الأحد، 27 يوليو 2025

09:03 ص

من صعيد مصر إلى قلب القاهرة.. قصة كفاح "خليفة صلاح" تنطلق من قطار الأحلام

ناشئ المنيا

ناشئ المنيا

"وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى"... آية خالدة لم تبقَ حبرًا في مصحف، بل تجسدت حيّة في خطوات حسن أحمد، ناشئ نادي البنك الأهلي، أو كما يعرف بـ"ناشئ القطار"، هو ليس مجرّد لاعب شاب، بل قصة سعيٍ حقيقي، يقطع يوميًا مسافات طويلة من قلب المنيا، حاملاً حلمه في حقيبة رياضية، وعيونه على ملعب ينتظر أن يكتب فيه اسمه ذات يوم.

تعد قصة حسن من الجانب المظلم في عالم كرة القدم، ذلك الوجه الذي لا يراه الجمهور حيث الكفاح بصمت، والتعب الذي لا يُبث على الهواء، والسعي الذي لا تصاحبه كاميرات، فيولد المجد بصبر لا بضوء الشهرة.

قصة حسن أحمد، ناشئ القطار، تعيد إلى الأذهان الحكاية الملهمة لمحمد صلاح، الفتى الذي خرج من قرى مصر البسيطة ليصبح أحد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم، كما كان صلاح يقطع المسافات يوميًا من أجل حلمه، يفعلها اليوم حسن بنفس الإصرار، حاملاً طموحه من المنيا إلى ملاعب القاهرة.

ناشئ المنيا والقطار

صباح اليوم السبت نشر أحمد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صورة طفل المنيا في القطار وأشار:كنت في طريقي إلى القاهرة، وقابلت شابًا وسيمًا، كان في طريقه من المنيا إلى القاهرة لحضور دورة تدريبية في البنك الأهلي".

وأضاف: “سيعود في اليوم نفسه، وهذا سيُنهك الطفل، يسافر من المنيا إلى القاهرة يوميًا لممارسة الرياضة، يغادر منزلها الساعة السابعة صباحًا ويعود الساعة العاشرة مساءً، وهكذا حتى بوابة المدينة”.

وتابع: “تحدثت مع الشاب، وهو بخير، وقال لي إنه متعب، ولعل الله يوفقه قبل انضمامه للبنك الأهلي، كان يلعب في صفوف المقاولون العرب”.

واختتم حديثه قائلاً: “اسم الطفل حسن أحمد حسن، وهو لاعب في فريق البنك الأهلي 2012، وهو شرف وفخر لجميع الرياضيين، والله المستعان، أتمنى من إدارة البنك الأهلي، بقيادة اللواء أشرف نصار، توفير السكن له”.

استجابة من البنك الأهلي

وعقب نشر صورة الطفل وقصته، أكد رئيس نادى البنك الأهلي أشرف نصار لـ"تليجراف مصر " أن حسن أحمد يتمتع بإمكانات فنية وبدنية مميزة، وأنه أحد أبرز العناصر الواعدة في القطاع، مشيرًا إلى أن التزامه الشديد بالحضور اليومي والانضباط الفني جعله يحظى بإشادة جميع المدربين، الذين يرون فيه "مشروع مدافع دولي" إذا استمر بنفس العقلية والاجتهاد.

ورغم الموهبة الواضحة التي يمتلكها اللاعب، إلا أن الرحلة اليومية بين المنيا والقاهرة بدأت تُشكل عبئًا بدنيًا ونفسيًا عليه، خاصة في ظل عدم توافر سكن دائم أو وسيلة مستقرة تقلل من عناء التنقل، وهو ما دفع رئيس النادي، أشرف نصار، إلى التدخل شخصيًا، بعد علمه بتفاصيل معاناة اللاعب.

وأكد نصار أنه طالب بسرعة إعداد تقرير شامل عن وضع حسن، تمهيدًا لتوفير حلول تضمن استقراره سواء من خلال توفير سكن قريب من النادي أو تسهيلات لوجستية تضمن انتظامه دون إرهاق.

رحلة معاناة استمرت 5 سنوات

وكشف والد الناشئ حسن، في تصريح لـ "تليجراف مصر"، تفاصيل المعاناة التي عاشها ابنه على مدار خمس سنوات، قائلًا: “إحنا عايشين في المنيا وحسن بيحب الكرة منذ صغره وأنا شايف فيه لاعب ممتاز، كنت بحفزه وأشجعه دائما، ومنذ عمر الـ9 سنوات بدأ يسافر، بيعاني في السفر من المنيا إلى القاهرة يوميًا، من وقت ما كان لاعب في المقاولون العرب”.

