سها جندي: إعادة مبادرات كبرى وبشرى سارة للمصريين بالخارج (حوار)
بينما تواجه مصر تحديات داخليًا وخارجيًا، تظل ملفات المصريين في الخارج والدبلوماسية الاقتصادية؛ واحدة من أهم قضايا الأمن القومي التي تحتاج إلى عقل إداري مرن، ورؤية سياسية واقعية، وارتباط بالشأن العام.
ومن بين التجارب التي اهتمت بشؤون المصريين في الخارج ونفذت خطة من شأنها خلق توازن بين احتياجات الدولة، والمغتربين برزت شخصية السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج سابقًا؛ حاضرة بقوة في المشهد؛ كونها قدمت نفسها كمزيج فريد بين التخطيط والعمل التنفيذي.
“تليجراف مصر” حاورت سها جندي، وفتّشت معها عن كواليس ضم وزارة الهجرة إلى الخارجية، ومصير العاملين بالقطاع، وفرص إعادة المبادرات الكبرى مثل سيارات المصريين بالخارج والتسوية التجنيدية، كما غاصت في محطات طفولتها ونشأتها في صعيد مصر، وتجربة الفقد المبكر، وعشقها للكرة والنادي الأهلي، وعلاقتها الشهيرة بـ"إفطار المطرية" وأشياء أخرى؛ وإلى نص الحوار:
كيف كانت طفولة سهى جندي والبيت الذي نشأت فيه؟
طفولتي كانت عاملًا أساسيًا في تكوين شخصيتي ووصولي إلى مناصب مرموقة في الدولة، عشت في بيئة عائلية دافئة داخل الأجواء الصعيدية بسوهاج، واتربيت على الأصول وأهلي زرعوا جوايا المحبة، والدي فنان تشكيلي ووالدتي رحمة الله عليها كانت وكيلة مدرسة.
والدي من أكثر الرجال تفتحًا على مستوى العالم، وكان دائم الإيمان بي وبشقيقي وشقيقتي اللذين يصغرانني سنًا.
كيف كانت علاقتك بوالدك بعد رحيل والدتك؟
أبويا وقف جنبي أنا وأختي جدًا، أكتر حد دعمني ووقف ورايا وكان متأكدًا إني هوصل لحلمي وأقدر أعمل أي حاجة طالما خططت لها، أبويا وأمي لآخر نفس ليها استثمروا فينا الحب والتربية والعلم، وعندما تركونا للعالم، لم يهتموا بالأموال بقدر اهتمامهم بالتعليم ومبادئ الأخلاق والثقة بالنفس.

هل قصرتي في حق نفسك عندما انشغلتي بالعلم والعمل عن الزواج وتكوين أسرة؟
إطلاقًا، والدتي رحلت وأنا سني 17 عامًا، سابت لي بيت فيه أب وولد وطفلة تبلغ من العمر عامين فقط، شلت مسؤوليتهم جميعًا، فأنا الأم الحقيقية لأختي الصغيرة، هي ما شافتش أمًا غيري، وأنا عشت الأمومة معاها ومع أولادها لما تزوجت وأنجبت.
رحيل والدتي ساهم في منع خوفي من ضرورة الزواج وتكوين أسرة وبيت، لأن اللي خلف مامتش، ودخلت في تجارب خطوبة ومحصلش نصيب، وقدرت أكون قريبة جدًا من والدي وأخوتي.
ما سر علاقتك بربنا وهل لديك محراب خاص؟
أنا حريصة طول الوقت على وجود ركن شخصي هاديء في حياتي يقربني من ربنا، فهي علاقة خاصة جدًا ومتصلة دائمًا، ووجودي مع ربنا دي حاجة عظيمة، وبفصل عن العالم كله، وبشعر بارتباط وثيق مع الله يمدني بإمكانات عظيمة ومحبة من الناس وطمأنينة طيلة الوقت.
لكن علاقتي مع الله غير مقتصرة على محراب مغلق 24 ساعة في أوقات الإجازات، وأكثر كنيسة محببة إلى قلبي وبصلي فيها دايمًا، هي الكنيسة الموجودة جنب بيتي، لأنها توفر عليا الكثير من الأمور، بحس أن ربنا ساندني.
