الانفصال الصامت.. وجع وموت بطيء
في إحدى الجلسات البسيطة، حكت لي صديقة عن علاقتها التي لم تنتهِ بقرار واضح، ولا بمواجهة حاسمة. بل انتهت بصمت ثقيل، أشبه بموت هادئ يتسلل ليلًا دون أن يوقظ أحدًا. لم يكن هناك خيانة تُعلن النهاية، ولا خصام يقطع الطريق، فقط انسحاب تدريجي، كلمات تقل، لقاءات تقل، مشاعر كانت تتدفق أصبحت مجرد روتين.
الموت الهادئ للعلاقات، هو الأخطر، لأنه لا يترك أثرًا واضحًا يمكن الإمساك به. الطرفان يظلان في دائرة غامضة، لا هم معًا تمامًا ولا هم منفصلان تمامًا. هو موت بطيء، يترك القلب معلّقًا، ينتظر إشارة أو كلمة أو حتى خلافًا صريحًا لينهي العذاب.
غالبًا ما يبدأ هذا الموت الصامت من فقدان الشغف، حين تتحول المحادثات من مشاركة صادقة إلى مجاملات سطحية، وحين يصبح وجود الآخر مجرد عادة أكثر منه رغبة. وهنا تتجلى الحقيقة المؤلمة: أن غياب الصراع أحيانًا لا يعني سلامًا، بل يعني أن العلاقة ماتت ولم يجرؤ أحد على إعلان الوفاة.
في علم النفس يُطلق على هذه الحالة اسم Silent breakup، وهو انفصال غير معلن. يحدث حين يتوقف الشريك عن الاستثمار العاطفي، لكنه يظل موجودًا شكليًا. وكأن العلاقة تصبح جسدًا بلا روح، يُدفن ببطء دون جنازة.
الخطورة هنا أن الطرف الذي لا يزال متمسكًا بالعلاقة يعيش حالة إنكار. يقنع نفسه أن الأمور ستعود كما كانت، يبرر برود الآخر بأنه مشغول أو مرهق، بينما الحقيقة أنه انسحب بالفعل، فقط لم يملك شجاعة الاعتراف.
الانفصال الصامت موجع أكثر من الانفصال الواضح، لأنه لا يمنح فرصة للحزن أو الوداع. يترك الإنسان معلقًا في مساحة رمادية، لا يعرف هل يتمسك أم يترك، هل ينتظر أم يبدأ من جديد.
لكن ربما تكون هذه اللحظة، لحظة الصمت، دعوة للتفكير: هل أستحق أن أعيش علاقة بلا حياة؟ أم أن الشجاعة الحقيقية هي أن أفتح النافذة لأتنفس من جديد؟
فالموت الهادئ للعلاقات لا يُنهي الحياة، بل يفتح الباب لولادة أخرى. وكل ما يتطلبه الأمر هو قرار واحد: أن نمنح أنفسنا الحق في حياة تستحق أن تُعاش.
فهل تظن أن الصمت علامة أمل يُمكن إنقاذه، أم أنه إعلان خفي لنهاية لا يجرؤ أحد على البوح بها؟
الأكثر قراءة
-
“جاب سيرة أمي”، صغير الإسماعيلية يروي كواليس مروعة بشأن إنهاء حياة صديقه
-
كيس أسود تحت السرير، طفل الإسماعيلية يروي كيف اكتشف والده الجريمة
-
موعد حفل أفضل لاعب في أفريقيا 2025 وقائمة المرشحين
-
من الروف إلى الشارع.. كيف سقطت "ريتال" ابنة أسيوط من الطابق الـ12؟
-
القائمة النهائية لمرشحي دوائر الأقصر على النظام الفردي بانتخابات النواب
-
لم يعد سرًا.. فاستقيموا!
-
أكياس وبطانية وصاروخ، طفل الإسماعيلية يروي سيناريو التخلص من صديقه
-
"أنثى للتفتيش"، محامي علياء قمرون يكشف تفاصيل أولى جلسات محاكمتها (فيديو)
مقالات ذات صلة
على مقعد الغياب
18 أكتوبر 2025 03:04 م
لم يكن لقاءً عابرًا
28 سبتمبر 2025 06:08 م
حين يؤجلنا القدر عن الوصول
21 سبتمبر 2025 06:57 م
حين يُثبت المجهولون أن الخير لا يموت
14 سبتمبر 2025 02:52 م
أكثر الكلمات انتشاراً