الأربعاء، 12 فبراير 2025

12:24 م

تامر إبراهيم يكتب: الدموي مهندس التسليح.. قراءة في عقل رئيس الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي

تامر إبراهيم

تامر إبراهيم

بات إيال زامير رئيسًا جديدًا لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بعد 38 عامًا قضاها في خدمة جيش الدفاع بمختلف المناصب، اختتمها بمنصب المدير العام لوزارة الدفاع قبل أن يتم تسميته رئيسًا جديدًا لهيئة الأركان.

زامير الذي له تاريخ طويل في سلاح المدرعات، وسجل اسمه في قائمة الضباط المهمين داخل جيش الاحتلال، له رؤيته الخاصة، وفلسفته التي يمكن من خلالها إجراء قراءة في عقل الرجل الذي سيكون القائد الأهم في جيش الاحتلال، في توقيت حساس تشير عقاربه إلى اقتراب ساعة الحرب الإقليمية الواسعة.

مقاتل دموي

زامير ليس مجرد قائد عسكري له باع داخل جيش الاحتلال، بل هو شخص دموي للغاية، كان قائدًا ميدانيًا أو مخططًا لعمليات كثيرة وعديدة استهدفت الفلسطينيين داخل قطاع غزة أو في باقي القطاعات.


شارك رئيس الأركان الجديد في العديد من العمليات العسكرية، منذ  أن  أصبح مقاتلا في سلاح المدرعات بثمانينيات القرن الماضي، لكن أبرز العمليات التي شارك فيها عملية "السور الواقي" عام 2002 بمدينة جنين الفلسطينية،  فضلا عن عملية "الرصاص المصبوب"  عام 2008 ، وكان وقتها رئيس  أركان القوات البرية،  واستهدفت العملية قطاع غزة ، ثم عملية " عامود السحاب"  عام 2012 وعين بعدها سكرتيرًا عسكريً ا لرئيس الوزراء نتنياهو .


مهندس تسليح الجيش

ينظر  إلى إيال زامير بوصفه مهندس تسليح جيش الدفاع الإسرائيلي، فالرجل يجيد عقد الصفقات التسليحية ولديه رؤية واسعة حول تطوير قدرات جيش الاحتلال، ولعب دورًا بارزًا في إمداد الكيان بالسلاح إبان الحرب الأخيرة ضد قطاع غزة ولبنان وسوريا وإيران.

آخر صفقات زامير كان العقد الذي تم توقيعه بشأن المساعدات العسكرية الأمريكية الأخيرة، والتي تتضمن إنفاق 5.2 مليار دولار لتعزيز وتحديث أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي لدولة الاحتلال.

"لقد تربينا على مبدأ يقول إن دولة إسرائيل ستدافع عن نفسها بنفسها، والآن أقولك لكم إن إسرائيل ستنتج أسلحتها الخاصة بشكل مستقبل، في مواجهة أي تهديد أو سيناريو. وخلال الحرب، أعدنا تشغيل خطوط الإنتاج التي كانت مغلقة، ووسعنا خطوط الإنتاج القائمة، وأنشأنا قدرات تصنيع جديدة"، تلك كانت كلمات زامير، التي تعكس الدور الذي لعبه على صعيد إعادة تشغيل خطوط إنتاج كانت مغلقة إبان الحرب على قطاع غزة، والتوسع في الصناعات العسكرية المحلية.

يؤمن رئيس أركان إسرائيل الجديد، أن العالم في سباق تسلح، ويقول: "في منطقتنا، لا مجال للرحمة. جيراننا، من إيران إلى غزة، من اليمن إلى بيروت ودمشق، يسيئون الحكم علينا. شعب إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي قوي. في لحظات الأزمة، تظهر روح القتال في شعبنا. يجب أن نحيي جيش الدفاع الإسرائيلي وجنوده وقادته. لقد أنقذوا دولة إسرائيل. زودت وزارة الدفاع جيش الدفاع الإسرائيلي بالأدوات والدعم وشبكة الأمان اللازمة لإكمال مهمته".

الذكاء الاصطناعي والروبوتات القتالية

وقتما كان زامير مديرًا عامًا لوزارة الدفاع الإسرائيلية، تحدث خلال القمة الدولية للتكنولوجيا الدفاعية، وباعتباره مهندسًا للتسليح، تحدث عن إيمانه باستخدام التكنولوجيا الحديثة بشكل متكامل في التسليح والقتال.

قال زامير وقتها، إنه يتوقع أن تقود روبوتات الذكاء الاصطناعي ساحات المعارك في البر والبحر والجو خلال العقد المقبل.

