جثامين منتفخة ونفوق فئران.. هل اجتاح الكيماوي ساحة الحرب بالخرطوم؟

لم تنج معسكرات النازحين من نيران الحرب في السودان- أرشيفية
نهى رجب
بين النفي والتأكيد، تظهر فجوة كبيرة في بياني مؤسستين حكوميتين بالسودان، هما المجلس الأعلى للبيئة ووزارة الصحة، بشأن وجود تلوث “كيميائي” بالعاصمة الخرطوم، ما زاد المخاوف من أن يؤدي "الإنكار" إلى تدهور حياة السكان، وذلك بالتزامن مع انتشار لعدد من الأمراض الغريبة.
في سياق متصل، فإنه في الوقت الذي يؤكد فيه المجلس الأعلى للبيئة، وجود تلوث "كيميائي" في مناطق محددة من الخرطوم، أصدرت وزارة الصحة السودانية، بيانًا مختلفًا، تدحض به هذه المزاعم، وتنفي فيه وجود أي تلوث كيميائي.
الصحة السودانية تنفي استخدام الأسلحة الكيميائية
قالت وزارة الصحة في بيان هذا الأسبوع: "بناء على الأدلة والبيانات المتوفرة من القياسات الميدانية وأنظمة المراقبة الصحية والتقارير الطبية الرسمية، لا يوجد دليل على وجود تلوث كيميائي أو إشعاعي في ولاية الخرطوم"، وفقًا لما نقلته “تي آر تي”.

كما أصدرت الحكومة السودانية، تقريرًا قالت فيه إنها لم تعثر على أي دليل على التلوث الكيميائي، بعد شهرين من فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها، بسبب مزاعم امتلاك أسلحة كيميائية، وهو ما ينفيه السودان.
وأضافت الوزارة أن التقرير استند إلى اختبارات ميدانية ومراجعات جنائية أجريت منذ أبريل 2025، عندما استعاد الجيش السيطرة على العاصمة من قوات الدعم السريع.

