الممر الآمن.. المأساة تبحث عن "باب للخروج"

فلسطينيون من غزة مهجرين
أحمد سعد قاسم
في ظل تصاعد التوترات والعنف بين إسرائيل وحماس في الأيام الأخيرة ومع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على اجتياح رفح الفلسطينية، عاد مصطلح "الممر الآمن" للظهور مرة أخرى بعدما طرحه نتنياهو على طاولة المفاوضات ليخلق مبررا لأعماله الإجرامية في غزة.
وحسب الاتّفاقات الدولية، سيسمح هذا الممر بإجلاء سكان القطاع المنكوب من مناطق القتال والقصف، وحتى وقت كتابة هذا التقرير، من غير المعروف جهة انتقالهم ولم تقدم تل أبيب أي خطة للإجلاء أو حتى الاجتياح.
الحرب العالمية الثانية
يعود ظهور مصطلح الممر الآمن لما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت واحدة من أكبر الانتهاكات في حق المدنيين، حيث نادت أصوات عديدة بعد انتهاء الحرب بضرورة وضع قواعد تحمي المدنيين في حال نشوب أي حرب أخرى.
وتعد اتفاقية جنيف هي الأشهر من بين اتفاقيات كثيرة أطلقت قوانين عديدة لخدمة هذا الغرض، وهو ما عرف لاحقا بـ"القانون الدولي الإنساني"، ليخرج منه فيما بعد من خلال تطورات عديدة "الممرات الإنسانية"، ويشير هذا المصطلح غير الموجود رسميا في القانون، إلى منطقة آمنة يحتمي فيها المدنيون، تحت حماية دولية إلى أن تنتهي الحرب.
تعريف الممر الإنساني
ومن أهم ما يميز تلك المنطقة هي أن تكون منزوعة السلاح، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان بحظر مرور الطيران فيها، كما يتم من خلالها إيصال المساعدات الإنسانية للمتواجدين فيها أو للمناطق المتضررة جراء الحرب، ومن خلالها أيضا إجلاء المصابين والمرضى والقتلى والجرحى.

طرف ثالث
وتحدد تلك المنطقة بالاتفاق مع طرفي النزاع بضمان طرف ثالث مسؤول عن مراقبة التزام جميع الأطراف المتخاصمة بالابتعاد عن تلك المنطقة. وللممر الآمن العديد من المبادئ التي يستند إليها، أبرزها أنه متاح لجميع الأعمار والجنسيات، وغير مسموح فيه بالعنصرية بكل أشكالها، وفق القانون تلتزم المنظمات المقدمة للدعم لسكان تلك المنطقة الحياد والتجرّد من هوى ديني أو سياسي.
عيوب
ورغم أن ظاهرها حلو إلا أن باطنها مر، فللمرات الآمنة عيوب فمساحتها الضيقة دوما لا تكفي المهجّرين واللاجئين، ما يجعلهم يعيشون في تكدس وبيئة خصبة للأمراض، كما أنه لا يوجد قانون يجبر أطراف النزاع بالالتزام بحماية المدنيين، ما يجعلهم في بعض الأحيان يستخدمون المحمين في الممر الآمن كوسيلة للضغط على الطرف الآخر، عن طريق الاعتداء عليهم أو تجويعهم أو غيرها من الطرق غير القانونية.
غير موجود
ولا يوجد قانون رسمي ينصّ على الممر الآمن بمصطلحه المعروف، لكن يخرج من خلال القانون الذي ينص على حق حماية المدنيين أثناء الحروب من الأعمال العدائية وآثارها.
كما أن المدنيين لهم الحق في رفض الخروج من مناطقهم إلى الممر الآمن، ويضمن لهم القانون الدولي الحماية وحق وصول المساعدات الإنسانية لهم، حسب ما جاء في اتفاقية جنيف الأولى والرابعة عام 1949، تحت عنوان "إنشاء مناطق استشفاء وأمان".

