الأربعاء، 30 يوليو 2025

11:29 م

مؤتمر حل الدولتين.. عندما يكون الطريق "أبعد من أي وقت مضى"

مؤتمر حل الدولتين

مؤتمر حل الدولتين

A .A

في خطوة تهدف إلى إعادة إحياء حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الذي طال أمده، افتتحت الجمعية العامة للأمم المتحدة قمة دولية رفيعة المستوى بدفع من فرنسا والمملكة العربية السعودية، تسعى لوضع أسس خريطة طريق ملموسة نحو السلام.

جوتيريش: حل الدولتين "أبعد من أي وقت مضى"

خلال افتتاح المؤتمر، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن أسفه الشديد كون حل الدولتين أصبح "أبعد من أي وقت مضى". 

وأشار إلى "الدمار الذي حل بغزة أمام أعين العالم"، والضم الإسرائيلي المحتمل لأجزاء من الضفة الغربية، وهما المنطقتان اللتان تشكلان جوهر الدولة الفلسطينية المستقبلية. 

وأكد غوتيريش: "بسبب الواقع القاسي، يجب علينا أن نفعل المزيد لتحقيق حل الدولتين".

مقاطعة إسرائيلية أمريكية ورفض نتنياهو

وأوضح موقع “إنفو باي” الإسباني، أنه قررت إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة مقاطعة الاجتماع الذي يستمر يومين، بحجة أنه "يأتي بنتائج عكسية" على الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في غزة.

 يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل قاطع فكرة حل الدولتين، واصفًا إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخير – الذي يتوقع الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر – بأنه "مكافأة للإرهاب قد تؤدي إلى إنشاء وكيل إيراني آخر، تمامًا كما أصبحت غزة".

دعوات فرنسية سعودية لتحويل النقطة

تعتبر فرنسا والمملكة العربية السعودية أن حل الدولتين لا يزال السبيل الوحيد القابل للتطبيق نحو سلام دائم في الشرق الأوسط. 

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: "يجب أن تكون هذه نقطة تحول"، حاثًا على الانتقال من وقف الأعمال العدائية في غزة إلى حل نهائي للصراع. 

وأصر: "يجب أن نعمل على الوسائل للانتقال من نهاية الحرب في غزة إلى نهاية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".

ووصف نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، اللقاء بأنه "مرحلة تاريخية" لوضع أسس التعايش السلمي بين شعبين.

الرؤية الفلسطينية: إنهاء "نظام الفصل العنصري"

وصل الممثلون الفلسطينيون إلى الاجتماع بموقف واضح ومطالب متجددة في مواجهة ما يعتبرونه نظامًا شديد اللامساواة.

أكد أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن الفلسطينيين يسعون لتحقيق عدة أهداف، أهمها: بدء "عملية سياسية دولية جادة تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية".

يرى الفلسطينيون أن الوضع الراهن يعادل "نظام فصل عنصري". وينددون بأن إسرائيل قد قوضت مبادرات السلام المتكررة من خلال توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والتهديد المستمر بالضم، مما يجعل، في رأيهم، قيام دولة متصلة الأراضي أمرًا مستحيلاً.

وعلى الرغم من أن حوالي 145 دولة تعترف بالفعل بالدولة الفلسطينية، يسعى الاجتماع إلى توسيع هذا الدعم وتوليد ضغط دولي. 

وأشار مجدلاني إلى أن الاجتماع سيكون بمثابة مقدمة لقمة رئاسية مقررة في سبتمبر، بالتوازي مع النقاش رفيع المستوى في الجمعية العامة.

 وأضاف أنهم يرغبون أيضًا في الحصول على دعم اقتصادي ومالي للسلطة الفلسطينية ودعم دولي لإعادة إعمار وتعافي قطاع غزة.

الموقف الإسرائيلي: رفض الدولة الفلسطينية والرهان على الوضع الراهن

تحافظ حكومة بنيامين نتنياهو على معارضة قوية لحل الدولتين، مستندة إلى حجج قومية وأمنية.

بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي وقاعدته الأكثر أيديولوجية، تمثل الضفة الغربية أرض الشعب اليهودي التوراتية، بينما تعتبر القدس – وخاصة قطاعها الشرقي، حيث تقع أقدس الأماكن لليهودية والمسيحية والإسلام – عاصمة إسرائيل الأبدية وغير القابلة للتجزئة.

ويستشهد المتشددون في الحكومة بأمثلة مثل اندلاع الانتفاضة الثانية في أوائل الألفية الثانية وسيطرة حماس على السلطة في غزة عام 2007، بعد عامين من الانسحاب الإسرائيلي.

 بالنسبة لهم، تجربة غزة – التي تحولت إلى بؤرة لخمس حروب، بما في ذلك الحرب الحالية – هي تحذير من مخاطر التنازل عن الأراضي.

لا ينظر نتنياهو أيضًا في حل الدولة الواحدة، والذي سيتطلب منح حقوق متساوية للفلسطينيين ويعرض الأغلبية الديموغرافية اليهودية للخطر.

 وتستند استراتيجيته إلى الحفاظ على السيطرة الكاملة، والحفاظ على الفروق القانونية وحقوق الوصول بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومواصلة توسيع المستوطنات في الضفة الغربية. 

في هذا السياق، تحتفظ السلطة الفلسطينية بحكم ذاتي محدود فقط، دون آفاق فورية للتقدم نحو الاستقلال.

أصول وتطور حل الدولتين

تعود فكرة تقسيم الأرض التاريخية لفلسطين بين شعبين إلى منتصف القرن العشرين. 

فبعد انتهاء الانتداب البريطاني، اقترحت الأمم المتحدة في عام 1947 خطة تقسيم نصت على إنشاء دولة يهودية وأخرى عربية.

 وعلى الرغم من قبول إسرائيل للاقتراح، إلا أن الحرب التي بدأتها الدول العربية بعد إعلان استقلال إسرائيل عام 1948 حالت دون تنفيذها.

مع هدنة عام 1949، سيطرت الأردن على الضفة الغربية والقدس الشرقية، بينما أصبحت غزة تحت الإدارة المصرية. 

ومع ذلك، تغير التوازن الإقليمي بشكل كبير بعد حرب الأيام الستة عام 1967، عندما احتلت إسرائيل هذه المناطق الثلاث. 

ومنذ ذلك الحين، يطالب الفلسطينيون بهذه الأراضي كأساس لدولة مستقلة مستقبلية.

اكتسب اقتراح الدولتين – إسرائيلية وفلسطينية – زخمًا دوليًا اعتبارًا من التسعينيات، ومنذ ذلك الحين كان الإطار المرجعي للعديد من محاولات السلام. 

تستند الفكرة إلى حقيقة ديموغرافية: في إسرائيل والضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، السكان اليهود والفلسطينيون متوازنون تقريبًا.

search