واشنطن تفرض عقوبات على السودان بسبب الأسلحة الكيميائية
وفي يونيو الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على الحكومة المدعومة من الجيش السوداني، متهمة الأخير باستخدام أسلحة كيميائية العام الماضي في حربه ضد قوات الدعم السريع.
ولم تقدم الولايات المتحدة أي تفاصيل بشأن مكان أو توقيت وقوع الهجمات المزعومة بالأسلحة الكيميائية.
الحكومة السودانية: ابتزاز سياسي
ونفت الحكومة السودانية مرارًا وتكرارًا الاتهامات الأمريكية ووصفتها بأنها "لا أساس لها من الصحة" و"ابتزاز سياسي"، بحسب صحيفة “سودان تربيون”.
المجلس الأعلى للبيئة يؤكد تعرض الخرطوم لتلوث كيميائي
المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية، أكد على لسان الأمين العام للمجلس، الدكتورة منى علي محمد، تعرّض ولاية الخرطوم لتلوث كيميائي، لكنها عزت ذلك إلى ضرب قوات الدعم السريع للمناطق الصناعية، مشددة على ضرورة تضافر الجهود لإيجاد الحلول لهذه المشكلة.
وأوضح المجلس أن "التلوث بالمواد الكيميائية أمر شائع بسبب وجود هذه المواد في كثير من المنتجات بدرجات متفاوتة، وهي قابلة للتسبب في التلوث، ما يتطلب التوعية المكثفة على المستوى القومي والولائي والمحلي، وعلى مستوى الأفراد".
كما يأتي هذا في ظل تقارير متواترة تحذر من عدم صلاحية العاصمة السودانية للحياة، نتيجة مزاعم تتعلق بالتلوث الإشعاعي، واستخدام الأسلحة الكيميائية، والتدهور البيئي.
ظواهر بيئية تدل على وجود تلوث كيميائي
ومنذ بداية العام 2025، يربط مختصون بين عدد من الظواهر الصحية والبيئية ووجود تلوث كيميائي، لا سيما في الخرطوم ووسط السودان وشمال دارفور.
في خضم الجدل المتصاعد حول التلوث الكيميائي في العاصمة ومناطق أخرى من البلاد، تتزايد المؤشرات على بروز ظواهر جديدة تثير مزيدًا من المخاوف، وذلك بعد أن أثارت قضية تسرب من مخزن يحتوي على مادة الكلور في شرق الخرطوم جدلًا كبيرًا، حيث قالت مجموعة محلية إن التسرب يعود إلى فترة سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة، بحسب “سكاي نيوز عربية”.
وأشارت المجموعة إلى أن جهاز المخابرات ووزارة الصحة أجريا تحقيقًا مشتركًا في المنطقة "خلص إلى عدم وجود مخاطر بيئية أو صحية تهدد حياة السكان".
على الصعيد ذاته، تشير معلومات أولية إلى وجود تلوث كيميائي في نحو 30 حيًا سكنيًا وإداريًا في المناطق الواقعة بين القصر الجمهوري وجامعة الخرطوم شمالًا وحتى الحدود الجنوبية لأحياء الخرطوم شرق، والتي تشمل العمارات والطائف والرياض والمعمورة وأركويت، إضافة إلى عدد من أحياء مدينة أم درمان شمال غرب الخرطوم.
الأدلة تتصاعد
إلى ذلك، كان سكان محليون في شمال دارفور ، نشروا في يونيو الماضي، صورًا تظهر جثامين محترقة ومنتفخة وخزانات مياه تغير لونها إلى الوردي وقذيفة مكتوب عليها أنها تحتوي على غاز.
وربط السكان بين تلك الظواهر والهجمات الجوية المتكررة التي طالت المنطقة، والتي أثارت اتهامات باستخدام متفجرات تحتوي على مواد سامة.
وفي وسط السودان، تزايدت المخاوف مع ظهور أمراض غريبة وسط السكان ونفوق أعداد كبيرة من الفئران والقوارض، في ظل تقارير تحدثت عن استخدام أسلحة كيميائية خلال المعارك التي جرت في منطقة جبل موية قرب سنار نهاية العام الماضي.
من جهته، لفت عضو الجمعية الملكية البريطانية لتعزيز الصحة، عزا عبد الماجد مردس، إلى أن التفسير العلمي لظاهرة نفوق الفئران مرتبط إما بمواد كيميائية سامة، أو أوبئة أو تغيرات بيئية، معتبرًا أن ذلك يشكل إنذارًا بيئيًا وصحيًا يتطلب استجابة عاجلة.
وأشار تقرير رصد نُشر مؤخرًا وتضمّن إفادات من سكان في منطقة سنار بوسط السودان إلى أضرار على مختلف المستويات الحياتية والصحية، ما دفع الكثير من السكان إلى ترك المنطقة والخروج منها مع تزايد الوفيات وانتشار الأمراض.
موقف القانون الدولي بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية
يحظر القانون الدولي بشكل واضح استخدام الأسلحة الكيميائية، وفقًا لبروتوكول جنيف لعام 1925، واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام 1993، التي تمنع تطويرها وإنتاجها وتخزينها ونقلها وتدميرها.
وشدد القانون الدولي على ضرورة مكافحة الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية.
ووفقًا لنصوص القانون الدولي يتم فرض عقوبات على الأفراد والكيانات المتورطة في الهجمات بالأسلحة الكيميائية.
وفي هذا السياق، يقول إسماعيل مضوي، الذي عمل مستشارًا قانونيًا في الأمم المتحدة، إن استخدام الأسلحة الكيميائية في السودان لن يكون مجرد "تجاوز" عادي، لأنه يفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة وخطيرة، حيث تتحول الحرب من نزاع داخلي إلى كارثة إنسانية عابرة للحدود.
وأضاف مضوي في تصريحاته لـ"سكاي نيوز": "الذي يظن أنه يحسم الحرب بالكيماوي، إنما يضع عنقه في حبل المحكمة الجنائية الدولية ويجعل قضيته قضية أمن عالمي".

الأكثر قراءة
-
"كامبريدج الغلابة".. محتال بدبلوم صنايع يدمر مستقبل 100 طالب (مستندات)
-
نتيجة المرحلة الثالثة 2025 لتنسيق الجامعات.. رابط الاستعلام والخطوات
-
مرشح لتدريب الأهلي.. من هو باولو بينتو؟
-
طقوس غريبة في مولد النبي.. ما علاقة الاحتفال بالملوخية الخضراء؟
-
التفاصيل الكاملة لوفاة عامل إثر انفجار محول كهرباء في أسيوط
-
هل البنوك إجازة غدًا الخميس 4 سبتمبر 2025؟.. بيان رسمي
-
بدء تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. إليك التفاصيل
-
"غلطان ومكنتش أقصد".. اعترافات "طفل المرور" في قضية استعراض القوة

أخبار ذات صلة
ردًا على الصواريخ.. إسرائيل تتوعد الحوثيين بـ"الضربات العشر"
04 سبتمبر 2025 03:40 م
مفاوضات وقف النار في غزة تتأرجح بين مقترح ترامب ورد فعل حماس وإسرائيل
04 سبتمبر 2025 12:50 م
فعلها جذع شجرة.. نهر في نيجيريا يبتلع قاربًا وينهي حياة 60 شخصًا
04 سبتمبر 2025 12:23 م
استشهاد 36 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة.. وحماس ترد بـ"عصا موسى"
04 سبتمبر 2025 11:15 ص
أكثر الكلمات انتشاراً