
"تحالف الخداع" بين الإخوان وإسرائيل
يقول العظيم الراحل عبد الوهاب المسيرى في موسوعته اليهود واليهودية أنه سيظهر من بيننا داخل مجتمعاتنا العربية من يصلي في مساجدنا ولكن يتكلم بلسان الصهيونية ويؤدى دور اليهودي الوظيفي، ويتضح من ذلك الوصف أنه ينطبق كليا على سلوك جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وخطاب الاحتلال الإسرائيلي، في ما يبدو وكأنه تناغم وظيفي بين طرفين يبدوان ظاهريًا على طرفي نقيض، لكن في العمق يخدمان أهدافًا متقاربة تتعلق بتفكيك البنية السياسية العربية، وتشويه نضال الشعوب، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
تاريخيًا، لم تنشأ جماعة الإخوان المسلمين في سياق وطني صافٍ، بل ارتبطت نشأتها بعوامل وتدخلات مشبوهة. فالمؤسس، حسن البنا، لا يزال محل جدل واسع في الأوساط البحثية، لا بسبب أفكاره فحسب، بل بسبب ما تردد من تلقيه دعمًا من شخصيات ذات صلات غربية غامضة، لعل أبرزها أليستر كراولي، المعروف في الغرب بكونه أحد رموز الحركات الباطنية و"عبادة الشيطان".
وقد أشار أكثر من مصدر تاريخي إلى وجود دعم مالي غامض تلقاه البنا في بداياته، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الجماعة قد وُلدت بالفعل كحركة إصلاح ديني، أم أنها صُممت لتكون أداة اختراق سياسي وثقافي من الداخل.
اللافت اليوم، هو أن الجماعة بعد قرابة قرن من التأسيس لا تزال تتحرك بذات المنطق المزدوج؛ ترفع شعارات الإسلام، بينما تخدم بوضوح الأجندات التي تستهدف استقرار الدول العربية وتقويض محاولات حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل عادل.
فبينما تُمعن إسرائيل في ارتكاب المجازر في غزة، نرى فرع الإخوان في الداخل الفلسطيني، المسمى بـ"الحركة الإسلامية"، ينظّم مظاهرات ليس ضد الاحتلال، بل ضد مصر، متهماً إياها بالتخاذل، في الوقت الذي تقود فيه الدولة المصرية واحدة من أكثر المعارك السياسية والدبلوماسية أهمية في سبيل إنهاء الاحتلال.
هذا التحرك لا يمكن فهمه بمعزل عن الدور الوظيفي للجماعة، التي اعتادت عبر تاريخها أن تكون الأداة التي تحرف الأنظار عن الجناة الحقيقيين. فما معنى أن تُنظم مظاهرات أمام السفارات المصرية في الداخل المحتل بينما تقصف الطائرات الإسرائيلية المدنيين؟ وما دلالة أن توجه آلة الجماعة الإعلامية اتهاماتها نحو القاهرة بينما يتغاضون عن جرائم إسرائيل اليومية؟
إن مصر اليوم تقوم بدور محوري في دعم القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي. وقد أسفرت جهودها المتواصلة عن نتائج ملموسة، أبرزها إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بعد زيارته الأخيرة للقاهرة ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي. لم يكن هذا الإعلان الفرنسي ليأتي لولا الضغط السياسي والدبلوماسي الذي مارسته مصر، والتي طالما دعت إلى حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام.
ثم جاء الدور البريطاني ليضيف زخمًا جديدًا للموقف الدولي، حيث أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر اعتراف حكومته بدولة فلسطين، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ السياسات البريطانية الحديثة، تمثل انتصارًا دبلوماسيًا جديدًا للشعب الفلسطيني، وخسارة استراتيجية لإسرائيل في أوروبا.
تزامن هذا الحراك السياسي مع موجة غضب شعبية عارمة تجتاح الشارع الدولي، من لندن وباريس إلى سيدني ونيويورك. ملايين المتظاهرين خرجوا يطالبون بوقف العدوان الإسرائيلي ويدينون سياسات الفصل العنصري والتطهير العرقي. وكان من أبرز هذه المشاهد التظاهرة الكبرى في مدينة سيدني الأسترالية، والتي شارك فيها أكثر من مئة ألف شخص في مشهد غير مسبوق يعكس التحول الكبير في الرأي العام العالمي تجاه إسرائيل.
وسط كل هذه التطورات، تحاول جماعة الإخوان أن تخلق حالة من التشويش المتعمد، من خلال حملات ممنهجة عبر منابرها الإعلامية في الخارج، تستهدف النيل من الدور المصري وتشويه صورة الدولة التي تقف اليوم في الخطوط الأمامية للدفاع عن فلسطين. إن ما تقوم به الجماعة ليس سوى امتداد لسياستها المعروفة: ضرب الإجماع العربي، وإضعاف الجبهة الداخلية للدول المركزية، وتقديم خطاب بديل يخدم، في المحصلة النهائية، مصالح إسرائيل.
لقد أصبح من الواضح أن العلاقة بين الجماعة والصهيونية لم تعد مجرد اتهام أو نظرية مؤامرة، بل هي واقع وظيفي، تشهد به الأحداث وتحركه الوقائع. كلا الطرفين يشتركان في هدف جوهري: زعزعة استقرار الدول العربية، وتشويه القضية الفلسطينية، ومنع قيام دولة مستقلة ذات سيادة على الأرض الفلسطينية.
ولعل الوعي الشعبي اليوم أكثر نضجًا من أي وقت مضى، فلم تعد الشعارات الدينية تكفي لتغطية الأدوار التخريبية التي تلعبها الجماعة. إن الإخوان وإسرائيل، وإن اختلفت لغتهما، يتكاملان في الوظيفة، ويتقاطعان في الأهداف، ويتبادلان الأدوار في محاولة لإبقاء المنطقة رهينة للفوضى والتفكك.

الأكثر قراءة
-
نتيجة وأهداف مباراة الأهلي ومودرن سبورت اليوم (فيديو)
-
إحالته لمحاكمة تأديبية.. نادي القضاة يكشف تفاصيل اعتداء ضابط على عامل
-
بعد حريق شبرا الخيمة.. أول تعليق من كشري الخديوي على الحادث
-
حوت الأوركا متهم بإنهاء حياة “جيسيكا رادكليف”.. ما الحقيقة؟
-
"من الشغل للنار".. قصة شهاب بطل المنيب الذي أنقذ فتاة من موت محقق
-
القبض على البلوجر "لوشا" في المقطم
-
30 محلًا بالأقصر تشارك في الأوكازيون الصيفي.. والباب مفتوح لباقي التجار
-
حريق هائل جوار مترو شبرا الخيمة يلتهم “كشري الخديوي”

مقالات ذات صلة
لماذا يُصغي العالم إلى مصر الآن؟
30 يوليو 2025 04:08 م
أسباب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
26 يونيو 2025 10:35 ص
صواريخ طهران تكشف أوهام القوة الإسرائيلية أمام البعد الجغرافي
14 يونيو 2025 07:53 م
الدكتور فرج فودة.. الشهيد الحي
08 يونيو 2025 10:11 م
أكثر الكلمات انتشاراً