هل لديك أي أوقات للترفيه عن نفسك؟
رغم انشغالي وتديني، إلا أن عندي جانب آخر من الرفاهية، وهو حبي لكرة القدم، بشجعها بشكل مستمر، عندي أخويا زملكاوي متعصب وأبويا أهلاوي متعصب، بس أنا بنت أبويا وأهلاوية طبعًا.. رغم أنه مش دايمًا المفروض نقول إحنا بنشجع نادي إيه”.
كان لسها جندي بصمة بارزة في إفطار المطرية.. إحكي لنا عنها؟
بعتبر إفطار المطرية ده نقطة ضعف في قلبي، فأنا بنت بلد شعبية وصعيدية، اتولدت وعشت في سوهاج، وكنت أول وزيرة في المنصب تنزل الشارع وسط الناس وطبعًا دا خلى الإفطار “براند”.
عاوزة أعرف العالم كله أن دعم مائدة إفطار المطرية نابع من أهلها، ولم تشارك أي مؤسسة في الدولة في هذا الإفطار، ناس المطرية هما إللي صارفين عليه، ودي رسالة جميلة جدًا، فهو نموذج لمصر ولكرم شعبها، ونوع من أنواع سياحة الطعام العالمية، أنا بفتخر إني صعيدة وبحس بقرب شديد من رجل الشارع.
إحنا الدولة الوحيدة اللي الأجنبي لما يركب تاكسي السواق يكلمه في السياسة، السواق عندنا مثقف جدًا، ومن أهم الحاجات اللي المفروض يسعى إليها المسؤول إنه ميبقاش واقف في برج عالٍ، لازم ينزل الشارع يكلم الشعب ويشوف رأيهم، ورغم كونهم بسطاء إلا أن عندهم فكر ووجهة نظر.

هل تحملين جنسية أخرى غير المصرية؟
رغم اهتمامي بملف المصريين بالخارج، إلا أني لا أحمل سوى جواز السفر المصري فقط، وده شرف كبير لي.
بمناسبة انتهاء امتحانات الثانوية العامة كيف عاشت سها جندي هذه الفترة من حياتها؟
كنت في الشعبة الأدبية، وحصلت على مجموع 80%، وسعيت للالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، وبعد اجتياز الامتحانات بجدارة، ساقني فضولي للالتحاق بكلية الألسن التي كانت بمثابة مدرسة صغيرة في حي حلمية الزيتون، وكان لها دور كبير في حصولي على مناصب مرموقة في وزارة الخارجية، والاهتمام بملف المصريين بالخارج.
فكرتِ تكتبي كتابًا خاصًا تروي فيه مسيرة أكثر من 35 عامًا في العمل العام والدبلوماسي؟
نعم، بالفعل عندي النية إن أكتب كتابًا خاصًا بمسيرتي، ليستفيد منه الجميع ويخدم المصريين بالخارج، تحت مسمى “أيام في محبة مصر”.
لماذا تهتمي بالعمل العام؟
لأني أعتبره جزءًا من إحساسي بتقديم رسالة تخدم المصريين كافة سواء كانوا في الداخل أو الخارج.
الفترة المقبلة عندنا انتخابات مجلس شيوخ.. هل يمكن أن تتقلدي منصبًا فيه؟
مصر إذا طلبت مني أي منصب يخدم الدولة لن أفكر مرتين.
هل ضم وزارة الهجرة تحت عباءة وزارة الخارجية أفضل أم فصلها؟
لا أستطيع تقييم هذا الأمر، خاصة أن الضم حدث منذ عام واحد فقط، لكن دائمًا نعتبر وزارة الهجرة تابعة للأمن، لكنها تتأرجح بين الضم والفصل لترشيد النفقات، على الرغم من كونها موردًا للعملة الصعبة، وفي الأزمات الاقتصادية قامت بالعديد من المبادرات التي تخلق مسارات موازية لتحويلات المصريين بالخارج.
ووزارة الهجرة تأرجحت بين الفصل كوزارة مستقلة والضم إلى وزارة أخرى منذ إنشائها، ومردود إنشاء الوزارة ومنفعتها أكثر بكثير من تكلفتها.
