"الدولي غير الدوري"، منتخب مصر لكل من هب ودب
منتخب مصر
“الدولي غير الدوري، أتمنى لك التوفيق، واصل العمل مع الزمالك، وتحلَّ بالصبر، فالدوري المحلي مختلف عن البطولات الدولية، أتمنى أن يصبح التوفيق حليفك دائمًا”،، النجم فاروق جعفر موجِّهًا نصيحة للأسطورة حسن شحاتة مدرب الزمالك عام 2012.
تلك العبارة التي قالها نجم الزمالك السابق فاروق جعفر أصبحت وصفًا لأي لاعب أو مدرب يتألق على الصعيد المحلي بينما يواجه صعوبات على المستوى الدولي مع المنتخبات.
ومع مرور الوقت، ترسخت الفكرة في أذهان الجماهير وأصبحت شعارًا للبعض؛ فما ينجح في المنافسات المحلية لا يعني بالضرورة نجاحه على المستوى القاري، واعتلاءُ فريقٍ لمنصة الدوري المحلي لا يضمن بالضرورة فوزه بالبطولات الدولية، وأداءُ اللاعبين مع النادي قد يختلف كليًا عن المنتخب.
وظهر منتخب مصر الثاني بصورة باهتة في كأس العرب لا تعكس حجم اسم الكرة المصرية ولا قيمتها التاريخية، وبدا الأداء خافتًا وفاقدًا للروح، وكأن الفريق يدخل المباريات دون هوية واضحة أو شخصية داخل الملعب.
قدَّم المنتخب نسخة باهتة من نفسه، افتقد فيها الجرأة والسرعة والحلول الهجومية، رغم قدرته على الصعود إلى دور ربع النهائي.
وانتقدت الجماهير والإعلام، على حد سواء، أداءَ الفراعنة خلال مونديال العرب، متسائلين عن الاختيارات الفنية لحلمي طولان مدرب المنتخب، وافتقاد بعض اللاعبين لخبرة اللعب مع منتخب مصر، وسوء اختيار عدد من اللاعبين، بالإضافة إلى كِبَر سن آخرين.
بين كرة القدم الدولية والمحلية
في تقرير نشره موقع "أوبتا" المتخصص في الأرقام والتحليلات عام 2021، كُشف عن عدد من الفروق الهائلة بين كرة القدم الدولية وكرة القدم على مستوى الأندية.
وذكر التقرير: "يُعد عدد الفرق المشاركة في البطولات الدولية أقل بكثير من الأندية؛ فهناك 222 منتخبًا معترفًا بها عالميًا، مقابل 248 ناديًا على الأقل في المستويات السبع الأولى من الدوري الإنجليزي وحده".
وتابع التقرير: "الأندية تمتلك حرية السوق، فاختيار اللاعبين يعتمد على الموارد المالية وقدرة النادي على جذب المواهب، لكن في المقابل يستطيع أي منتخب ضم أي لاعب دون الحاجة إلى المال".
وأكد التقرير أن عدد المباريات أحد أبرز الاختلافات: "على مدار 5 مواسم، لعب الفريق المتوسط في الدوريات الخمس الكبرى 44.3 مباراة في الموسم، مقارنة بـ 11.2 مباراة فقط للمنتخبات الدولية".
وتابع التقرير: "تمنح التحضيرات والتدريبات المتكررة الأنديةَ ميزةَ الاستقرار، بينما تمتلك المنتخبات الدولية ميزة الحفاظ على التشكيلة الأساسية".
وتحدث لاعب خط وسط ليفربول وإسبانيا السابق، تياجو ألكانتارا، عن هذا الأمر لصحيفة الإندبندنت قبل بطولة يورو 2020، قائلاً: "مع ناديك، لديك أيام أكثر للتدريب، وأيام أكثر معًا، وأيام أكثر للتعلم بعيدًا عن الملعب مع المدربين والزملاء".
وخلال فترة كأس العالم 2018، وبحسب تقرير شركة "أوبتا"، أجرى مدرب إنجلترا السابق جاريث ساوثجيت تغييرًا واحدًا على الأقل في التشكيلة الأساسية لمنتخب إنجلترا في 37 مباراة متتالية، واستخدم 57 لاعبًا مختلفًا خلال 5 أعوام، بينما تستخدم الأندية عددًا أكبر من اللاعبين لأنها تمتلك فترات انتقال.

