانب لا يزالوا يطالبون بعوائد مرتفعة تتراوح بين 27 و30% نتيجة لعوامل عدة، أبرزها ارتفاع حالة عدم اليقين عالميًا والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، متوقعًا أن تظل تدفقات الأموال الساخنة شبه مستقرة ما لم يحدث خفض كبير في الفائدة. 

وأشار إلى أن سعر الفائدة ليس العامل الوحيد الذي يؤثر على شهية مستثمري الأموال الساخنة، إذ هناك عوامل أخرى مثل سعر الصرف، مدى إيجابية تقارير المؤسسات العالمية بشأن الاقتصاد المصري، مدى ارتفاع أو انخفاض المخاطر المالية محليًا وعالميًا، وكذلك التوترات الجيوسياسية. 

كيف تتأثر الموازنة بالخفض؟ 

ورأى شفيع أن مواصلة خفض الفائدة رغم استمرار المخاطر المتعلقة بارتفاع معدلات التضخم يعكس رغبة الحكومة في خفض فوائد الديون وأعبائها التي تثقل كاهل الموازنة، إذ تستحوذ مدفوعات الفوائد وحدها على ما يتراوح بين 50 و60% من المصروفات العامة.

خلال موازنة العام المالي المقبل قدرت الحكومة مدفوعات الفوائد بقرابة 2.3 تريليون جنيه، ما يمثل نحو 50.2% من إجمالي المصروفات البالغة 4.6 تريليون جنيه، وبذلك تمثل مدفوعات فوائد الديون قرابة 11.3% من الناتج المحلي للدولة. 

وأضاف شفيع، أنه وفقًا لتصريحات سابقة لوزير المالية، خفض الفائدة بمقدار 1% من شأنه توفير نحو 60 مليار جنيه للموازنة العامة تحديدًا من أعباء الديون، وبالتبعية أي خفض سينعكس إيجابًا على عجز الموازنة ويخفض الحاجة لمزيد من الاستدانة وإصدارات أدوات الدين المحملة بالفوائد المرتفعة، على نحو يدفع باتجاه الوفاء بمتطلبات صندوق النقد المتعلقة بخفض المصروفات العامة وأعباء الديون على نحو يعزز استقرار الاقتصاد ويحد المخاطر المالية.

حتى اللحظة خفضّ البنك المركزي الفائدة بواقع 3.25%، ومن المتوقع أن يقابل هذا وفرًا في الموازنة يتراوح بين 195 مليار جنيه و260 مليار جنيه، ما لم تُقدم الحكومة خلال الفترة المقبلة على تسريع وتيرة إصدارات الديون، إذ سبق وأعلنت أنها ستصدر أذونًا وسندات بأكثر من 2 تريليون جنيه خلال الربع الحالي من العام المالي لسد فجوة التمويل بنهاية العام المالي الحالي.

مطلع العام الحالي، رجّح بنك جولدمان ساكس أن تنخفض أسعار الفائدة في مصر بأكثر من 14% على مدار 2025 وأن تظل الفائدة الحقيقة عند مستويات إيجابية.

search