
يوم الحرية وانتخابات نقابة الصحفيين
في مثل هذا اليوم من كل عام، يجتمع العالم أمام مرآة حرية الصحافة، فيرى بعضه البعض عاريًا من مساحيق الديمقراطية. لكن دعونا نكون واقعيين، لا أحد في الشرق الأوسط يحتاج مرآة ليرى الحقيقة، يكفي أن تفتح الأخبار لتشاهد صورة صحفي قتيل، أو صفحة بيضاء فارغة، أو شاشة سوداء أُطفئت عنوة.
خذ عندك غزة مثلًا: عدوان إسرائيلي لا يفرق بين طفل وصحفي، وكأن حامل الكاميرا صار في نظر الاحتلال مساويًا لحامل الصاروخ. سقط الصحفيون هناك لأنهم أرادوا أن يصرخوا في وجه العالم: هناك جريمة تُرتكب، وهناك وطن يُذبح. لكن العالم كان مشغولًا بعدّ الأصوات في انتخابات أوروبا ومعارك الرئاسة الأمريكية، وترك الدم ينزف في غزة بلا عقاب.
وفي القاهرة، على بعد آلاف الكيلومترات، خاض الصحفيون معركة من نوع آخر. معركة صناديق الانتخابات داخل نقابتهم، تلك النقابة التي كانت يومًا شوكة في حلق كل مستبد، قبل أن يحاول بعضهم تحويلها إلى جمعية تنمية بشرية. لكن أمس، حدث ما يشبه المعجزة: الجمعية العمومية، بكل اختلافاتها، اتفقت — نعم اتفقت! — على إسقاط مرشح الحكومة للمرة الثانية، ومنح الثقة لمرشح مستقل بإجماع غير مسبوق. وهو خالد البلشي نقيب الصحفيين للمرة التانية، شيء لو قُدّر لتوفيق الحكيم أن يراه لكتب عنه مسرحية بعنوان عرس الديمقراطية.
وهنا الرسالة المدوية التي أرسلها الصحفيون إلى الحكومة تقول بوضوح: لا بديل عن حرية الصحافة، ولا يمكن أن يُوجَّه الصحفيون إلى ما يرفضونه. هؤلاء ليسوا قطيعًا يسير بالعصا، بل أصحاب رأي وقضية وقناعات، ومن أراد أن يتعامل معهم عليه أن يحترم هذا كله. نموذج انتخابات نقابة الصحفيين، بكل ما فيه من إرادة حرة وشفافية واحترام للمنافس، يجب أن يُدرَّس في كل مكان؛ لأنه أثبت أن أصحاب الأفكار المختلفة يمكنهم أن يجتمعوا في نقابة واحدة، تحت سقف واحد، بينهم كل الاحترام والتقدير، دون أن يُطلب من أحدهم أن يتخلى عن قناعاته.
وفي كل مرة يسقط صحفي وهو يدافع عن كلمة الحق — سواء في غزة أو في القاهرة أو في أي بقعة أخرى من العالم — فإنما يسقط واقفًا، لأن من يكتب من أجل إنقاذ وطنه من الخراب، ومن أجل فضح من تاجروا بالدين وسرقوا الثورة، ومن أجل كشف فساد الحكومات المستبدة، لا يموت أبدًا.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لا نحتاج خطبًا ولا شعارات، يكفينا أن نتذكر أسماء الذين ضحوا بحياتهم لأجل الحقيقة، وأن نتعهد بأن نبقى نكتب ونكشف ونقاوم، حتى لا تتحول الصحافة إلى مرآة مكسورة لا تعكس سوى ظلال الخوف.

الأكثر قراءة
-
رسالة إلى علاء عبدالفتاح والعفو الرئاسي.. قرار يثبت قوة الدولة لا ضعفها
-
فيديو راقص بجامعة عين شمس يثير الجدل.. ونواب يطالبون بتدخل عاجل
-
رئيس الوفد عن تعيينه في مجلس الشيوخ: "لم أُبلَّغ بأي شيء"
-
ضربة من مايكروسوفت في عمق إسرائيل.. ما علاقة فلسطين؟
-
يوم حزين في بني سويف.. وفاة 4 أطفال غرقًا في حوادث متفرقة
-
وزير الخارجية يؤكد لـ"يهود أمريكا" ضرورة وقف إطلاق النار في غزة
-
العيادات غير المرخصة.. أوجاع المواطن تضيع وسط زحمة الإجراءات
-
حريق مفاجئ في منزل ميار الببلاوي.. الفنانة تروي لحظات الرعب والنجاة

مقالات ذات صلة
التحقيقات تكشف سببا جديدا وراء إنهاء حياة التيك توكر أمير أسمع على يد صديقه
26 سبتمبر 2025 06:51 م
القبض على شخص زعم توصله لعلاج السكري بالحيوانات الأليفة بالإسماعيلية
26 سبتمبر 2025 06:35 م
مشاجرة بين جامعي القمامة في الإسماعيلية.. الداخلية تكشف الكواليس
26 سبتمبر 2025 06:00 م
"بيدخنوا سيجارة".. فيديو يقود الأمن لضبط 11 صغيرا متسولين بالقاهرة
25 سبتمبر 2025 03:26 م
غش وتدليس.. ضبط مالك جمعية أهلية بتهمة النصب في الأزبكية
25 سبتمبر 2025 03:00 م
خلافات عائلية.. ضبط المتهم بالتعدي على زوج شقيقته بالدقهلية
25 سبتمبر 2025 02:50 م
تأييد الحبس.. المحكمة تسدل الستار على قضية اللاعب علي غزال
25 سبتمبر 2025 02:38 م
خلافات سابقة.. ضبط المتهمين في واقعة "الشاب العاري" بالدقهلية
25 سبتمبر 2025 01:53 م
أكثر الكلمات انتشاراً