وعلى مدار المواسم الخمسة، استخدم فريق من الأندية متوسط 57 لاعبًا مختلفًا، بينما استخدمت الفرق الدولية ما يقرب من 55 لاعبًا.
هزيمة غانا المذلّة
بالعودة للحديث عن كرة القدم المصرية، وتحديدًا عام 2012، نجد أن المدرب الأمريكي بوب برادلي قضى 377 يومًا كمدرب للمنتخب المصري خلفًا لحسن شحاتة عقب إخفاق المنتخب في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2012.

خاض المنتخب تحت قيادته 36 مباراة، منها 10 مباريات رسمية مقابل 26 ودية، وسجل المنتخب خلال فترة برادلي 75 هدفًا مقابل استقبال 41 هدفًا، مع الحفاظ على شباكه نظيفة في 16 مباراة.
ولم يتلقَّ المنتخب سوى 8 هزائم، منها مرتان أمام إفريقيا الوسطى وأخرى ضد غانا، بينما جاءت باقي الهزائم في مباريات ودية.
لكن المثير في الأمر أن المنتخب المصري خسر بنتيجة تاريخية أمام غانا بنتيجة 6-1، ثاني أكبر هزيمة في تاريخ الفراعنة.

وانضمت تلك الهزيمة الثقيلة التي تلقاها المنتخب المصري أمام نظيره الغاني إلى سجل كبير من الخسائر القاسية للفراعنة، منها الخسارة أمام السعودية 5-1 في كأس القارات 1999، والسقوط أمام فرنسا بنتيجة 5-0 في مباراة ودية عام 2003.
وكانت أكبر هزيمة في تاريخ المنتخب المصري خلال دورة الألعاب الأولمبية في أمستردام عام 1928، حين مُني الفراعنة بخسارة مذلة أمام إيطاليا بنتيجة 11-3.
"منتخب الأهلي + صلاح والنني"
وفتحت تلك الهزيمة الباب أمام العديد من التساؤلات عن اختيارات برادلي حينها، إذ لعب مواجهة غانا بتسعة لاعبين من الأهلي بالإضافة إلى المحترفين محمد صلاح ومحمد النني.
إذ جاءت التشكيلة كالتالي: شريف إكرامي – أحمد فتحي – وائل جمعة – محمد نجيب – أحمد شديد قناوي – حسام غالي – محمد النني – حسام عاشور – وليد سليمان – محمد أبو تريكة – محمد صلاح.
ورغم أن الأهلي دائمًا ما يكون صاحب أكبر تمثيل في منتخب مصر، فإن وجود 9 لاعبين دفعة واحدة طرح سؤالًا وجيهًا: أين الزمالك والإسماعيلي وباقي الأندية؟
لكن لاعبين مثل شريف إكرامي، ومحمد نجيب، وأحمد شديد قناوي، وحسام عاشور، ووليد سليمان لا يملكون الخبرة الدولية مع منتخب مصر، ما ساهم في الهزيمة الثقيلة.
ويمتلئ تاريخ كرة القدم بلاعبين تألقوا على مستوى الأندية ولم يتألقوا على المستوى الدولي؛ على سبيل المثال كريم بنزيما نجم فرنسا، وإيدين هازارد نجم بلجيكا السابق، وزلاتان إبراهيموفيتش نجم السويد السابق، وأندريه شيفتشينكو نجم أوكرانيا السابق.
وعلى المستوى المحلي، نجد لاعبين رائعين كانوا نجومًا في الأهلي والزمالك ولم يظهروا على المستوى الدولي بالشكل المأمول؛ مثل حمادة عبد اللطيف وأسامة نبيه وشيكابالا وعبد الواحد السيد من الزمالك، وحسام عاشور ووليد سليمان من الأهلي، ومحمد صلاح أبو جريشة من الإسماعيلي، وغيرهم الكثير.
وما زاد الطين بلة في فترة المدرب الأمريكي بوب برادلي أن المدرب استدعى في أحد المعسكرات 56 لاعبًا، واستخدم 90 لاعبًا خلال 36 مباراة، بينما استخدم مدرب إنجلترا ساوثجيت 55 لاعبًا على مدار 5 أعوام.
