بنية متهالكة تبحث عن دعم.. من يُعيد الروح لقصر ثقافة المنصورة؟

قصر ثقافة المنصورة
في قلب مدينة المنصورة، وعلى ضفاف النيل يقف قصر ثقافة المنصورة، المعروف باسم “مسرح أم كلثوم”، شاهدًا على سنوات من النشاط الثقافي والفني أنارت عقول عشرات الأجيال.
القصر الذي كان بمثابة منارة ثقافية كبرى داخل محافظة الدقهلية، تآكلت داخله أمجاد الماضي، فهل يستطيع الخروج من عزلته، واستعادة جمهوره ومكانته.. أم يظل شاهدًا صامتًا على زمن ولّى؟
بداية الثقافة الجماهيرية بمصر
بدأت فكرة الثقافة الجماهيرية على يد خطيب الثورة العرابية "عبدالله النديم" في بداية القرن العشرين، وكان له مجلة مشهورة تسمى "الأستاذ"، حيث عاش في مدينة المنصورة وكان لديه محل لبيع "المناديل"، جمع بداخله الأميين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، وشرح لهم محتوى الكتب والمجلات بنية تثقيفهم.
بداية الجامعة الشعبية بمصر
وفي ثلاثينيات القرن الماضي ظهر ما يسمى بالجامعة الشعبية، وكانت تخاطب الشعب، ولكنها لم تكن جامعة بالمفهوم المتداول الآن، ولكن كانت النواة الأم لقصور الثقافة بمفهومها الحديث.
وبدأ تدريس مادة المسرح في المدارس المصرية عام 1949، على يد الفنان زكي طليمات رائد المسرح المصري، وامتدت لكل مدارس مصر بعد ذلك.
وفي الخمسينيات خرج من مسارح الدقهلية مشاهير الفنانين مثل الزعيم عادل إمام، والفنان الضيف أحمد والفنان يحيى الفخراني، وغيرهم كثر.
تاريخ من الثقافة.. ومبنى يشيخ
بدأ تأسيس قصر ثقافة المنصورة في ستينيات القرن الماضي على يد المعماري المصري الشهير "سيد كريم"، ثم توقف البناء أثناء حرب 1967 (النكسة)، ليتم افتتاحة رسميًا يوم 9 مايو 1984، كجزء من مشروع قومي لنشر الوعي والثقافة في المحافظات.
كان القصر قبلة للمثقفين، وبيتًا آمنًا للهواة، ومنبرًا ينطلق منه فنانو الدقهلية إلى عالم الفن والمسرح، حيث كانت تنظم أنشطة فنية وأدبية وفعاليات في مجالات متنوعة كالموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية والأدب والشعر، بالإضافة إلى وجود مكتبة عامة توفر الكتب والمنشورات، كما أن القصر كان يحتضن عروضًا مسرحية لفرق شهيرة، وندوات فكرية لكبار الكتاب، وورشًا فنية للمواهب الشابة، وكان مقرًا دائمًا لفرق الفنون الشعبية والموسيقية.
التصميم المعمارى للقصر
المبنى المعماري للقصر يتميز بأنه يطل على نهر النيل، مما يضفي منظرًا مميزًا وشعورًا بأن المنشأة متصلة بالبيئة الطبيعية المحيطة، كما يضم أيضًا مسرحًا رئيسيًا يسع عددًا كبيرًا من الكراسي، ويستخدم للعروض المسرحية والحفلات والفعاليات الكبرى، ويحتوي أيضًا على مكتبة عامة تنشط بدور الثقافة، بالإضافة إلى أنشطة متنوعة منها الفنون التشكيلية، السينما، الأدب، وتكنولوجيا المعلومات، كما يوجد قصر ثقافة الطفل لرعاية الفئات الصغيرة، وينظم ورشًا تدريبية لهم.
مشاكل متراكمة.. وبنية متهالكة
لكن الصورة اليوم مختلفة تمامًا فالمبنى تغير بتغير الزمن؛ المسرح مغلق بسبب أعمال التطوير والتجديد والمكتبة العامة تفتقد للتحديث وتفقد للكتب الحديثة، بالإضافة الى قلة عدد الفعاليات التي تقام به.
أحد موظفي القصر (طلب عدم ذكر اسمه) قال: "إن الميزانية لا تكفي لصيانة المبنى، ولا لتطوير البرامج، نحن نعمل بإمكانات شبه معدومة، رغم وجود طاقات بشرية ممتازة، والأمر الآن متروك لوزارة الثقافة لاتخاذ القرار المناسب بشأن القصر".
غياب الجمهور.. وفقدان الطريق
ضعف الإقبال الجماهيري على القصر، خاصة من فئة الشباب، أحد أبرز أسباب الأزمة، وتطرقت إليه جيهان محمود أحد رواد القصر السابقين حيث قالت: “كنا بنحضر هناك حفلات موسيقية وندوات مهمة، وكان فيه مكتبة ومسرح وكان بيبقى فيه مسابقات وندوات ثقافية، لكن دلوقتي مفيش حاجة تشدنا إننا نروح قصر الثقافة، ولا حتى بنعرف ميعاد الفعاليات”.
وتابعت: “من الأسباب التي ساهمت في عزوف قطاع كبير من الجمهور عن القصر، قلة الترويج وعدم التنويع في الأنشطة، وتكرار نفس البرامج التقليدية، بالإضافة لغلق المسرح لتجديده”.
هل تعود الروح لقصر ثقافة المنصورة؟
وبحسب خبراء فقصر ثقافة المنصورة ليس مجرد مبنى قديم، بل شاهد على تاريخ ثقافي طويل، ومركز يمكنه أن يلعب دورًا محوريًا في مواجهة الفكر المتطرف، وتنمية الذوق الفني، وصناعة جيل مثقف واعٍ، لكن هذا كله مرهون بإعادة الهيكلة، وتوفير الميزانيات، وإشراك المجتمع المحلي، خاصة الشباب، في تكوين هوية ثقافية جديدة.

