بعد تصريحات محمود حميدة.. العشوائية تبدد حلم الإسكندر في "كركوبة المتوسط"

الإسكندرية قديمًا
في كلمة أثارت جدلاً واسعًا خلال افتتاح الدورة الحادية عشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، الذي أُقيم هذا العام داخل أروقة المتحف اليوناني الروماني، أطلق الفنان الكبير محمود حميدة وصفًا غير معتاد على مدينة الإسكندرية، واصفًا إياها بـ"الكركوبة"، في إشارة إلى ما تعانيه من فوضى عمرانية واختناق مروري شوه ملامحها التاريخية.
حديث حميدة، الذي جاء بعفوية واضحة، عبّر عن إحساس كثيرين تجاه ما آلت إليه أوضاع "عروس البحر المتوسط"، المدينة التي طالما عُرفت بأناقتها التاريخية ومكانتها الثقافية.
ورغم أن كلماته أثارت حفيظة البعض، فإنها طرحت تساؤلات جادة حول واقع الإسكندرية وتدهور بنيتها الحضرية خلال العقود الأخيرة.
الإسكندرية.. من حلم الإسكندر إلى العشوائية
تعود أصول الإسكندرية إلى عام 331 قبل الميلاد، حين أسسها القائد المقدوني الإسكندر الأكبر في موقع استراتيجي بين البحر المتوسط وبحيرة مريوط، وفقًا لكتاب “الإسكندرية.. تاريخ ودليل” للروائي الإنجليزى إي.إم.فورستر.

أراد الإسكندر مدينة تمثل لقاء الحضارات، فكلف مهندسه دينوقراطيس بوضع تخطيط مبتكر اعتمد على تنظيم شبكي يشبه رقعة الشطرنج، هذا التصميم ظل مرجعًا عمرانيًا لقرون طويلة.
وفي ظل حكم البطالمة، خصوصًا في عهد بطليموس الأول، بلغت الإسكندرية ذروة المجد، تأسست فيها مكتبة الإسكندرية العظمى، التي احتضنت مئات آلاف المخطوطات النادرة، إلى جانب متحف الإسكندرية، أول معهد علمي متخصص في العالم القديم.

كما استقطبت المدينة علماء عظام أمثال إقليدس وأرشميدس، وتحولت إلى مركز عالمي للفكر والثقافة.
التعددية والانفتاح.. سمات المدينة العالمية
وتميّزت الإسكندرية آنذاك بطابعها الكوزموبوليتاني، حيث عاش فيها المصريون واليونانيون والرومان واليهود وغيرهم في تمازج فريد، كما كانت بمثابة بوتقة حضارية نادرة، جمعت بين الأديان والثقافات في تناغم غير مسبوق في العالم القديم.
مع انهيار حكم البطالمة في أواخر عهد كليوباترا السابعة، دخلت المدينة تحت السيطرة الرومانية بعد معركة أكتيوم عام 31 ق.م. ورغم ذلك، احتفظت الإسكندرية بمكانتها كأحد أعمدة الحضارة الرومانية، وظلت ثاني أهم مدينة بعد روما نفسها.
منارة فاروس.. شاهد على عبقرية الماضي
من أبرز رموز عظمة الإسكندرية كانت منارة فاروس، إحدى عجائب الدنيا السبع، والتي بُنيت في عهد البطالمة بارتفاع قُدّر بنحو 120 مترًا، ولم تكن مجرد وسيلة لإرشاد السفن، بل تحفة معمارية جسّدت التقدم الهندسي الذي بلغه الإنسان في تلك الحقبة.

رغم هذا التاريخ المضيء، فإن الإسكندرية المعاصرة تعاني مشكلات حادة على مستوى التخطيط الحضري، أبرزها التوسع العشوائي، والزحام المروري، وتدهور البنية التحتية، إلى جانب طمس ملامحها التراثية، ويشير كثيرون إلى غياب الرؤية طويلة الأمد في إدارة المدينة.
قلعة قايتباي بالإسكندرية.. حامية التاريخ ومَعلمٌ شاهدٌ على عراقة مصر
تُعد قلعة قايتباي في مدينة الإسكندرية واحدة من أبرز المعالم التاريخية في مصر، وتحمل بين جدرانها إرثًا يعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي.
شُيّدت القلعة عام 1477 بأمر من السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين قايتباي، فوق أنقاض منارة الإسكندرية الأسطورية، التي كانت تُعد إحدى عجائب الدنيا السبع.
جاء بناء القلعة في إطار خطة دفاعية تهدف إلى حماية السواحل المصرية من الهجمات البحرية، خاصة تهديدات العثمانيين آنذاك، واعتمدت القلعة في تصميمها على الطراز الإسلامي الحربي، إذ تميّزت بجدرانها السميكة وأبراجها الدفاعية التي تطل مباشرة على مياه البحر الأبيض المتوسط.
على مر العصور، شهدت القلعة عمليات ترميم وتطوير متكررة، خصوصًا خلال العهد العثماني وفي فترات لاحقة وصولًا إلى العصر الحديث.

هل تعيد الصدمة الأمل؟
رغم ما أثاره تصريح محمود حميدة من جدل، فإنه لا يخلو من دعوة ضمنية لإعادة التفكير في واقع الإسكندرية، فاستعادة مجدها لا يكون فقط عبر الترميم أو التطوير العمراني، بل من خلال رؤية تنموية تحترم تاريخها، وتحافظ على طابعها الثقافي، وتمنحها دورًا رياديًا في حاضر مصر ومستقبلها.
-
12:00 AMالفجْر
-
12:00 AMالشروق
-
12:00 AMالظُّهْر
-
12:00 AMالعَصر
-
12:00 AMالمَغرب
-
12:00 AMالعِشاء


أخبار ذات صلة
وزير الدفاع الإسرائيلي يكشف تفاصيل رسالة تل أبيب لـ"الشرع" بشأن الدروز
01 مايو 2025 09:21 م
ترامب: نعمل على إخراج 24 محتجزا لدى حماس في أسرع وقت
01 مايو 2025 08:47 م
وزير إسرائيلي: الدروز من أوائل المدافعين عنا في 7 أكتوبر
01 مايو 2025 07:45 م
بعد حرب غزة.. واحد من كل 3 إسرائيليين غير راض عن الوضع الاقتصادي
01 مايو 2025 07:39 م
أكثر الكلمات انتشاراً