الجمعة، 30 مايو 2025

10:09 ص

غضب أوروبي وتهميش أمريكي.. هل تتحول إسرائيل لدولة منبوذة؟

اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل

اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل

سيد محمد

A .A

في تحول لافت بدأت العديد من العواصم الأمريكية والأوروبية اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل، وذلك بعد تزايد الغضب من "الكارثة الإنسانية" التي تسببها العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وحصار المساعدات، مما يطرح باب التساؤلات حول تحويل تلك الخطوات إسرائيل لدولة منبوذة.

مراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل

كشفت صحيفة “البايس” الإسبانية، أنه الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس،  أعلنت قرارها بمراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، مبينة أن القرار جاء بناءً على طلب "أغلبية ساحقة" من الدول الأعضاء، 17 من أصل 27، وذلك لبحث احتمالية انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان، ويُعد هذا الاتفاق الأداة الرئيسية للتبادلات السياسية والتجارية الثنائية منذ دخوله حيز التنفيذ عام 2000.

خطوات حاسمة من بريطانيا وإسبانيا

على صعيد متصل، اتخذت لندن قرارًا حاسمًا حيث علقت الحكومة العمالية بقيادة كير ستارمر المفاوضات الجارية بشأن اتفاق تجاري مستقبلي مع إسرائيل.

وفي إسبانيا، وافق غالبية أعضاء الكونجرس الإسباني على دعم حظر الأسلحة على إسرائيل، على الرغم من معارضة حزبي الشعب وفوكس اليمينيين.

تحول في الموقف الأوروبي رغم الانقسامات

يمثل هذا التحرك الأول، الذي كانت إسبانيا وإيرلندا قد طالبتا به منذ أكثر من عام دون رد من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تحولًا جوهريًا في الاستجابة الأوروبية التي كانت خجولة حتى الآن لرفض الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة.

وبينما كانت ألمانيا وبعض الدول الأخرى ترفض أي انتقاد لإسرائيل في الماضي، فإن هذه المبادرة تنطلق الآن من الدول الأعضاء نفسها، وعلى رأسها هولندا التي كانت من الأكثر ترددًا في التشكيك في حكومة نتنياهو. 

ومن بين الدول الـ 17 التي وافقت على المراجعة، توجد النمسا، التي كانت من أشد المعارضين لأي انتقاد لإسرائيل حتى الآن.

قلق دولي متزايد من الوضع في غزة

بالتوازي مع هذه التطورات، أصدر وزراء خارجية حوالي عشرين دولة مانحة، من بينها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا، بالإضافة إلى المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، إعلانًا مشتركًا حثوا فيه إسرائيل على "السماح فورًا باستئناف كامل شحنات المساعدات إلى غزة والسماح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالعمل بشكل مستقل ونزيه لإنقاذ الأرواح، وتخفيف المعاناة، والدفاع عن كرامة السكان".

كما تضمن الإعلان، الذي صدر في إطار المنتدى الإنساني الأوروبي الذي اختتم أعماله اليوم في بروكسل، أن "العودة الفورية إلى وقف إطلاق النار والعمل من أجل تطبيق حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين وضمان الاستقرار طويل الأمد للمنطقة بأكملها".

ويُعد قرار رئيس المجلس الأوروبي، البرتغالي أنطونيو كوستا، باستقبال السفيرة الفلسطينية الجديدة، أمل جدو شقاع، بنفس البروتوكول الرسمي المتبع مع باقي السفراء الجدد غير الأوروبيين، لفتة رمزية لكنها ذات مغزى تعكس التوجه الأوروبي المتغير.

فرض "تكلفة باهظة"

وتلخص صحيفة "لوموند" الفرنسية، الموقف الأوروبي الجديد بضرورة فرض "تكلفة باهظة" على "الانحرافات التي اختارتها السلطات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية"، وذلك لإنهاء المأساة الإنسانية، وإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني، وحماية إسرائيل من نفسها.

