إنهم يدعون لدين جديد!
فيما نحن مقبلون على أيام مباركة في شهر رمضان الفضيل، أجهّز نفسي للاستماع ومشاهدة برامج وعروض موسمية كفيلة بـ "فقع مرارة" أكثر البشر بروداً!
أشعر حين أشاهد كثيراً من البرامج الدينية - التي لم تعد حلقاتها تقتصر على المحطات الفضائية بعد أن وجدت طريقها إلى السوشيال ميديا- بأننا أمام دين جديد علينا اكتشافه واعتناقه!
برامج الفتاوى تحديداً، تعكس واقعًا مريرًا، وهو أن كثيرين لا يعانون فقط الضحالة في التفكير، بل إن لديهم إصرارا على إلغاء عقولهم والاعتماد على شخص آخر لتبرير تصرفات منافية للمنطق والدين، أو طرح أسئلة بالغة السخافة والسطحية!
هناك أسئلة نمطية ترتبط بالشهر الكريم، يجب أن نستعد نفسيًا لها من الآن، على شاكلة: هل يفطر استخدام معجون الأسنان في نهار رمضان؟!
ولا أخفيكم قولاً أنني -من باب الطرافة أحياناً- أتمنى أن أجلس مكان المفتي أو رجل الدين الذي يُستضاف في هذه البرامج حتى أردّ على هؤلاء، وأذكر أن أحدهم سأل ذات مرة عما إذا كان يجب عليه القضاء بسبب عجزه عن السيطرة على مشاعره مع زوجته في نهار رمضان!
والإشكالية لم تكن في السؤال إطلاقاً، فنحن منذ زمن المسلمين الأوائل نعرف أن هذا سلوك محظور خلال الصيام، لكنها تمثلت في المقدمة التي سبقت السؤال، إذ استغرق الرجل في وصف ما حدث، وكأنه يتعمّد إثارة المذيع والشيخ، شارحاً كيف أنه كان على سفر ثم زارته زوجته، وماذا كانت ترتدي حين حدثت الواقعة، والباقي يمكنكم تخيله، كما فعل كل المستمعين!
ومن عجائب هذه البرامج، أن رجال الدين يتجاوزون أحياناً إلى مسائل علمية بعيدة عن الدين، وأذكر أن سيدة سألت ذات مرة سؤالاً أصابني بحالة من الذهول، إذ دار حول العادة الشهرية، والفترة التي مرّت عليها، ثم مرورها بأعراض معينة!
تأكدوا أنني أبذل جهداً كبيراً في تنميق الكلمات، واختيار أكثرها تهذيباً، لأنها خاضت في تفاصيل لا يمكن أن تُنَاقش في العلن، وتخيّلت أن الشيخ سوف يتهرب من السؤال، لكنه كسائلته استفاض في شرح الفوارق بين امرأة وأخرى في هذا الجانب بالغ الحساسية!
ومن الأسئلة الطريفة كذلك، استفسار أحدهم عن شرعية صيامه بعد أن قبّلته زميلته على خده في نهار رمضان؟
تعجّبت من السؤال، وما إذا كان صاحبه يتوقع أن ينصحه الشيخ بأن يدير لها خده الآخر، لكن بكل أمانة لم يستفض المفتي كثيراً، أو يحاول معرفة نوع القبلة، مكتفياً بالرد، بأن هذا حرام سواء في نهار رمضان أو شباط الأول!!
يكفينا في شهر رمضان طوفان المسلسلات والبرامج التي لا تمتّ بأي صلة للشهر الفضيل، سواء من حيث المحتوى الذي يتناول كل الموبقات، ويجسد أسوأ نماذج البشر، أو الملابس التي لا تراعي أي حرمة أو قدسية، رغم قناعتي بأن كل نفس بما كسبت رهينة، وأننا جميعاً مخيّرون فيما نشاهد ونسمع، لكن رفقاً بنا فمرارتنا لا تتحمل!
هناك بديهيات وأحكام دينية أتمنى أن نتذكرها من الآن، حتى لا نضيع وقت شيوخنا في تأكيد المؤكد، وشرح المشروح، فلا داعي أن نسأل عن حكم شرب المياه أو تناول الطعام في حالة النسيان، وحكم الجماع، وغير ذلك من أسئلة بديهية وجنسية تتكرر مع إجاباتها منذ 14 قرنًا!
وبالله عليكم لديكم وقت كاف لتلبية رغباتكم بعد الإفطار وحتى مطلع الفجر، فلا داعي للانتظار حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الأسود، حتى لا تضطروا إلى توجيه أسئلة محرجة للمشايخ، عن الوضع الذي كنتم عليه حين سماع الأذان!
من الضروري أن نستعد روحانياً للشهر الكريم، بالتقرّب إلى الله، بالعبادة وفعل الخير، وتزكية النفوس وتهذيبها بنبذ الخلافات والتسامح، وإن كنت أرى أن هذا يجب أن يكون حالنا طوال العام وليس لشهر واحد فقط.. ورمضانكم كريم
الأكثر قراءة
-
أمطار بهذه المناطق، تفاصيل حالة الطقس غدًا الثلاثاء
-
تراجع درجات الحرارة، توقعات الطقس في القاهرة هذا الأسبوع
-
ريهام سعيد تعلن تكفل "صبايا الخير" بتسديد ديون والد "عروس المنوفية"
-
استدعاء مرتقب لنادية الجندي للتحقيق في بلاغ قذف وتشهير، ما القصة؟
-
في كأس العرب، المغرب يتقدم على الإمارات بالشوط الأول
-
طعنة غادرة بالقلب، والدة ضحية الشهامة ببورسعيد: ادعوا له
-
تردد القنوات الناقلة لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025
-
حظك اليوم توقعات برج القوس، أيام جيدة تنتظرك
مقالات ذات صلة
منظومة بلا محاسبة.. لماذا لم يعتذروا لنا؟
13 ديسمبر 2025 12:51 م
قضية "سيدز".. التجارة بالألم وعدالة "الحقيقة"
08 ديسمبر 2025 05:59 م
برلمان على حافة الفراغ!
30 نوفمبر 2025 07:10 م
رمضان المسكين.. هل يجب أن نتعاطف مع متهم لأنه نجم؟!
28 نوفمبر 2025 03:49 م
انتخابات كاشفة.. ومشاهد مؤلمة.. ووطن يحتاج الجميع
25 نوفمبر 2025 06:04 م
بيان الرئيس.. لحظة حاسمة لضبط النزاهة وحماية إرادة المصريين
17 نوفمبر 2025 01:27 م
ليسوا رجالاً.. وكلنا شركاء في الجريمة!!
14 نوفمبر 2025 04:46 م
من الورقة الدوارة إلى المرشح الفضائي.. هل ينتصر الناس لمن يستحقهم؟
09 نوفمبر 2025 02:11 م
أكثر الكلمات انتشاراً