يرى رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد، أن الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة بالكامل، وفي المستقبل ستكون ساحات المعارك مكونة من وحدات قتال وأنظمة تكنولوجية تقاتل معًا، بل وفي بعض الأحيان ستكون الأنظمة التكنولوجية وحدات قتالية مستقلة في الميدان. وسوف تهيمن الروبوتات الذكية على ساحات المعارك، مؤكدًا أن إسرائيل بحاجة لتضمين هذه القدرات لتصبح أكثر كفاءة.

إذا فهو ليس فقط مهندس التسليح التقليدي ويجيد عقد الصفقات الكبرى، بل هو أيضًا أحد المهتمين وبشدة في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الأعمال القتالية، ومن خلال هذا الإيمان يمكن أن نلاحظ دوره الكبير وقتما كان مديرًا عامًا لوزارة الدفاع، في الدفع بتلك التكنولوجيا في الحرب على قطاع غزة، والجبهات التي تحارب عليها إسرائيل.

عدو إيران الخطير

تعاون إيال زامير مع معهد واشنطن للدراسات ونشر عدة أوراق بحثية، تناولت في المقام الأول شكل الصدام بين تل أبيب وطهران، وكشفت رؤيته تجاه المعارك الخفية والمعلنة مع إيران.

لا يؤمن زامير بالسلام ويفضل الحرب دائمًا، وعبر عن ذلك عدة مرات في كتاباته المنشورة، فعلى سبيل المثال يرى أنه لابد من تنفيذ المزيد من الهجمات ضد إيران، تستهدف المنشآت الحيوية ومصانع التسليح ومنصات الصواريخ والدفاعات الجوية.
العمل السري من ضمن استراتيجيات زامير ضد الأعداء، فهو يرى حتمية استخدام ذلك النوع من العمليات للإضرار بالحرس الثوري الإيراني، لتدمير قدراته بشكل كامل، وبالتالي ضرب وكلائه في سوريا ولبنان والعراق واليمن.

كما يؤمن الرجل بضرورة وحتمية تنفيذ عمليات اغتيال واسعة تطل أعداء إسرائيل، مستشهدًا بعملية قتل قاسم سليماني، أخطر رجال الحرس الثوري خاصة، وإيران عامة.


يميني متطرف آخر

لا يختلف إيال زامير عن بنيامين نتنياهو كثيرًا، فرغم كونهم أصدقاء مقربين، إلا أن ثمة شيء أكبر يجمع بينهما.

زامير ونتنياهو كلاهما يستخدم التوراة في المعارك، ويصبغها بصبغة دينية متطرفة، فرئيس الوزراء زعم أن هناك نبوءة في سفر أشعياء النبي، عليها أن تتحقق من خلال الحرب متعددة الجبهات التي تخوضها إسرائيل، بينما زامير استخدم التوراة -العهد القديم في الإنجيل-  في خطابه الآخير، حيث توعد الأعداء بآية: "سأطارد أعدائي فأدركهم، ولن أعود حتى أفنيهم"، وهي آية من مزامير داوود النبي.

ذلك التطرف الكبير انعكس في كلمات نطق بها زامير، إذ قال مرة: "سنثبت لعدونا أنه يواجه قبضة قوية وحازمة ومنتصرة". وقال أيضًا: "خلال الحرب، نهض جيش الدفاع الإسرائيلي من الأعماق. وهُزِم الأعداء على كافة الجبهات، ودُفِن قادتهم الآن تحت الأنقاض. لكن الحملة لم تنتهِ بعد، ولا تزال التحديات قائمة. وعلينا أن نتذكر الثمن الباهظ الذي دفعناه من أرواح وإصابات. وسيظل عام 2025 عام القتال".

ما علاقة مصر؟

تشن إسرائيل حربا نفسية وإعلامية ضد مصر لقبول تهجير سكان قطاع غزة إلى الداخل المصري، وبعد الرفض المصري الرسمي والشعبي، بدأ الإعلام العبري في توجيه الهجمات ضد مصر، وصلت إلى حد التهديد غير المباشر للرئيس عبد الفتاح السيسي بنفس مصير الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، الذي لقى حتفه في حادث طائرة غامض.

الحملة تزامنت مع قلق رسمي إسرائيلي تجاه القوة التسليحية للجيش المصري في السنوات الأخيرة، ووجود قوات عسكرية رفيعة المستوى في سيناء، وهو الأمر الذي يثير قلق نتنياهو والمقربين منه بعد الحرب ضد قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.

زامير المقرب للغاية من نتنياهو، هو مهندس التسليح الأول ورجل الصفقات مثلما هو الرجل المتطرف الذي يؤمن بأن الحرب هي من تخضع الجميع لا السلام، ما يعكس رؤية إسرائيل الجديدة وما تخطط له، أولا لجيش دفاعها، وثانيا لأعدائها، أي أن الرجل الذي يتوافق مع قائده الأعلى، سوف يكثف أعماله لأي مواجهة متوقعة ضد مصر.

search