الثلاثاء، 24 يونيو 2025

01:12 ص

بعين واحدة وذراع مبتور.. أساطير صنعت المجد في المونديال

هيكتور كاسترو

هيكتور كاسترو

“الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد، بل في الاستسلام”.. حكمة بسيطة لكنها تحمل معنى عميقا، فقد ألهمت الكثير من الأشخاص حول العالم، وكانت سببًا في صناعة قصص نجاح مذهلة، هناك من فقدوا أطرافهم أو ولدوا بإعاقات جسدية، لكنهم رفضوا الاستسلام، وأثبتوا أن القوة الحقيقية تنبع من الإرادة والتفكير الإيجابي، لا من الجسد فقط.

هذا المعنى ينعكس بوضوح في عالم كرة القدم، الذي شهد على مر السنين قصصًا مؤثرة لأشخاص تغلبوا على إعاقاتهم وحققوا إنجازات عظيمة داخل الملاعب وخارجها.

قصص توقفت عندها العقول احترامًا وإعجابًا، لأنها أثبتت أن العزيمة الصادقة لا تعترف بأي حدود، وأن الإعاقة لا يمكن أن تمنع شخصًا من الوصول إلى حلمه.

جورجي مينونجو

هذا ما أثبته كأس العالم للأندية 2025، الذي يقام في الولايات المتحدة الأمريكية، بوجود جورجي مينونجو، لاعب جناح فريق سياتل ساوندرز الأمريكي، وخطف العديد من الأنظار بعد الأداء المميز مع فريقه.

أعور يخطف الأنظار في المونديال

بدأت القصة في الدقيقة 79 من مباراة أتلتيكو مدريد ضد سياتل ساوندرز الأمريكي في مونديال الأندية 2025، نزل اللاعب الإيفواري جورجي مينونجو إلى أرض الملعب بدلًا من زميله كالاتي كوسا.

جورجي مينونجو

لكن هذا التبديل لم يكن مثل أي تبديل، كان مؤثرا، لم يكن يشارك فقط في مباراة، بل كان يجسد كفاحه الشخصي وإصراره على النجاح، رغم فقدانه البصر في إحدى عينيه.

انبهر الجميع باللاعب مينونجو بيس كنوع من جبر الخواطر بسبب الاصابة التي يعاني منها، ولكنه خطف الأنظار بمهاراته المميزة، وسرعته الكبيرة، وشجاعته اللافتة في الملعب، لكن ما لا يعرفه كثير من الناس، هو أن هذا اللاعب الشجاع يخوض المباريات الكبرى وهو لا يرى إلا بعين واحدة فقط.

إصابة كادت تطيح بحلمه

قبل أكثر من عام وبالتحديد في 2023، عندما أصيب اللاعب بعدوى خطيرة في عينه اليسرى، هذه العدوى كادت أن تفقده بصره بالكامل، وعندما فحصه الأطباء، اكتشفوا مفاجأة غير متوقعة كان يعاني منذ فترة طويلة من ضعف شديد في عينه اليسرى، لكنه لم يكن يعرف حجم المشكلة.

ورغم الصدمة الكبيرة، لم يسمح "جورجي" لهذه المحنة أن تدمر حلمه، بل واجهها بكل شجاعة، وأطلق عبارته الشهيرة التي أصبحت مصدر إلهام لكل من يواجه صعوبة في تحقيق حلمه: “أنا أمتلك عينًا واحدة، لكنني أستطيع أن أفعل بها ما لا يفعله الآخرون”.

عودة قوية إلى الملاعب

عاد جورجي إلى الملاعب وهو يرتدي نظارات وقائية، وانطلق بكل عزيمة مع فريق "تاكوما"، الفريق الرديف لنادي سياتل الأمريكي، وفي أغسطس 2024، وبفضل أدائه الرائع، تمت ترقيته إلى الفريق الأول بعقد رسمي يمتد حتى عام 2028.

بطل في مونديال الأندية

في بطولة كأس العالم للأندية 2025، أثبت جورجي أنه لاعب استثنائي، كان يراوغ بثقة، يتحرك برشاقة، ويمرر الكرة وكأنه يرى بعينيه الإثنين، رغم أنه في الحقيقة يعتمد على عين واحدة فقط.

جورجي ليس وحده.. أساطير سبقوه بالتحدي

قصة جورجي الملهمة ليست الأولى من نوعها في عالم كرة القدم، ولن تكون الأخيرة، فقد سبقه العديد من النجوم الذين صنعوا المجد رغم التحديات.

هيكتور كاسترو 


ومن بين أبرز هؤلاء، تبرز شخصية هيكتور كاسترو، أسطورة الأوروجواي، الذي كتب التاريخ بذراع واحدة فقط، فاز كاسترو بكأس العالم، والأولمبياد، وكوبا أمريكا، متحديًا إعاقته.

بداية أسطورة رغم الإعاقة

ولد هيكتور كاسترو في 29 نوفمبر 1904 في مونتيفيديو، أوروجواي، وفي سن 13 عامًا، تعرض لحادث مروع أدى إلى بتر ذراعه اليمنى، إلا أن هذه الإعاقة لم توقفه عن تحقيق حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم محترفا.

هيكتور كاسترو 

رغم الحادث المؤلم، انضم كاسترو إلى نادي ناسيونال عام 1921، وأثبت موهبته الفذة كمهاجم بارع، حقق مع الفريق لقب الدوري ثلاث مرات، ثم خاض تجربة قصيرة في الأرجنتين قبل أن يعود ويعتزل مع ناسيونال عام 1936.

الظهور الأول بقميص السيليستي

في عام 1923، انضم هيكتور كاسترو لصفوف منتخب أوروجواي، وتألق بشكل سريع في صفوفه، وشارك في أولمبياد أمستردام 1928، وأسهم في التتويج بالميدالية الذهبية رغم مشاركته المحدودة.

كما كان كاسترو جزءًا من الفريق الذي شارك في أول نسخة من كأس العالم عام 1930، سجل أول أهداف بلاده في البطولة، وشارك في النهائي أمام الأرجنتين، حيث أحرز الهدف الرابع في الدقيقة 89 ليحسم اللقب لصالح أوروجواي.

إنجازات قارية

حقق كاسترو مع منتخب بلاده لقب كوبا أمريكا مرتين، في عامي 1926 و1935، ليؤكد مكانته كأحد أهم نجوم الكرة في أمريكا الجنوبية خلال تلك الفترة، كما خاض كاسترو 27 مباراة دولية وسجل 19 هدفًا.

اعتزال كاسترو

وبعد الاعتزال قرر الاتجاه إلى عالم التدريب وقاد نادي ناسيونال للفوز بالدوري المحلي خمس مرات، منها أربع مرات متتالية.

رحيل مفاجئ وذكرى خالدة

توفي الأسطورة كاسترو فجأة بنوبة قلبية عام 1960 عن عمر ناهز 55 عاما، ورغم رحيله المبكر، بقيت قصته خالدة كمثال نادر على القوة والإرادة والانتصار على المستحيل.

هيكتور كاسترو 
search