نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى.. جنون سياسي يهدد استقرار المنطقة
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعد يكتفي بإشعال الحروب وإراقة الدماء في غزة، بل قرر أن يفتح جبهة أوهامه التوسعية، ليعلن – بكل صفاقة سياسية– عن طموحه في إقامة ما أسماه بـ”إسرائيل الكبرى”، بضم أجزاء من مصر والأردن. تصريحات تكشف أن الرجل يعيش أسير أيديولوجيا عنصرية قديمة، غير عابئ باتفاقيات سلام أو حدود دولية أو حتى بعواقب إشعال المنطقة بأكملها.
خرائط استفزازية وخطاب توسعي
المشهد بدأ حين نشرت حسابات إسرائيلية رسمية خرائط “إسرائيل التاريخية” التي تتجاوز حدود 1948 و1967 لتلتهم أراضي من الأردن وسوريا ولبنان، مما أثار غضب عمان التي سارعت بإدانة هذا السلوك ووصفته بأنه استفزاز مباشر. في ذات التوقيت، واصل وزير المالية المتطرف سموتريتش دعواته لفرض السيادة على الضفة وغزة، وكأن الاحتلال لم يكفِ.
أما نتنياهو، فذهب أبعد من ذلك، متحدثًا عن “مهمة تاريخية وروحية” لإحياء حلم “إسرائيل الكبرى”. خطاب يكشف أن الرجل يغازل أقصى أطياف اليمين الإسرائيلي المتشدد، ويستخدم خرافات “النيل إلى الفرات” كورقة تعبئة سياسية، في وقت تعاني فيه حكومته من فشل عسكري وأزمة داخلية خانقة.
تاريخ طويل من الأوهام
هذا الجنون التوسعي ليس جديدًا، بل هو إعادة تدوير لأفكار قديمة:
• خطة ألون 1967: ضم مناطق استراتيجية مع ترك جيوب فلسطينية محاصرة.
• خطة ينون 1982: تقسيم الدول العربية المحيطة لإضعافها وفرض الهيمنة الإسرائيلية.
• الأسطورة الدينية: تفسير توراتي متشدد يرى أن حدود “أرض الميعاد” تمتد من النيل إلى الفرات.
كلها أفكار ظلت في خانة الأوهام السياسية، لكنها اليوم تتحول إلى شعارات علنية على لسان رئيس وزراء دولة نووية.
بين الخطاب والواقع
رغم ضجيج التصريحات، لا توجد مؤشرات عملية على تحرك عسكري لضم أراضٍ من مصر أو الأردن في الوقت الراهن. لكن الخطر الحقيقي يكمن في تطبيع هذه الأفكار في وعي الإسرائيليين، وتحويلها إلى هدف سياسي طويل المدى، يمهّد لأي مغامر مستقبلي لتنفيذها.
رد الفعل العربي
الأردن تحرك بسرعة وأدان هذه التصرفات، محذرًا من تجاوز الخطوط الحمراء. أما مصر، فتتابع بحذر، لكنها – كما يعرف الجميع– لن تسمح بأي عبث بأمنها القومي. ومع ذلك، فإن الموقف العربي الأوسع ما زال ضعيفًا، وكأن الجميع ينتظر حتى تتحول الخريطة على الورق إلى واقع على الأرض.
وأخيرا
تصريحات نتنياهو ليست مجرد لغو انتخابي، بل هي اختبار لرد فعل العرب. فإذا مرّ الأمر بصمت أو بيانات شجب بروتوكولية، فإن الرجل سيعتبر ذلك ضوءًا أخضر للمضي أبعد.
والأخطر أن أوهام “إسرائيل الكبرى” لا تنتهي عند حدود مصر والأردن، بل قد تمتد – في مخيلة هؤلاء المتطرفين– لتشمل كل شبر بين النيل والفرات.
إسرائيل اليوم تمارس أخطر أنواع العدوان: العدوان على الوعي. ومن لا يرد على الخريطة بالكلمة والموقف، قد يضطر يومًا للرد بالسلاح.
الأكثر قراءة
-
من "المدفعجي" إلى الرحيل المفاجئ، قصة الساعات الأخيرة لمحمد صبري
-
المدفعجي محمد صبري، ابن الزمالك البار الذي لعب مع جيل العظماء
-
ليسوا رجالاً.. وكلنا شركاء في الجريمة!!
-
سمير فرج: افتتاح طريق الكباش جعل الأقصر أكبر متحف مفتوح بالعالم
-
وفاة محمد صبري لاعب الزمالك السابق في حادث تصادم
-
بعد إعلان موعد الزفاف، من هو خطيب حورية فرغلي؟
-
مواقيت الصلاة في مصر اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025
-
KGM Actyon 2026, مواصفات وأسعار SUV الجديدة في مصر
مقالات ذات صلة
الطلاق.. حين يصبح القرار الصعب هو أصدق أشكال الرحمة
12 نوفمبر 2025 10:55 ص
حب إيه؟ حين يحتفل المجتمع بما لا يعرفه
04 نوفمبر 2025 01:07 م
المتحف المصري الكبير.. حين تستيقظ الذاكرة ويبتسم التاريخ
03 نوفمبر 2025 10:56 ص
كيف تتعامل بوعي مع الشخصية النرجسية؟
28 أكتوبر 2025 02:26 م
حين يَسُمّك بكلمة ويتلذذ بإيذائك
22 أكتوبر 2025 11:14 ص
توفيق عكاشة.. بائع الوهم وباثّ السم في العسل
20 أكتوبر 2025 04:04 م
عقدة أطلس.. حين يتحول الصبر إلى عبءٍ وجودي
18 أكتوبر 2025 03:32 ص
غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار: سلام هشّ على حافة الانفجار
10 أكتوبر 2025 09:17 ص
أكثر الكلمات انتشاراً