الإثنين، 12 مايو 2025

10:08 م

صندوق النقد نموذجًا.. كيف تتعامل مصر مع ديونها الخارجية؟

رزمات من الدولارات موضوعة بجانب موظف داخل أحد البنوك

رزمات من الدولارات موضوعة بجانب موظف داخل أحد البنوك

سددت مصر نحو 60% من إجمالي التزاماتها لصندوق النقد الدولي المتعلقة بالقروض التي حصلت عليها خلال الفترة من 2016 إلى 2020، فيما تواصل حاليًا استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق منذ 2022، فإلى أي حد نجحت مصر في تخفيف أعباء ديونها الخارجية؟ 

من جانبه قال الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، إن مصر تبدي التزامًا واضحًا في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد، حتى فيما يتعلق بأدق الإجراءات كرفع الدعم عن أسعار البنزين، وهذا الالتزام ساهم في تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي خلال الفترة الماضية. 

التزام مصري

وأضاف خطاب، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن مصر تبدي أيضًا التزاما بسداد ما عليها من أقساط وفوائد ديون سواء للصندوق أو غيره من المقرضين الدوليين، في ظل التحسن المستمر في مستويات الاحتياطي الأجنبي منذ مارس 2024 (الشهر الذي شهد صدور قرار تحرير سعر الصرف) على نحو يعزز الثقة في اقتصادها وقدرته على تجاوز الأزمات. 

وأشار إلى أن الدين الخارجي لمصر بدأ يتخذ مسارًا نزوليًا خلال الفترة الأخيرة في مؤشر على تحسن ملف أعباء الديون الذي يعد واحدًا من أهم التحديات أمام الاقتصاد الوطني، مؤكدًا أن ارتفاع الاحتياطي الأجنبي إلى مستويات قياسية عامل مهم في تعزيز قدرة الدولة على الوفاء بكامل التزاماتها الخارجية. 

ونوه إلى أن صندوق النقد كغيره من الجهات المقرضة يهمه التأكد من قدرة الدول المدينة على سداد التزاماتها لذا تجرى مراجعته الدورية للتأكد من مسار الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها. 

وبنهاية الشهر الماضي ارتفع الاحتياطي الأجنبي لمصر إلى 48.1 مليار دولار، ليواصل تحطيم الأرقام القياسية بعد أن شهد تراجعا قويًا خلال العام 2022 عندما ظل لشهور يتحرك عند مستويات 35 مليار دولار فقط. 

أحد موظفي شركات الصرافة يفرز رزمة من الدولارات داخل مقر العمل

أعباء ديون مصر 

وسددت مصر منذ 2016 حتى نهاية أبريل الماضي لصندوق النقد قرابة 12 مليار دولار ما يمثل نحو 60% من إجمالي التزاماتها المالية المتعلقة بالقروض التي حصلت عليها خلال الفترة من 2016 إلى 2020، وفقًا لتصريحات سابقة لرئيس لجنة البناء والموازنة بمجلس النواب الدكتور فخري الفقي. 

فيما ستبدأ في 2027 سداد القرض، الذي جرى الاتفاق عليه لأول مرة نهاية 2022 بقيمة 3 مليارات دولار قبل أن يرتفع إلى 8 مليارات دولار في مارس  2024، على مدة 10 سنوات، وفقا للفقي، وفي المقابل تسلمت حتى الآن قرابة 3.2 مليار دولار هي قيمة الشرائح الأربعة الأولى من القرض. 

رغم ذلك لا تزال مصر ثاني أكبر الدول مديونية لدى صندوق النقد، متراجعة مركزًا واحدًا مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، كما ارتفعت ديونها الخارجية بأكثر من 174% منذ 2016 (العام الذي شهد توقيع مصر لاتفاق تسهيل ائتماني مع صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار) وحتى نهاية العام المالي الماضي عندما سجلت 153 مليار دولار.

ورغم أن هذا الرقم جاء أقل من مستويات ديسمبر 2023 البالغة 168 مليار دولار والتي تعد الأعلى على الإطلاق، إلا أنه لا يزال مرتفعًا وفقًا لشهادة صندوق النقد نفسه. 

مسار الديون الخارجية

ويتوقع صندوق النقد أن يشكل الدين الخارجي لمصر أكثر من 46% من إجمالي الناتج المحلي خلال العام المالي الحالي الذي يوشك على الانتهاء في يونيو المقبل.

ووفقًا لتقرير المراجعة الرابعة لا تزال مستويات الدين مرتفعة وتشكل تحديات كبيرة أمام المالية العامة على المدى المتوسط.

مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا ومحافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله وأحمد معيط وزير المالية السابق

من المفارقات أن برامج الإصلاح الاقتصادي التي توصلت إليها مصر مع صندوق النقد الدولي منذ 2016 جميعها كانت تستهدف معالجة تشوهات المالية العامة بما فيها ارتفاع مستويات الديون، وبالرجوع إلى أرقام العام المالي 2015-2016 نجد أن الدين الخارجي كان عند مستويات 55.8 مليار دولار  فيما ارتفع إلى 164.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2023، ما يؤكد حجم التحدي الذي يشكله ملف الديون. 

ورغم تراجعه خلال النصف الأول من العام الماضي بأكثر من 14.5 مليار دولار، إلا أنه عاود الارتفاع بنهاية سبتمبر الماضي ليسجل 155.2 مليار دولار، في مؤشر على أنه لم يتخذ بعد مسارا نزوليًا مستدامًا، وفي هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أنيس، أن الوصول بالديون الخارجية إلى مستوى الاستدامة والمسار النزولي يتطلب وقتًا طويلًا لإعادة هيكلتها واستبدال الديون طويلة الأجل بأخرى قصيرة الأجل.

search