صفقة القرن وشرق أوسط جديد.. إعادة تشكيل الخرائط بالنار والمال
منذ بداية القرن الحادي والعشرين، ومع احتلال العراق، بدأت تتبلور ملامح مشروع أمريكي-صهـيوني شامل لإعادة هندسة المنطقة سياسيًا وجغرافيًا وثقافيًا، تحت شعارات براقة مثل “الحرية” و”الديمقراطية”، لكنها في جوهرها لم تكن سوى أدوات لتفكيك الدول، وترسيخ الهيمنة، وفرض واقع جديد يخدم إسرائيل كقوة مركزية في الشرق الأوسط.
صفقة القرن: تسويق الظلم كحل سياسي
“صفقة القرن”، التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر عام 2020، لم تكن مبادرة سلام بقدر ما كانت محاولة صريحة لفرض الاستسلام على الفلسطينيين. أبرز ملامحها:
• تصفية حق العودة نهائيًا.
• إلغاء القدس كعاصمة فلسطينية، واقتراح ضواحيها بدلًا منها.
• إقامة دولة فلسطينية بلا سيادة حقيقية، على شكل “كانتونات” متقطعة.
• توطين اللاجئين حيثما وُجدوا، ودفن قضيتهم للأبد.
وكل ذلك يُروّج له تحت شعار “السلام الاقتصادي”، حيث يُستبدل الحق بالمساعدات، والمقدسات بالمشاريع الاستثمارية.
الشرق الأوسط الجديد: شرق بلا مقاومة ولا ذاكرة
مصطلح “الشرق الأوسط الجديد” ليس بجديد. ظهر منذ سنوات طويلة في أطروحات مفكرين صهـاينة مثل برنارد لويس، وتبنّته الإدارة الأمريكية عقب غزو العراق، ليتحول إلى استراتيجية إقليمية محورها:
• تقسيم الدول الكبرى إلى دويلات طائفية وعرقية.
• إشغال الشعوب بحروب داخلية لا تنتهي.
• تحييد القضية الفلسطينية باعتبارها عبئًا سياسيًا.
• دمج إسرائيل اقتصاديًا وسياسيًا كقوة مركزية في المنطقة.
اليوم، ما نشهده من انهيارات في اليمن وسوريا والسودان وليبيا ليس صدفة، بل نتاج مباشر لهذا المخطط، الذي يعمل على كسر إرادة الشعوب من الداخل، لا من خلال الجيوش.
هل فشلت الصفقة؟ أم غيّرت جلدها؟ أم كان ما حدث في ٧ أكتوبر بداية فرضها؟
ورغم رفض “صفقة القرن” فلسطينيًا وعربيًا رسميًا، إلا أن أدوات تنفيذها تمضي قدمًا على الأرض:
• نقل السفارات إلى القدس.
• تهجير متسارع للفلسطينيين من غزة.
• شرعنة الاستيطان.
• تسارع وتيرة التطبيع مع إسرائيل.
اليوم، عاد الحديث مجددًا عن “حل الدولتين”، لكن بروح خالية من العدالة. أقرب إلى التهدئة المؤقتة منه إلى الحل الجذري، وأكثر ميلًا لحفظ أمن إسرائيل من إنصاف الفلسطينيين.
الصفقة ليست ورقة بل عقلية استعمارية
أرى شخصيا أن “صفقة القرن” و”الشرق الأوسط الجديد” ليسا مجرد مشاريع سياسية، بل محاولة ممنهجة لإعادة تشكيل وعي الإنسان العربي.
إنها صفقة لا تستهدف الأرض فقط، بل الإنسان ذاته: ذاكرته، انتماءه، مقاومته، وقيمه.
يراد لنا أن ننسى، أن نُنهك، أن نفقد الإيمان بالقضايا الكبرى، وعلى رأسها فلسطين.
لكن ما زلت أؤمن أن مقاومة هذا المشروع تبدأ من استعادة الوعي الجمعي، والكرامة العربية، والرفض الشعبي لكل محاولات المسخ والاختراق.
هذا الصراع لا يُحسم في دهاليز السياسة فقط، بل في قلوب الناس، في الإعلام، في التعليم، وفي كل بيت عربي يربي أبناءه على أن القدس ليست للبيع، وأن فلسطين ليست “صفقة”
الأكثر قراءة
-
المغرب يصطدم بالإمارات في نصف نهائي كأس العرب 2025
-
أمطار بهذه المناطق، تفاصيل حالة الطقس غدًا الثلاثاء
-
بعد فراره إلى روسيا، بشار الأسد يعود لمهنته السابقة
-
ضربة قوية للسوق السوداء، ضبط 3 أطنان أسمدة مدعمة قبل تهريبها بالأقصر
-
فيضانات المغرب تودي بحياة 37 شخصا في أسوأ كارثة طبيعية منذ 11 عاما
-
في كأس العرب، المغرب يتقدم على الإمارات بالشوط الأول
-
السعودية تواجه الأردن في نصف نهائي كأس العرب
-
مزاج المصريين الأول، كم استهلكت مصر من الشاي في 2025؟
مقالات ذات صلة
الزواج بين المسيحية واليهودية والإسلام.. من يملك جسد المرأة؟ ومن يقرر مصير الأسرة؟
07 ديسمبر 2025 10:52 ص
حين يُنتهك الطفل، من يحاكم المجرم: القانون أم المجتمع؟
25 نوفمبر 2025 10:42 ص
لماذا تتفكك البيوت في مصر؟
21 نوفمبر 2025 09:02 ص
حتى ُتزهر الديمقراطية عندنا
20 نوفمبر 2025 08:32 ص
لماذا نحتاج إلى بيت الطاعة؟!.. اختبار أخير قبل الرحيل
16 نوفمبر 2025 10:24 ص
الطلاق.. حين يصبح القرار الصعب هو أصدق أشكال الرحمة
12 نوفمبر 2025 10:55 ص
حب إيه؟ حين يحتفل المجتمع بما لا يعرفه
04 نوفمبر 2025 01:07 م
المتحف المصري الكبير.. حين تستيقظ الذاكرة ويبتسم التاريخ
03 نوفمبر 2025 10:56 ص
أكثر الكلمات انتشاراً