الأحد، 15 يونيو 2025

04:08 م

صندوق النقد ومصر.. دعوة لتحرك حاسم وتحذير من 4 مخاطر

رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي مع مديرة صندوق النقد

رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي مع مديرة صندوق النقد

وافق صندوق النقد الدولي رسميا على صرف 1.2 مليار دولار لمصر، بعد استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه، مؤكدًا تقدم مصر باتجاه تعزيز الاستقرار الاقتصادي، لكنه أصدر تحذيرًا من 4 مخاطر رئيسية تشكل تحديًا أمام الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط.

واعتبر عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، محمد أنيس، أن قيمة الشريحة الرابعة لا تمثل أهمية كبرى، لكن صرفها يؤكد أن مصر ملتزمة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، وهذا هو المهم إذ يعزز الثقة في الاقتصاد الوطني.

علامات انتعاش 

وأوضح أنيس، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن مراجعات الصندوق تستهدف التأكد من مواصلة مصر لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها، ما يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي واستمرار تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر ودعم معدلات النمو.

وأشار إلى أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في برنامج الإصلاح منذ تحرير سعر الصرف في مارس 2024، وأوفت بالكثير فيما يتعلق بخفض فاتورة الدعم، كما تمكنت من تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي على نحو ملحوظ، رغم استمرار التحديات الخارجية، وأبرزها توترات البحر الأحمر وتأثيرها على عائدات قناة السويس.

وقال نائب المدير العام رئيس المجلس التنفيذي لصندوق النقد، نايجل كلارك، أمس، إن مصر أحرزت منذ مارس 2024، تقدمًا كبيرًا لتعزيز الاستقرار الاقتصادي رغم البيئة الخارجية الصعبة، بما في ذلك الصراعات الإقليمية واضطرابات البحر الأحمر.

وتابع بأنه في ضوء تلك الظروف والبيئة المحلية الصعبة، وافق المجلس على طلبها الخاص بإعادة تقييم التزاماتها المالية متوسطة الأجل.

وأكد أن اقتصاد مصر أظهر علامات انتعاش على صعيد معدلات النمو والتضخم وصول احتياطيات النقد الأجنبي إلى مستويات جيدة.

ولفت إلى أن القاهرة واصلت أيضًا جهود ضبط أوضاع المالية العامة على نحو ساهم في تحقيق فائض مالي أولي بنسبة 2.5% (باستثناء عائدات برنامج الطروحات) في السنة المالية الماضية.

برنامج الطروحات و4 مخاطر

وحث المجلس التنفيذي لصندوق النقد، في بيانه الصادر مساء أمس، الحكومة على اتخاذ تدابير حاسمة لتقليص بصمتها في النشاط الاقتصادي وتحقيق تكافؤ الفرص ليصبح القطاع الخاص المحرك الرئيسي للنمو.

وأكد ضرورة استئناف برنامج الطروحات الحكومية، معتبرًا أن توسع دور الدولة في القطاعات غير الاستراتيجية، ومحدودية جهودها لتعزيز المنافسة العادلة عوامل قد تؤثر على النمو على المدى المتوسط.

من جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، الدكتور إيهاب الدسوقي، أنه رغم التقدم الذي تظهره الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح إلا أن شركات القطاع العام لا تزال هي صاحبة البصمة الأكبر في النشاط الاقتصادي.

وأوضح أن ذلك يسلط الضوء على أهمية تسريع وتيرة برنامج الطروحات وضرورة تمكين القطاع الخاص المحلي على نحو أكبر، باعتباره محرك أساسي للنمو الاقتصادي ودعمه يعزز ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد.

مديرةصندوق النقد مع وزير المالية أحمد كجوج

وأضاف الدسوقي، أن مستويات الدين الحكومي لا تزال مرتفعة وتتطلب مزيدًا من الجهد لوضعها على مسار نزولي مستدام، لافتًا إلى أن المؤسسات الدولية كصندوق النقد ووكالات التصنيف تعتبر ارتفاع الديون أحد المخاطر الأساسية التي تهدد الاستقرار الاقتصادي في أي دولة.