كما استدعى لاعبين لا يملكون أي خبرة دولية مع المنتخب الأول، مثل علي لطفي ومسعد عوض في حراسة المرمى.
وفي خط الدفاع: محمد نجيب، آدم العبد، معاذ الحناوي، علي فتحي، إسلام رمضان، أحمد شديد قناوي، محمد بلال، محمد الحصري، وأسامة رجب.
وفي خط الوسط: عامر صبري، حسام عاشور، أحمد توفيق، عبد الله فاروق، مصطفى طلعت، مصطفى شبيطة، إبراهيم عبد الخالق، وليد سليمان، أحمد إسماعيل "تمساح"، عاشور التقي، أحمد مجدي، أحمد حمودي، وأحمد داوودا.

وفي الأمام: دودو الجباس، صلاح عاشور، أحمد جعفر، عمرو مرعي، وحسين حمدي.
حتى إن بعض الأسماء التي انضمت إلى منتخب الفراعنة لا يذكرها الجمهور المصري، أو سيبذل مجهودًا كبيرًا لتذكرها.
الضحية منتخب مصر
وخلال كأس العرب 2025، استذكر البعض فترة برادلي المليئة بالتقلبات الفنية على مستوى استدعاء اللاعبين والنتائج.
وظهر منتخب مصر الثاني بأداء مخيب للآمال؛ إذ تعادل الفراعنة أمام الكويت والإمارات في دور المجموعات، ورغم أنه يقترب من الصعود إلى دور ربع النهائي بعد قرار المغربي جمال السلامي مدرب الأردن اللعب بالفريق الثاني بعد حسم تأهل وصيف كأس آسيا إلى الدور التالي، ما سهّل مهمة منتخب مصر.
وهاجم الإعلام والجماهير اختيارات منتخب مصر، إذ استدعى حلمي طولان بعض اللاعبين الذين لا يملكون أي خبرة دولية، والبعض الآخر انخفض مستواه، إضافة إلى كِبَر سن عدد من اللاعبين.
وتساءلت مواقع التواصل الاجتماعي عن أسباب اختيار لاعبين مثل يحيى زكريا لاعب غزل المحلة، وإسلام عيسى لاعب سيراميكا كليوباترا، ومحمد مسعد لاعب مودرن، واستدعاء محمد شريف وأفشة نجمي الأهلي اللذين هبط مستواهما؛ إذ لم يظهر الأول بشكل جيد مع المارد الأحمر وابتعد أفشة عن التشكيل الأساسي، بالإضافة إلى كِبَر سن لاعبين مثل محمد النني نجم الجزيرة الإماراتي وعمرو السولية نجم سيراميكا كليوباترا الذي أهدر ركلة جزاء أمام الكويت.
وانتقد أحمد عز، محلل قناة "إم بي سي"، الثنائي لكِبَر سنهما، وقال إن المنتخب المصري لعب بشكل أفضل كثيرًا أمام الإمارات بعد استبدالهما

كما تساءلت الجماهير المصرية عن سر غياب أحمد عاطف قطة نجم بيراميدز، الذي يعتبره الكثيرون أحد أفضل لاعبي الدوري المصري، كما غاب طاهر محمد طاهر نجم الأهلي، بالإضافة إلى تأثير غياب دونجا نجم الزمالك الذي كان من الممكن أن ينضم في حال غيابه عن قائمة منتخب مصر الأول.
ولا يخفى على الجميع الخلافات الدائمة بين حلمي طولان وحسام حسن مدرب المنتخب الأول من جهة، وأحمد حسن مدير منتخب مصر الثاني وعصام الحضري مدرب الحراس مع حسام حسن من جهة أخرى، ما أدى إلى غياب التنسيق بين مدرب المنتخب الأول والثاني.
عذر أقبح من ذنب
وظهرت الخلافات في معسكر منتخب مصر الثاني بعدما اعترض الثنائي محمد شريف وعمرو السولية على خروجهما خلال مواجهتي الكويت والإمارات على الترتيب، ما أثار التساؤلات حول وحدة الفريق ومستوى الانضباط داخله.