وأضاف الأب، الذي يعول 5 أطفال، أن حسن كان يسافر مؤخرًا بمفرده نظرًا لظروف عمله، موضحًا أن “كل اللي بقدر عليه إني أشجعه وأقوله استحمل، اللي عايز يوصل لحاجة لازم يتحدى الصعوبات”.

وكشف والد حسن مسيرة ابنه الكروية، موضحًا أنه لعب 3 سنوات أساسيًا في فريق الناشئين بالمقاولون العرب قبل أن يستغني النادي عنه، وقتها، دفعه والده لإثبات نفسه، فخضع لاختبارات في عدة أندية، بما في ذلك الأهلي، قبل أن يوقع أخيرًا للبنك الأهلي تحت قيادة الكابتن بدر رجب.

مفاجأة السكن تبدل الدموع إلى فرحة

وعن لحظة تلقيه خبر توفير السكن، قال والد حسن بتأثر بالغ: “النهارده اتفاجئت بمكالمة تليفون من النادي وقرار توفير سكن ليه في الاستراحة، بصيت للسما وبكيت لأن حسن ابني تعب كتير بقاله 5 سنين بيطلع من 7 الصبح يرجع 10 بالليل، وكان بينام على الأرض في القطر في الشتا، وبيتعب من الشمس في الصيف”.

وأشار الأب إلى أنه كان قد آثر عدم الحديث عن معاناة ابنه إلا بعد أن يحقق شيئًا يستحقه، مضيفًا أنه قال له وقت رحيله من المقاولون العرب "قولتله ربنا شايلك الأفضل وحسن يستاهل دعم من كل الناس”.

حسن أحمد على خطى صلاح

حكاية حسن أحمد ناشئ المنيا، تعيد الأذهان لقصة النجم المصري محمد صلاح الذي ولد في 15 يونيو 1992، بقرية نجريج التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، وسط دلتا مصر،وكان من أسرة بسيطة الحال، ويعمل والده في التجارة، ويسافر يوميًا من أجل خوض التدريبات.

السفر يوميًا

وقال نجم ليفربول في أحدى اللقاءات التلفزيونية: "مشواري كان 4 ساعات رايح و4 ساعات جاي، لمدة 5 أيام في الأسبوع، كل اللي كنت بفكر فيه وقتها إني بحب الكورة وعايز أكون لعيب كورة".

وواصل: "ينتهي التدريب في السادسة مساءً، وأعود إلى منزلي في العاشرة أو العاشرة والنصف مساءً، وفي أوقات كانت المواصلات صعبة، لذا كنت اضطر للنوم أمام نادي المقاولون".

مصروف الجيب

وأكد صلاح بأنه عندما كان في صفوف الناشئين يدخر مصروف الجيب البالغ 30 جنيهًا خلال مباريات الفريق الخارجية للإنفاق على السفر في رحلته إلى القاهرة.

أزمة المدرسة

كانت أزمة المدرسة من أولى وأكبر العقبات التي واجهت محمد صلاح في بداية رحلته نحو الاحتراف، خاصة بعد انتقاله من قريته نجريج إلى العاصمة القاهرة للانضمام إلى نادي المقاولون العرب.

واجه صلاح صعوبة كبيرة في التوفيق بين تدريباته الكروية وتعليمه المدرسي، حيث كان يضطر إلى مغادرة المدرسة مبكرًا بشكل شبه يومي حتى يتمكن من اللحاق بمواعيد التدريب، الأمر الذي تسبب في مشاكل متكررة مع إدارة المدرسة.

ولم يكن مسموحًا له بالغياب أو الانصراف إلا إذا قدّم ورقة رسمية من النادي تثبت مشاركته في التدريب، ما جعله يدخل في صراع دائم بين حلمه الكروي ومتطلبات النظام التعليمي.

تلك المرحلة المبكرة كشفت عن شخصية صلاح العنيدة، وقدرته على التحمل والالتزام رغم الضغوط اليومية، وهي السمات التي استمرت معه حتى أوصلته إلى قمة المجد الكروي، ليصبح اليوم واحدًا من أبرز نجوم العالم الذين تحدوا الصعاب منذ البداية.

search