الثلاثاء، 24 يونيو 2025

12:51 ص

عادل إمام اعتبره "أي كلام".. حكاية فيلم لـ عاطف الطيب رفضه الكبار

عاطف الطيب

عاطف الطيب

في الثالث والعشرين من يونيو عام 1996، فقدت السينما المصرية أحد أهم أصواتها الواقعية برحيل المخرج عاطف الطيب.

الطيب، الذي وصفه كثيرون بـ“ضمير بصري لزمن مضطرب”، التقط بعدسته قضايا المواطن البسيط، ووضعها في مواجهة السلطة، دون تجميل أو مواربة، وكان من بين تلك القضايا فيلم "الهروب" الذي يروي حكاية مطارد اختُزل فيه شعور جيلٍ كامل بالحصار، لكن ما لا يعرفه كثيرون، أن هذا الفيلم المعروف لم يكن طريقه ممهّدًا، بحسب ما ذكره السيناريست مصطفى محرم في مذكراته “حياتي في السينما”.

مشروع “مالوش لازمة”

منذ أن كان “الهروب” مجرد سيناريو بين أيدي صناع القرار، واجه سلسلة من الاعتذارات والانسحابات من كبار النجوم، بداية من عادل إمام الذي رأى فيه مشروعًا "مالهوش لازمة"، مرورًا بنور الشريف الذي تراجع عن الدور لأسباب بدنية وأخرى معنوية، وصولًا إلى إعادة صياغة كاملة للعمل ليليق بأحمد زكي.

بداية مرتبكة.. "الفيلم ده ملوش لازمة"

وفقًا لما أورده محرم في مذكراته، فقد بدأ المشروع بعرض سيناريو الفيلم على النجم عادل إمام، الذي لم يتحمس للعمل.

عادل سأله: "مين البطل اللي قدامي؟"، فأجابه محرم بأن الدور الرئيسي الآخر هو لضابط يؤديه صلاح السعدني، وعندها، بحسب ما رواه محرم، رد الزعيم باقتضاب: "أنا مشغول.. وعندي أفلام تانية"، ما أوحى بعدم اهتمامه.

وخلف الكواليس، تردد أن عادل وصف الفيلم بأنه "أي كلام"، ورفض الدخول في مشروع لم يرَ فيه ما يكفي من القيمة أو الجاذبية التجارية.

لماذا رفض نور الشريف “الهروب”؟

بعد اعتذار عادل إمام، لم يتوقف محرم، بل ذهب إلى النجم نور الشريف، الذي أبدى اهتمامًا، لكنه سرعان ما اعتذر هو الآخر، معللًا رفضه بأن الدور يتطلب مجهودًا بدنيًا وحركة، وهو وقتها كان قد أجرى عمليات جراحية، لكن الأهم، ما نقل عن الشريف لاحقًا حين قال: "أنا مش بأخد بواقي عادل إمام"، في إشارة إلى رفضه أن يظهر كخيار ثانٍ بعد زميله، بحسب ما ورد في مذكرات محرم.

الورطة والحل.. ترشيح أحمد زكي بشروط

وجد عاطف الطيب ومصطفى محرم نفسيهما في مأزق حقيقي، فالبطولة ما زالت شاغرة، والمشروع مهدد بالتوقف، وهنا اقترح الطيب اسم أحمد زكي، من ثم قرأ الأخير السيناريو، وأبدى موافقته، لكنه حدد شرطين، أولهما تعديل السيناريو، أما الثاني فكان مفاجأة لم يكشف عنها على الفور.

وبحسب رواية محرم، طلب زكي إضافة ستة مشاهد جديدة إلى العمل، تساعد على تقديم شخصية "منتصر" بشكل أعمق، حيث إن النسخة الأصلية كانت تبدأ مباشرة بمشهد المحكمة دون خلفية كافية عن دوافع البطل.

ورغم انزعاج المؤلف من الطلب، فإن زكي أعاد السيناريو وفيه المشاهد الجديدة مكتوبة، فاقتنع الفريق، وبدأت عملية إعادة الصياغة.

إعادة بناء النص بالكامل.. دور بشير الديك

دخل المؤلف بشير الديك على خط التعديلات، وأعاد كتابة السيناريو بالكامل تقريبًا، وأضاف شخصيات جديدة، أبرزها شخصية الراقصة التي أدتها هالة صدقي، ووسع مساحة دور منتصر، بينما قلّص من أهمية دور الضابط.

وكانت التغييرات جذرية لدرجة أن بعض النجوم الذين رُشحوا لأداء دور الضابط في البداية –مثل صلاح السعدني – رفضوا المشاركة، بعدما أصبح واضحًا أن الدور لن يكون محوريًا كما بدا في النسخة الأولى.

حذف مشاهد.. وتضاؤل دور الضابط

يروي محرم أنه بعد انتهاء التصوير، طلب منه عاطف الطيب مشاهدة الفيلم بمفرده لتقييمه، وأعجب محرم بالنتيجة، لكنه طالب بحذف مشاهد مطاردات تتعلق بجماعات متشددة خشية اعتراض الرقابة، وهو ما تم بالفعل، إلا أن المفاجأة كانت في تقليص مساحة دور الضابط الذي جسّده عبد العزيز مخيون، حتى أصبح هامشيًا.

وبحسب ما ذكره محرم حينذاك، أكد أن سبب رفض السعدني للدور، لأنه كان يدرك أن أحمد زكي سيسيطر على الشاشة، وأن وجوده لن يتجاوز كونه داعمًا للبطل.

search