الأكثر قراءة
-
بيان مهم من "الرعاية الصحية" بعد إصابة إمام عاشور بـ"فيروس A"
-
مفاجأة في تحاليل عينات لاعبي الأهلي بعد إصابة إمام عاشور
-
رغم افتتاحه رسميا.. تصريف المياه أزمة تهدد سد النهضة
-
مترجم مصري يعيد طفلة تائهة في تونس لأسرتها.. كيف ساعده ChatGPT؟
-
تخفيض سعر شيري تيجو 7 موديل 2026 بقيمة 81 ألف جنيه
-
بعد صراخ واستغاثة.. الأهالي يساعدون في إنقاذ 11 مصابا على صحراوي الفيوم
-
ترقب وحذر.. ماذا قالت لغة الجسد عن نظرة الشرع للسيسي في قمة الدوحة؟
-
"الحاضر الغائب".. رونالدو الهداف التاريخي لمواجهات مدريد ومارسيليا

أخبار ذات صلة
تلاعب نفسي وقضايا حساسة.. هل يستغل الذكاء الاصطناعي أدمغة المراهقين؟
16 سبتمبر 2025 09:58 م
"الحاضر الغائب".. رونالدو الهداف التاريخي لمواجهات مدريد ومارسيليا
16 سبتمبر 2025 10:56 ص
التضامن مع قطر وفلسطين.. ماذا شمل البيان الختامي لقمة الدوحة؟
15 سبتمبر 2025 11:32 ص
فلاشة وحرز.. دفاع المتهمة بقضية "أطفال دلجا" يتقدم بـ8 طلبات للمحكمة (فيديو)
15 سبتمبر 2025 12:12 م
أكثر الكلمات انتشاراً