وأكد المقال الذي نشرته الصحيفة أن الأفعال الجارية في غزة "غير مقبولة"، وأن العديد من حلفاء إسرائيل لم يعد لديهم أي قواسم مشتركة مع ائتلاف نتنياهو الذي "اختار مسارًا يضع السلطات الإسرائيلية خارج إطار الدول التي تحترم حقوق الإنسان".

تصريحات وأفعال تتجاوز الخطوط الحمراء

يشير المقال إلى أن "تراكم التصريحات التحريضية الإسرائيلية، مستشهدًا بوعود نتنياهو بـ"تدمير" غزة، والتأكيد على عدم توقف الحرب، واستخدام "كامل قوة" الجيش الإسرائيلي، وإعلان هدف "تهجير" غزة ومغادرة نصف الفلسطينيين أو “أكثر من ذلك بكثير”.

وترى "لوموند" أن هذه التصريحات، بالإضافة إلى الأفعال المتمثلة في الاستخدام المتعمد لسلاح التجويع، واستئناف المجازر ضد المدنيين الفلسطينيين بالقنابل الأمريكية، وقتل وتشويه الآلاف من الأطفال وحرمانهم من الرعاية الأساسية، والعودة إلى التهجير الجماعي للسكان في مناطق تُقدم بشكل خاطئ على أنها آمنة، كلها تعزز إمكانية تصنيف ما يحدث على أنه إبادة جماعية من قبل العدالة الدولية.

ويضيف المقال أن "التعديلات الهامشية التي يقوم بها بنيامين نتنياهو، والموجهة للعلاقات العامة، لن تغير شيئًا".

نهاية "التضامن الأعمى" مع إسرائيل

تؤكد الصحيفة أن عشرات المنظمات غير الحكومية والدولية قد حذرت مرارًا وتكرارًا، ولكن دون جدوى. وتعتبر أن مشروع "التطهير العرقي" في غزة، الذي يُقنّع بشكل فج بـ"خطة الهجرة الطوعية" من قبل السلطات الإسرائيلية، يجب أن يدفع العديد من الدول إلى استنتاجات لا مفر منها. 

وشددت على أن "زمن التضامن الأعمى مع بلد تعرض لهجوم إرهابي في 7 أكتوبر قد ولى"، وأن "وقت المعارضة الحازمة والمعلنة لمشروع الائتلاف الحكومي الأكثر تطرفًا في تاريخ الدولة العبرية قد حان".

تحول مفاجئ في السياسة الأمريكية

ولم تكن بلاد العم سام بعيدة عن التغيير الذي حدث في الموقف الأوروبي، في مطلع مايو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار الذي بموجبه ستتوقف "أنصار الله" عن استهداف السفن الأمريكية مقابل حرية التصرف في حربها ضد إسرائيل، ولم يتم إطلاع تل أبيب على الاتفاق، بحسب موقع “أكتيفيست بوست”.

 ورد السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، على ردود الفعل الغاضبة على الصفقة بالقول إن الولايات المتحدة "ليست مطالبة بالحصول على إذن من إسرائيل" لإبرام الصفقات.

وقد أثار هاكابي، وهو إنجيلي محافظ متشدد وصهيوني صريح وادعى مرارًا أن اليهود يمتلكون "حقًا شرعيًا" في الأراضي الفلسطينية، دهشة المراقبين بهذا البيان، ومع ذلك، بدا أنه يمثل بداية تحول دراماتيكي في اتجاه إدارة ترامب، التي تعج بالصقور المؤيدين لإسرائيل.

منذ ذلك الحين، شرع ترامب في جولة في الشرق الأوسط، مع غياب إسرائيل "بشكل لافت" عن جدول أعماله، وبدلاً من ذلك، سافر إلى دول مجلس التعاون الخليجي.

 في غضون ذلك، تفاوض ترامب على إطلاق سراح آخر رهينة أمريكية على قيد الحياة تحتجزها حماس، وعقد "محادثات سلام" مباشرة مع جماعة المقاومة - وفي كلتا الحالتين "دون" مشاركة تل أبيب.

search