كما خرج مدرب منتخب مصر بسلسلة من التصريحات التي يبدو أنها تمهيد لخروج المنتخب من البطولة، إذ قال: "أقدم اعتذاري للجماهير بعد أن أخفقنا في تحقيق النتائج التي كانوا ينتظرونها، يدرك الجميع حجم التحديات التي مررنا بها، بدءًا من عملية تشكيل الفريق وتجهيزه للبطولة، ثم اضطرارنا للمشاركة بتشكيلة مختلفة تمامًا".

وعن إمكانية تغيير أسلوب اللعب، أوضح طولان: "تبديل الطريقة ليس قرارًا يُنفَّذ بين ليلة وضحاها، فهو يحتاج إلى وقت وتدريبات، حتى فرق مثل برشلونة وريال مدريد حافظت على نهجها لسنوات طويلة دون تعديل".
وبخصوص المنتخب الأردني، قال: "الأردن منتخب وصل إلى كأس العالم، وقدم أداءً قويًا في مباراتيه أمام الإمارات والكويت، وخرج متصدرًا لمجموعته، والمواجهة أمامه لن تكون سهلة على الإطلاق".
وأثنى على النشامى بقوله: "المنتخب الأردني يلعب كرة حديثة ومنظمة، ولم يبلغ المونديال مصادفة، فهو يمتلك مجموعة مميزة في جميع الخطوط، دفاعًا وهجومًا".
وأكمل: "الجميع يدرك تمامًا ما جرى قبل انطلاق البطولة، ولا أرغب في الخوض في تفاصيله الآن، فسيأتي الوقت المناسب للحديث عن ذلك".
واختتم طولان تصريحاته قائلًا: "منتخب مصر يظل منتخبًا كبيرًا مهما كانت الظروف، ومن الطبيعي أن ينتظر منا الجمهور الفوز باللقب بالنظر إلى مكانة المنتخب، لكني أفضّل تأجيل الحديث عن هذه النقطة حتى لا يبدو وكأنني أبحث عن أعذار، وأكرر ثقتي في اللاعبين وقدرتهم على حسم بطاقة التأهل".
وهكذا، يجد المنتخب المصري نفسه مرة أخرى في قلب عاصفة من الانتقادات والتساؤلات، بين أداء باهت في كأس العرب، وخيارات فنية أثارت الجدل، وخلافات داخلية لم تُخفَ على أحد، ومهما اختلفت الأسباب بين غياب الانسجام وقلة الخبرة الدولية، يبقى الثابت أن الفوارق بين "الدولي والدوري" كشفت عن فجوة واضحة.
ورغم المستوى الباهت، فإن الجماهير المصرية لا تزال متمسكة بأمل استعادة هوية الفراعنة التي طالما صنعت الفخر، وتنتظر رؤية منتخب قادر على تمثيل الكرة المصرية بما يليق بتاريخها.
الأكثر قراءة
-
مواجهة نارية في الدوحة، العراق يختبر طموح الجزائر في كأس العرب 2025
-
مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة
-
كأس العرب 2025، مباراة شرفية بين البحرين والسودان قبل وداع البطولة
-
مشاهدة مباراة البحرين والسودان اليوم في كأس العرب 2025
-
مشاهدة مباراة الجزائر والعراق اليوم في كأس العرب 2025
-
حظك اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025، يوم مليء بالمفاجآت
-
برشلونة يستضيف آينتراخت فرانكفورت في مواجهة ثأرية بدوري أبطال أوروبا
-
المؤبد لمعتز مطر ومحمد ناصر بتهمة قيادة جماعة إرهابية
أخبار ذات صلة
بلغ 14.9 تريليون جنيه، هل تجاوز الدين العام الحدود الآمنة؟
09 ديسمبر 2025 04:16 م
القاهرة بدأت الفكرة، هل تسير المحافظات على نهج العاصمة في إيواء الكلاب الضالة؟
09 ديسمبر 2025 02:40 م
زلزال بقوة 7.2 درجة يضرب شمال اليابان.. وتحذير من تسونامي
08 ديسمبر 2025 06:11 م
عبلة كامل تحتفل بعيد ميلادها الـ 65.. استمرار في دائرة الضوء رغم الغياب
08 ديسمبر 2025 04:50 م
أكثر الكلمات انتشاراً