
التطبيع المنفرد وجوهر الأمن العربي
في البداية دعونا نطرح سؤالا، ربما سؤالًا عاديًا جدًا، قد طرحه الكاتب العظيم محمود عوض قبل خمسين عاما مضت، ماذا لو جاء لص قاطع طريق، ليسكن معك بنفس الشارع وأنت تعلم أنه سيء الخلق والطبع سارق وقاتل، ثم أتى إلى منزلك وأخبرك أنه سيسرق منازل الشارع كله إلا منزلك!!
ماذا ستفعل؟؟
لديك خياران فقط؛
أحدهما أن تقبل العرض؛ أو ترفضه وتختار الاتحاد مع الجيران من أجل القضاء عليه
وفى كل خيار لديك مبرر
فحين تقبل فأنت لديك اسباب،
أطفالك جائعون مثلًا،
ليس لديك سلاح، أو غير جاهز الآن وربما لست مؤهلا للمقاومة، لكن التاريخ يخبرك بما عليك فعله وما يجب عليك اختياره، وهو الخيار الثاني
فمثلا في العام 1097 جاء الصليبيون إلى منطقتنا فى حرب أقل ما توصف أنها حرب عالمية، جاءوا بأهداف سياسية محددة سلفا ولكن بشعارات مختلفة ومنها إنقاذ أهل القدس من المسلمين وحماية المعتقد المسيحى في الشرق.
بالطبع استولى الصليبيون على أنطاكية ثم توجهوا مباشرة إلى الهدف الحقيقى وهو مصر وارسلوا للخليفة الفاطمي وقتها رسالة فحواها نحن هنا ليس من أجلكم في مصر وما جئنا لنحاربكم بل لنكن أصدقاء وسنعطيكم مدينة القدس أيضا كإثبات حسن النوايا وقد تم.
وأرسل الخليفة الفاطمي وزيره "ابن بدر الجمالي" الذى لم يكن مصريا أيضا إلى هناك كوزير للخليفة، ثم عقد حلفا دفاعيا مشترك مع الصليبيين أنفسهم من أجل أن يكسروا شوكة المسلمين السنة فى الشام وتقوية المسلمين الشيعة في مصر.
كان الهدف من عقد اتفاق مصر هو تحييدها عن القضية حتى تتفرغ للعرب المسلمين في الشام وما أن تخلصوا منهم توجهوا مباشرة للهدف الرئيسى وهو مصر لينقضوا على المصريين بالقدس ويبيدوهم جميعا في 14 يوليو 1099 وهذا يعنى أنه بعد عامين فقط من معاهدة التحالف والصداقة مع الخليفة في مصر.
تنبه الخليفه أخيرًا وحشد الجيش بمدينة عسقلان لينقض عليه العـــدو أيضًا ويقضى على معظمه وظلت بعدها مصر تدفع من ذهبها وخبزها إلى الصليبيين في فلسطيــن نفسها.
إن الخطر كان يمكن القضاء عليه في مهده لو تعاون الخليفة الفاطمي، مع العباسيين، في العراق وإمارات الشام وهو "الدفاع المشترك الذي تحدث عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد حوالي عشرة قرون فى القمة العربية".
لكن لم يتم القضاء على الخطر الصليبي وقتها لخلافات الفاطميين مع أهل الشام مع العباسيين لنعاني مائتي عام من حكم الصليبيين على الأقل.
لقد كان كل سلطان من السلاطين يريد أن ينجو بنفسه فقط من الصليبيين، يريد تطبيعًا منفردًا مع الصليبيين وبذلك تحالف الصليبيون مع دمشق ضد حلب لمدة ثلاثة أعوام ثم ابتلعوها، وتحالفوا مع طرابلس ضد دمشق وأخذوها، وتحالفوا مع الموصل ضد حلب واستداروا عليها، وتحالفوا مع القاهرة ضد دمشق وانقلبوا عليها.
هذا أبسط درس من دروس التاريخ والذي على العرب جميعًا أن يدركوه وهناك درس آخر وهو المغول، ثم التتار، ثم مناحم بيجن، ونتنياهو، وشارون وكل تلك الأخطار لم تكن تهدد دولة بعينها بل العرب أجمعين.
#دامت مصرنا بخير.
#دام رئيسنا الذي يدرك ماذا يقول لنا التاريخ على الدوام.

الأكثر قراءة
-
وفاة لطفي لبيب.. كواليس الساعات الأخيرة في حياة الفنان الراحل
-
دفاع ابنة مبارك المزعومة: طلبنا أخذ عينة DNA من جمال وعلاء
-
الراتب باليورو.. رابط التقديم على فرص عمل للمصريين في 3 دول أجنبية
-
كليات الجامعة البريطانية 2025.. رابط التقديم
-
بعد زلزال روسيا.. هل تتعرض مصر لــ"تسونامي" مدمر؟
-
سماع دوي انفجار غامض يثير القلق في أكتوبر
-
"بنت الرئيس" ووفاء عامر
-
وفاة الفنان لطفي لبيب عن عمر 78 عامًا

مقالات ذات صلة
هل يتظاهر نتنياهو من أجل فتح معبر رفح؟!
29 يوليو 2025 11:05 ص
انصروا الله واحلقوا شوارب الدروز!
16 يوليو 2025 01:42 م
رجاء.. لا تذبحوا مها الصغير!
08 يوليو 2025 11:34 ص
علاقات الشعوب وعلاقات الأنظمة
17 مايو 2025 11:34 م
أكثر الكلمات انتشاراً