
عقول تحت القصف.. ماذا فعل “البلوجرز” بوعي المصريين؟
لم تعد الحروب المعاصرة تعتمد على الجيوش والدبابات فقط، بل تطوّرت أدواتها لتصبح أكثر خفاءً وأشدّ فتكًا، حتى باتت الحرب الحقيقية اليوم هي حرب على الوعي.
وفي قلب هذه المعركة، يُستخدم “البلوجرز” والمشاهير الفارغون كقذائف موجهة لنسف القيم، وتفكيك المجتمع من الداخل، وتحويل أبناء الوطن إلى كائنات تافهة مهووسة بالمظاهر واللاشيء. فما الذي يحدث؟ ومنْ وراء هذا التسلل الناعم والخطير؟
صناعة التفاهة، مشروع كامل لهدم المجتمع في السنوات الأخيرة، لاحظنا انفجارًا في عدد “المؤثرين” على مواقع التواصل، لكن تأثيرهم ليس في نشر الوعي أو تحفيز التنمية أو حتى إلهام الناس، بل في تطبيع السطحية، وتمجيد الجهل، وترويج نمط حياة قائم على الاستهلاك والفراغ العقلي.
الملفت أن أغلب هؤلاء لا يمتلك أي موهبة حقيقية، ولا يقدم أي قيمة معرفية أو إنسانية، ومع ذلك يحظون برعاية وترويج على نطاق واسع، وكأن هناك جهة ما تدفعهم عمداً إلى الواجهة، وتغيّب في المقابل صوت العقول الراقية والمثقفين والمبدعين. أليس هذا مثيراً للتساؤل؟
الضربة القاضي.. تزييف النجاح وتشويه القدوة
المفارقة المؤلمة أن الجيل الصاعد اليوم بات يرى أن الطريق إلى “النجاح” لا يمر عبر الاجتهاد أو التعليم أو الموهبة، بل عبر استعراض الجسد، أو تفاهة المحتوى، أو إثارة الجدل. وللأسف، لا يُلام هذا الجيل كثيرًا، بل يجب أن نوجه أصابع الاتهام إلى من سمح لهذا الانحدار أن يتصدر، وغيّب القدوات الحقيقية من الشاشات والمناهج والمنصات.
ما يحدث الآن هو عملية تزييف ممنهجة للرموز. فحين يصبح “اليوتيوبر الفارغ” أهم من أستاذ الجامعة، ويُكرّم “نجم التيك توك” أكثر من الطبيب والمعلم، نكون أمام كارثة حقيقية: انهيار ميزان القيم.
من يقف خلف هذه الحرب الناعمة؟
السؤال المحوري: هل هذا “الانحدار” عفوي؟ أم أنه جزء من مشروع أكبر لضرب الوعي المصري؟ الإجابة الأقرب للواقع: ليست مصادفة. هناك قوى تدرك أن أخطر ما في مصر ليس جيشها فقط، بل عقل شعبها، وتاريخها، وهويتها.
ولهذا تُستهدف العقول أولاً.
• يُغذى الشعب بمحتوى فارغ.
• تُقتل فيه روح الانتماء والطموح.
• يُستبدل العقل بالضجيج، والوعي بالتفاهة.
كل هذا يحدث بينما يتفرج كثيرون وكأنهم لا يرون، أو لا يريدون أن يروا. الحل: إعلام مقاوم ومحتوى وطني وقيادة فكرية واعية إن مقاومة هذه الحرب الناعمة لا تكون بالصراخ أو التحسر، بل بالبديل:
• إعلام وطني جاد يرفع قيمة الوعي.
• دعم المبدعين الحقيقيين في كل المجالات.
• توجيه المناهج التعليمية لإحياء الانتماء والقدوة.
• إعادة الاعتبار للعلماء والمفكرين في الخطاب العام.
وهنا يأتي دور الدولة والمجتمع والأسرة، لأن الخطر إذا لم يُواجه الآن، فسندفع جميعًا ثمن جيل بلا وعي، بلا هدف، بلا انتماء.
كلمة أخيرة.. نرفض تسليع العقول ونرفض تصدير الفشل
كنموذج بصفتي متخصصة في العلاقات الأسرية والصحة النفسية، أرى يوميًا آثار هذه الحرب الناعمة في البيوت والعقول: جيل يعاني من فراغ داخلي، من وهم المقارنة، من انعدام الطموح الحقيقي. وأنا أرفض تمامًا هذا المشروع الذي يصدّر الفشل كنموذج، ويخدر عقول أبنائنا بتفاهات البلوجرز.
إن الحفاظ على الوعي المجتمعي اليوم هو معركة بقاء. فلننتبه.. قبل أن يصبح “اللاشيء” هو كل شيء..

الأكثر قراءة
-
حيلة جديدة للمستأجرين تهدد قانون الإيجار القديم.. هل ينقذه "الشمول الأسري"؟
-
رابط الاستعلام عن نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. بعد قليل
-
توقعات تنسيق طب بشري 2025 حكومي.. مؤشرات أولية
-
حركة تنقلات الشرطة 2025.. الداخلية تنهى تجهيزات إعلان ترقيات الضباط
-
ذروتها اليوم.. متى تنتهى الموجة الحارة؟
-
فرعون دارفور يستهدف الذكور.. قبيلة المساليت شاهدة على أوجاع السودان
-
والد الطالب الثالث مكرر على الثانوية الأزهرية علمي: حلم السنين تحقق
-
المجموع الكلي للثانوية الأزهرية 2025.. علمي وأدبي

مقالات ذات صلة
ثورة يوليو.. المجد الذي بدأ ولم يكتمل
23 يوليو 2025 11:36 ص
“العبور إلى التيه”.. التهجير القسري من غزة جريمة تحت عباءة الإنسانية
22 يوليو 2025 05:17 م
“غزة تموت جوعًا… فهل شبع العالم من الصمت؟
20 يوليو 2025 11:17 ص
“ممر داوود”.. طريق خفي لإسرائيل إلى قلب الخليج
17 يوليو 2025 11:49 ص
أكثر الكلمات انتشاراً