ثورة يوليو.. المجد الذي بدأ ولم يكتمل
في مثل هذا اليوم، 23 يوليو من كل عام، تتجدّد في ذاكرة المصريين ذكرى واحدة من أبرز المحطات التاريخية في القرن العشرين: ثورة 23 يوليو 1952. تلك الحركة التي قادها مجموعة من “الضباط الأحرار” بقيادة الشاب الطموح جمال عبد الناصر، لم تكن مجرد انقلاب على النظام الملكي فحسب، بل كانت بداية لتغيير شامل في بنية الدولة المصرية وطموحاتها الإقليمية والدولية.
جاءت ثورة يوليو كرد فعل على واقع مأزوم: الاحتلال البريطاني، والفساد السياسي، والفقر المدقع، وتهميش الشعب في وطنه. رفعت الثورة شعارات طموحة: القضاء على الاستعمار، على الإقطاع، على الاحتكار، على الفساد، وعلى الحكم الملكي. ولم تكتفِ بالشعارات، بل شرعت في تنفيذ إصلاحات جذرية، أهمها: قانون الإصلاح الزراعي، مجانية التعليم، بناء السد العالي، وتأميم قناة السويس، مما منح المصري البسيط شعورًا لأول مرة بأنه شريك في وطنه.
لم تكن ثورة يوليو مجرد شأن مصري، بل أطلقت شرارة التحرر في العالم العربي وأفريقيا، وتحولت القاهرة إلى قبلة لحركات التحرر. برز عبد الناصر كزعيم عربي عالمي، وظهر صوت مصر قويًا في مواجهة الاستعمار والإمبريالية، وظهرت ملامح مشروع “القومية العربية”.
صنع عبد الناصر مجد الثورة، لكنه صنع أيضًا تحدياتها. فقد وحّد الشعب خلف مشروع قومي كبير. لكنه في المقابل، أسس لنموذج الحكم الفردي المركزي. ومن بعده، اختلفت الرؤى والسياسات:
- السادات اختار الانفتاح والسلام مع إسرائيل، ونجح في تحرير الأرض لكنه ترك طبقة وسطى تتآكل.
- مبارك حافظ على الاستقرار النسبي، لكنه ترك البلاد في قبضة الفساد والجمود السياسي.
- ثم جاءت ثورة يناير، ورفعت ذات الشعارات التي طرحتها ثورة يوليو قبل 60 عامًا: “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”.
أما اليوم، فإننا أمام دولة مركزية شديدة الانضباط لكنها محدودة الحريات، تنمو اقتصاديًا في مشروعات كبرى، لكن كثيرًا من المصريين لا يشعرون أن ثمار التنمية تصل إليهم. فهل هذا هو ما حلم به الضباط الأحرار؟
تظل ثورة يوليو مثار جدل بين من يرى أنها نقطة تحول عظيمة، ومن يعتبرها بداية لحقبة من السلطوية وتقييد الحريات. لكن لا يمكن إنكار أن العدالة الاجتماعية، وتمكين الطبقة الوسطى، والنهوض بالتصنيع والتعليم، هي ثمار حقيقية زرعتها الثورة في سنواتها الأولى.
وأخيرا وليس آخرا؛ إن الاحتفال الحقيقي بذكرى ثورة يوليو لا يكون فقط بوضع الزهور على قبور الأبطال أو إعادة بث الخُطب التاريخية، بل في أن نستكمل ما بدأوه: بناء وطن حر، عادل، مستقل، يتسع للجميع. فالثورات لا تموت، بل تنتظر من يُحيي روحها في وجه كل تراجع أو انكسار.
الأكثر قراءة
-
المغرب يصطدم بالإمارات في نصف نهائي كأس العرب 2025
-
أمطار بهذه المناطق، تفاصيل حالة الطقس غدًا الثلاثاء
-
طلقها زوجها قبل أسبوع، سيدة متوفاة داخل محل تثير الذعر في البدرشين
-
بعد فراره إلى روسيا، بشار الأسد يعود لمهنته السابقة
-
ضربة قوية للسوق السوداء، ضبط 3 أطنان أسمدة مدعمة قبل تهريبها بالأقصر
-
فيضانات المغرب تودي بحياة 37 شخصا في أسوأ كارثة طبيعية منذ 11 عاما
-
في كأس العرب، المغرب يتقدم على الإمارات بالشوط الأول
-
السعودية تواجه الأردن في نصف نهائي كأس العرب
مقالات ذات صلة
الزواج بين المسيحية واليهودية والإسلام.. من يملك جسد المرأة؟ ومن يقرر مصير الأسرة؟
07 ديسمبر 2025 10:52 ص
حين يُنتهك الطفل، من يحاكم المجرم: القانون أم المجتمع؟
25 نوفمبر 2025 10:42 ص
لماذا تتفكك البيوت في مصر؟
21 نوفمبر 2025 09:02 ص
حتى ُتزهر الديمقراطية عندنا
20 نوفمبر 2025 08:32 ص
لماذا نحتاج إلى بيت الطاعة؟!.. اختبار أخير قبل الرحيل
16 نوفمبر 2025 10:24 ص
الطلاق.. حين يصبح القرار الصعب هو أصدق أشكال الرحمة
12 نوفمبر 2025 10:55 ص
حب إيه؟ حين يحتفل المجتمع بما لا يعرفه
04 نوفمبر 2025 01:07 م
المتحف المصري الكبير.. حين تستيقظ الذاكرة ويبتسم التاريخ
03 نوفمبر 2025 10:56 ص
أكثر الكلمات انتشاراً