السبت، 09 أغسطس 2025

11:22 ص

الشعراوي في فيديو متداول: الإيجار القديم بلا تراضٍ.. "قطعة من النار"

الشيخ محمد متولي الشعراوي

الشيخ محمد متولي الشعراوي

محمد لطفي أبوعقيل

A .A

مع صدور قانون الإيجار القديم، أعاد بعض الملاك تداول فيديو قديم للشيخ محمد متولي الشعراوي، قال فيه إن ملف الإيجارات القديمة يطرح مثالًا واضحًا على ضرورة مراعاة التراضي في المعاملات، موضحًا: "لو أنك جئت قبل 30 سنة إلى شخص يعيش من إيجار بيت قيمته 100 جنيه، ومستوى حياته قائم على هذا المبلغ، ثم جاء حكم قضائي فثبّت قيمة الإيجار، وبعد 30 سنة ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل متصاعد، فهل دخول الناس بقيت كما هي؟"، متسائلًا عن سبب بقاء دخل المؤجر ثابتًا رغم تغيّر الظروف الاقتصادية، وهل ينظر لهذا الوضع برضا وراحة؟

ما لم يبرئ ذمته

وأكد الشعراوي أنه على الناس أن يتنبهوا لهذه المسألة وينخلوا الأمور، فينظروا: هل العمل أو المنفعة التي يحصلون عليها صاحبها راضٍ عنها أم لا؟ وإذا لم يكن راضيًا، فعلى الشخص أن يحاول جاهدًا إرضاءه، وإلا فقد يأخذها الله منه بخسارة أو مرض في نفسه أو مرض في أهله، ما لم يبرئ ذمته في المعاوضة.

ودعا كل فرد إلى أن يراجع حياته في عوض الأموال وعوض التجارات والمبادلات، وأن يتأكد من استوائها وعدالتها، فإذا لم تكن مستوية فعليه أن يفكر مليًا ويسأل نفسه: "هل دخلك مثل ما هو؟ ولماذا يظل دخل غيرك كما هو؟"، حتى يعطي كل ذي حق حقه، وإلا يكون قد وقع فيما قاله الرسول ﷺ: "فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار".

"خذ وهات"

ذكر بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ"، مؤكدًا أن التجارة تعني المعاوضة "خذ وهات" عن تراضٍ بين الأطراف.

وأضاف أن التجارة تُعد حركة جامعة للجميع، فهي الوسيط بين من ينتج سلعة وبين المستهلك، وإن هذه السلع في حركتها بين الإنتاج والاستهلاك تشمل جميع أنواع الإنتاج الزراعي أو الصناعي وغيرها، وكذلك جانب الاستهلاك، مضيفًا أن التجارة تجمع كل هذه الجوانب.

وأوضح الشعراوي في فيديو قديم له أن كلمة "عن تراض" تدل على أن رضا النفس البشرية في المعاوضات مشروط، فحتى ما أُخذ بسيف الحياء يُعد حرامًا، مؤكدًا أن النفس قد تُكره على شيء فتقبله بالجوارح، لكنها داخليًا غير راضية، فإذا لم تكن النفس راضية كان الأخذ بالباطل.

قطعة من النار

وأشار إلى أن رسول الله ﷺ، وهو الرسول المعصوم، قال: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ، ولعل أحدكم أن يكون ألحَن بحجته – أي أمهر في عرضها – فأقضي له"، موضحًا أنه إذا قضى لشخص بحق ليس له، فإنما يقطع له قطعة من النار، وأن حكم الرسول نفسه لا يحلّل الحرام ولا يحرّم الحلال.

وشدد الشعراوي على أن المؤمن في الأوامر التي تصدر، سواء قيل له: "خذ هذه" أو "افعل هذه"، يجب أن يجعل نفسه بمنزلة المنخل، فينخل الأمور ويتحقق منها، وألا يغترّ بقرار حاكم إذا لم تكن نفسه راضية ونفس الطرف المقابل راضية بعوض متكافئ، داعيًا إلى القيام بعملية "الترضية" للتأكد من رضا الأطراف، وإلا فهناك كثير من الأحكام قُبلت وأصحابها غير راضين، وهو ما يؤدي إلى فساد المجتمعات.

search