ما مصير العاملين في قطاع الهجرة بعد ضمها لوزارة الخارجية؟
منهم من تم توزيعهم على مختلف القطاعات في وزارة الخارجية بشكل محدود في قطاع الهجرة، والبعض الآخر تم تسريحه.
هل يمكن إعادة فتح مبادرتي سيارات المصريين في الخارج والتسوية التجنيدية؟
سيتم مناقشة الأمر في مؤتمر المصريين بالخارج في شهر أغسطس المقبل، لأني تسلمت طلبات المصريين بالخارج وأرسلتها لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي لدراستها، وتلقيت ردًا من المسؤولين بالحديث والتشاور في الأمر.
ما رأيك في دور مصر فيما يحدث على مستوى العالم؟
مصر صاحبة مدرسة خاصة بها في العلاقات الدبلوماسية والخارجية وبالنسبة لهذا الملف فهو يرتبط بعلاقة مصر بالدول المختلفة في ظل الأحداث العالمية الحالية، ولو تحدثنا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإنه يبحث عن مصلحة بلاده وهو في الأساس رجل أعمال، ولكني عندما كنت في المعهد الدبلوماسي تعلمت أن علاقات الدول لا تدار مثل علاقات الشركات ولكن ترامب يفعل العكس، وأي خبير في السياسة الدولية يرى أن تلك الفترة "فترة وسطية" لنظم من شأنها أن تتغير وتتحول إلى نظم مختلفة.
في رأيك هل ينجح ترامب في إدارة الدول بنظام الشركات؟
هناك فرق بين أن تدير الأمور من منظور المصلحة الشخصية والعامة، ومش شرط أن تكون شركة، لأن إدارة وزارة الهجرة وملفاتها وملفات المصريين في الخارج كانت من منظور مصلحة المصريين ومصلحة الحكومة، وهذا جعل هناك تكاتف بين الدولة والحكومة، لتحقيق كل ما يريده المصريون في الخارج، لأنها مصلحة متبادلة وتحقق مصلحة الدولة ومصلحتهم واستفدنا في هذا المعترك بالعلاقة بالمنظمات الدولية ومنظمة الهجرة لتدريب وتشغيل المصريين بالخارج، ودخولهم الأسواق الخارجية وإنشاء المركز المصري للهجرة والتدريب من أجل التوظيف وهذا لتحقيق المصلحة والتعاون مع الجميع.
كيف لمصر أن تستغل أوراق الضغط لتحويلها لأوراق قوة في ملف اللاجئين ورسوم ترامب؟
أرى أن الأزمات العالمية في صالح مصر، فأكثر من 60% من الدولة من فئة الشباب وهذا يجعلها من الدول كثيفة العمل، وتستطيع أن تكون جاذبة لسوق العمل نظرًا لاستقرارها، وأن تتحول لأكبر مصنع في العالم للشباب الطامحين لتحسين دخلهم ويصبح لهم مستقبل، وتستطيع أن تجذب كل الاستثمارات العالمية.
ومصر تعتبر زعيمة في أفريقيا وفي العالم العربي، ولديها موارد طبيعية ضخمة، بالإضافة إلى الرغبة السياسية في استغلال ذلك، وعندما ترأست مصر الاتحاد الأفريقي سعيت أن تكون هناك مبادرات إقليمية عظمى، وأن يكون هناك طريق يصل الإسكندرية بجنوب أفريقيا لتعظيم الاستفادة من المبادرات والتواصل البناء بين دول القارة السمراء.
وبشأن اللاجئين؛ فمصر دولة تتعامل بالأخلاق في وقت لم يعد يوجد فيه أخلاق، وإمكانية أن يلجأ لك مواطن وأخ عربي في دولة النزاع المسـلح شق ظهرها أكيد هتستقبله وتفتح له الباب.
وطبعًا أنا عارفة أن ده ضغط على ميزانية الدولة علشان هو بيقاسمك في السكن والأكل والشرب وأيضا يقاسمك الدعم، وأعلم جيدًا أن هناك ناس تخشى من هذا الأمر، لكن في نفس الوقت داخل لي فرص الربط بدول تانية مش بس دولته وبيبقي جاي عايز ينجح، وفيه كتير من اللاجئين شاطرين جدًا، زي السوريين عندهم قدرة أنهم من غير ما يبقى معاهم فلوس أنهم يعملموا بيزنس، وفيهم ميزة إنهم عايزين يثبتوا أنهم متميزون.
