الجمعة، 19 سبتمبر 2025

02:10 ص

حتى لا ينتهي "دور البطولة" بطلاق رمادي

هل يُعقل أن يعيش رجل وامرأة تحت سقف واحد لثلاثة عقود، يأكلان من طبق واحد، يربيان أولادًا، يواجهان أزمات، ثم فجأة يعلنان الطلاق وكأن شيئًا لم يكن؟! 

نعم… يحدث، وبكثرة. صرنا نسمع عن زيجات تُدفن بعد ثلاثين سنة كما لو كانت “زواج تجربة”، بينما كانت في الحقيقة زواج صمت طويل.

زواج بلا حياة.. مقبرة للمشاعر

الحقيقة أن كثيرًا من الأزواج لا يعيشون زواجًا، بل يعيشون هدنة طويلة. كل طرف يدفن مشاعره ويُسكت صوته الداخلي بحجة الأولاد أو خوف المجتمع. ثم تأتي لحظة ينتهي فيها “السبب الخارجي” (الأبناء كبروا، الصورة الاجتماعية فقدت قيمتها) فيُرفع الغطاء، فنكتشف جثة زواج متعفنة منذ سنوات!

جيلٌ ضحّى ثم تمرّد متأخرًا

الجيل الذي تزوّج في الثمانينات والتسعينات ضحّى كثيرًا: قَبِل بالخيبة، صبر على الإهمال، عَاش واجبات بلا حقوق. لكن مع منتصف العمر، بدأ هذا الجيل يصرخ: “كفى!”. لا يريد أن يُكمل بقية عمره أسيرًا لوهم الاستقرار، فقرر التحرر ولو متأخرًا.

المجتمع متواطئ.. والضحايا كُثر

المجتمع الذي يُجبر الناس على الصبر بحجة “الأولاد” أو “السمعة” هو نفسه الذي يصفق للانفصال حين يقع! تناقض فجّ. لكن من يدفع الثمن؟ الأبناء الذين يكتشفون أن أسرتهم كانت مسرحية طويلة.

الطلاق المتأخر ليس بطولة دائمًا

قد يراه البعض شجاعة، لكنه في جانب آخر شهادة إدانة: أين كان الحوار طوال هذه السنوات؟ لماذا قبل طرفان أن يعيشا عمرًا كاملًا في جفاف؟ الطلاق بعد ثلاثين عامًا ليس فقط “قرار حرية”، بل أيضًا إعلان فشل مؤسف لمؤسسة كان يفترض أن تكون حاضنة للحب.

توصيات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

  • الحوار المستمر: لا تدفن الخلافات تحت السجادة، فالغبار المتراكم ينفجر يومًا ما.
  • تجديد المشاعر: الزواج ليس “مرة واحدة”، بل يحتاج إعادة شحن دائم للحب والاهتمام.
  • طلب المساعدة: استشارة مختص نفسي أو استشاري علاقات ليس عيبًا، بل وقاية.
  • استقلالية صحية: لا تذوب في شريكك حتى تفقد نفسك، ولا تعزل نفسك حتى يفقدك. التوازن هو السر.
  • إعادة التقييم كل فترة: اسأل نفسك وشريكك دائمًا: “هل ما زلنا نختار بعضنا بإرادتنا؟”.

الخلاصة الصادمة

الطلاق بعد عقود لم يعد استثناءً. نحن أمام جيل كامل من الزيجات الصامتة التي انفجرت متأخرة. والدرس واضح: لا أحد ينجو بالسكوت، ولا أحد يستطيع أن يبني استقرارًا على أنقاض المشاعر. من يتجاهل الحوار اليوم، يحجز مقعدًا في طابور الطلاق غدًا… ولو بعد ثلاثين عامًا.

search