مواقف سابقة
في عام 1936، نجحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إجلاء 2500 مدني بشكل آمن خلال الحرب الأهلية الإسبانية إلى ملاجئ آمنة.
ومن أشهر الممرات الآمنة ما تم إنشاؤه في حرب البوسنة والهرسك عام 1993. وفي الصراعات الحديثة كان للممر الآمن دور كبير، خصوصا في الحرب السورية عام 2016، حيث نجح الصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري في إجلاء مدنيين. وخلال الحرب الأوكرانية الروسية، كانت الممرات الآمنة ملاذا مهما لآلاف المدنيين الذين طالتهم نيران الحرب.
فلسطين
ولفلسطين قصة خاصة مع الممر الآمن، فقد شهد عام 1999، تحديدا في الخامس من أكتوبر، توقيع بروتوكول بين شلومي بين عامي ممثلا عن الحكومة الإسرائيلية و جميل الطريفي ممثلا عن السلطة الفلسطينية لعمل ممر آمن، أو ما يطلق عليه بالعبرية “همعفار هبطوّح”، ونصّ البروتوكول على أن يصل الممر بين الضفة وغزة بطول 74 كيلو متر ليتيح لسكان كلتا المنطقتين التحرك بحرية داخل الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
وفقا للاتفاق، يؤمّن الممر خلال ساعات النهار فقط، ولا يسمح لاستخدامه في المبيت أو أي شئ سوى فقط المرور من خلال للوصول للناحية الأخرى، حيث أن الممر يمرّ على أراضي تخضع لسلطات الإحتلال.
ويتكون الممر من حواجز عدة، كل منها مخصص لشئ معين، فـ "إيرز" للأشخاص والمركبات، و"كارني" للبضائع، و"ترقوميا" للأشخاص والبضائع معا، و"مفو حورون"، على أن يقف العمل بكل تلك الممرات خلال مناسبتين، "عيد الغفران" و"يوم الاستقلال" الإسرائيلي كما يزعمون.
ويقع الممر تحت سيادة الاحتلال، كما يحق له ولدواعٍ أمنية، أن تغلق الحواجز بشكل جزئي أو كلي وللمدة التي تحددها دون التنسيق مع السلطة الفلسطينية، بل وتتحمل السلطة كافة الأضرار الناجمة عن أي عمل تخريبي كما تصفه من قبل الفلسطينيين ويحدد قيمة تعويضه المالي من قبل لجنة مكونة من الطرفين.

الأكثر قراءة
-
موعد مؤتمر إعلان نتيجة تنسيق المرحلة الأولى 2025
-
40 قرشًا في أسبوع.. هل يواصل الدولار رحلة الهبوط؟
-
حقيقة القبض على وفاء عامر في مطار القاهرة
-
الآلاف غاضبون.. دردشتك الخاصة مع Chat GPT تظهر في جوجل
-
بلاغ ضد سوزي الأردنية بتهمة ازدراء الأديان.. ماذا قالت عن النبي الكريم؟
-
التقديم في جامعة السادات الأهلية 2025.. التفاصيل الكاملة
-
رغم بلوغه المعاش.. "الأستاذ جلال" يعيد الحياة لمدرسته في الأقصر دون مقابل
-
اليوم آخر فرصة لتسجيل رغبات المرحلة الأولى بتنسيق الجامعات 2025

أخبار ذات صلة
62 شهيدًا في غزة بينهم 38 خلال انتظار المساعدات الإنسانية
03 أغسطس 2025 04:31 ص
القدس من بينها.. "حماس" تضع شروطًا نظير التخلي عن سلاحها
02 أغسطس 2025 06:42 م
لوس أنجلوس آخر اللجان غلقا في انتخابات الشيوخ.. اعرف السبب
02 أغسطس 2025 10:01 م
"إسرائيل هي من تجوعنا".. أهل غزة ينددون بمظاهرات تل أبيب ضد مصر
02 أغسطس 2025 09:33 م
نساء مصر يتصدرن مشهد انتخابات الشيوخ في بيروت
02 أغسطس 2025 09:00 م
نواب أمريكيون يصوتون لمنع تزويد إسرائيل بالأسلحة
02 أغسطس 2025 08:58 م
أذربيجان تبدأ ضخ الغاز لسوريا
02 أغسطس 2025 08:57 م
لا طعام في التكايا.. الحصار يطوّق مدينة الفاشر السودانية وينذر بمجاعة
02 أغسطس 2025 03:43 م
أكثر الكلمات انتشاراً