وحذر الصندوق من 4 مخاطر رئيسية تشكل تحديات أمام الاقتصاد المصري، هي ارتفاع مستوى الدين العام، الاحتياجات التمويلية الضخمة، التقدم المتفاوت في الإصلاحات الهيكلية، والصدمات الخارجية (سواء المتعلقة بالتواترات الإقليمية أو الاضطرابات التجارية عالميًا) التي قد تثقل كاهل الإيرادات المالية وتحد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. 

نظام سعر الصرف 

حث المجلس التنفيذي لصندوق النقد على ضرورة الحفاظ على مرونة سعر الصرف، باعتباره ركيزة أساسية لمواجهة الصدمات الخارجية، جنبًا إلى جنب مع مواصلة البنك المركزي استهداف التضخم بسياسات مالية سليمة.

ولفت إلى أن التحول إلى نظام الصرف المرن في مارس 2024 ساهم في تحقيق نتائج إيجابية، أبرزها القضاء على السوق الموازية للعملة، وعلى تراكمات طلبات المستوردين لتوفير النقد الأجنبي من البنوك.

واعتبر مجلس الصندوق أن سعر الصرف لا يزال يتحرك ضمن نطاق محدود، ما يستدعي اليقظة المستمرة من الجهات المعنية لضمان ترسيخ مرونة سعر الصرف بشكل أكبر بمرور الوقت.

من جانبه، أكد الخبير المصرفي، هاني العراقي، أن سعر الصرف يتحرك حاليًا داخل نطاق يعكس حركة العرض والطلب دون أي تدخل من البنك المركزي، ويعكس أيضًا السعر العادل للجنيه.

ونبه إلى أن البنوك لديها سيولة دولارية مرتفعة وكذلك البنك المركزي لديه احتياطي أجنبي مرتفع، الأمر الذي يعزز الثقة في الاقتصاد ويدعم استقرار سوق الصرف، ويؤكد قدرة الدولة على الوفاء بالتزامتها الخارجية. 

مديرة صندوق النقد مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي

رفع الدعم عن الوقود 

وأشاد صندوق النقد بالإصلاحات التي نفذتها مصر، لافتًا إلى ضرورة تعزيز الاستدامة المالية عبر استراتيجية شاملة لإدارة الدين وتعبئة الإيرادات المحلية والسماح لأسعار الطاقة بالوصول إلى مستويات استرداد التكاليف، وتعزيز الرقابة المالية وتنفيذ برنامج الطروحات.

وأكد في بيانه، أن الإصلاحات المتعلقة بأسعار الطاقة والسياسة الضريبية، تحمل تكاليف اجتماعية يجب إدارتها بعناية، مضيفًا أن توسيع القاعدة الضريبية، يعد أساسيًا لخلق مساحة مالية تُلبّي الاحتياجات التنموية والاجتماعية ذات الأولوية.

وتابع بأن ذلك يأتي فضلًا عن ضرورة تبني نموذج اقتصادي جديد يعزز المرونة ويشجع النمو الديناميكي المستدام القائم على التصدير وخلق فرص العمل.

وأثنى صندوق النقد على جهود مصر لتنفيذ إصلاحات اقتصادية متوسطة الأجل لمواجهة تغير المناخ، معلنًا الموافقة على صرف تمويل المرونة والاستدامة البالغ 1.3 مليار دولار بناءً على طلب مصر، دون أن يوضح موعد صرف ذلك التمويل.

وبصرف الشريحة الرابعة من برنامج مصر مع الصندوق، سيرتفع إجمالي ما تسلمته الحكومة من قرض الصندوق البالغ 8 مليارات دولار إلى نحو 3.2 مليار دولار.

search