وبشأن الوضع الأفريقي.. ما هي روشتة استعادة تقدم مصر أفريقيًا؟
أفريقيا دائمًا على رأس أولويات السياسة الخارجية لمصر، وتوجد علاقات اقتصادية قوية على مستوى الشركات والقطاع الخاص بين مصر ودول القارة السمراء، وهناك شركات متميزة لمصر في أفريقيا منها السويدي وأوراسكوم وشركات الدواء المصرية التي تعتبر ذات سمعة متميزة في أفريقيا وأوروبا.
ووكالة الدواء الأفريقية في رواندا تعتبر وسيلة للتكامل فيما يتعلق بالدواء المصري، وأثناء فترة عملي كمساعد لوزير الخارجية للمنظمات والتجمعات الأفريقية، عملنا بكل جد لنستضيف ونأخذ مقر المنظمة الخاصة بإعادة التأهيل والتنمية للدول الخارجة من النزاعات، وهدف المقر هو توجيه الشركات الخاصة لتعمير هذه الدول، ويكون هناك نوع من أنواع التكامل لبناء هذه المجتمعات لأن عنصر التنمية الاقتصادية طالما وصل إلى مجتمع معين يحدث له فرق في هذا الأمر.
ملف آخر هو الحرفيون.. ماذا ينقصنا لتصدير الحرفيين للخارج؟
لدينا من الحرف اليدوية الكثير والكثير، وعند زيارتي للولايات المتحدة الأمريكية كنت أزور الجاليات المصرية في كاليفورنيا، وكان فيه عدد من الشركات الصغيرة ومنظمات المرأة بيطلبوا مني توفير الحرف اليدوية المصرية.
والحرف المصرية لديها أسواق عالمية ونحن في حاجة لتكامل المنظومة والآلية الخاصة بهذا الملف، فنحن لا نصدر المورد البشري، إنما أنا شايفة أن فيه أولاد بيموتوا نفسهم في البحر رغم أنه فيه إمكانية أنهم يوصلوا للدولة التي يحلمون بها بالعمل الجاد والحرفي، واكتشفت أثناء عملي بوزارة الهجرة أن الهجرة غير الشرعية هي هجرة بالعدوى يعني قريتين جنب بعض بيسافروا نفس البلد، لكن نسبة من يصلون إلى هناك لا تذكر مقابل شباب بيفقدوا حياتهم دون وعي بخطورة الأمر.

الأكثر قراءة
-
بالأسماء.. تجديد الثقة في عدد من رؤساء مباحث القاهرة
-
بالأسماء.. حركة تنقلات موسعة لمديري القطاعات ورؤساء مباحث القاهرة
-
انقطاع الكهرباء والمياه بالجيزة.. تفاصيل عملية الـ30 ساعة لحل الأزمة
-
دهستهما سيارة نقل.. رحيل مأساوي لطبيبين على "دائري البساتين"
-
من الرئيس إلى شعبه.. لماذا يهاجمون مصر؟!
-
تجنب هذه الـ5 ساعات.. أبرز نصائح "الصحة" لتفادي مخاطر الطقس الحار
-
بعد تجديد الثقة والترقية.. من هو اللواء محمود قمرة مدير إدارة الجوازات والهجرة؟
-
فيضانات إثيوبيا تهدد سد النهضة والسودان في مرمى الخطر.. ما موقف مصر؟

أخبار ذات صلة
خبير: دعوات التظاهر أمام سفارات مصر تكشف تواطؤ الإخوان مع إسرائيل
28 يوليو 2025 10:58 م
سامي عبد الراضي: مصر لا تحتاج للدفاع عن نفسها أمام الحملات المغرضة
28 يوليو 2025 11:42 م
ضياء رشوان: الحملات التي تستهدف مصر تخدم أجندات مشبوهة
28 يوليو 2025 11:28 م
تنسيق الجامعات 2025.. قواعد كتابة الرغبات ومواعيد المرحلة الأولى
28 يوليو 2025 11:46 م
أكثر الكلمات انتشاراً