الجمعة، 19 سبتمبر 2025

05:28 م

مقاتلات "قآن KAAN" الشبحية.. مصر وتركيا يزاحمان الغرب على "الجيل الخامس"

المقاتلة التركية "قآن" (KAAN) - أرشيفية

المقاتلة التركية "قآن" (KAAN) - أرشيفية

ترى مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، أنّ مشروع المقاتلة التركية "قآن" (KAAN)، يتحدى الهيمنة الغربية على تكنولوجيا الطائرات المقاتلة، ويتماشى مع التوجهات "متعددة الأقطاب"، إذ تؤكد القوى المتوسطة، مثل تركيا ومصر، استقلالها عن القوى الكبرى، وستكون إسرائيل الأكثر قلقًا من هذا التطور.

مجلة "ناشيونال إنترست"، المتخصصة في العلاقات الدولية والدفاع، قيّمت المشاركة الرسمية لمصر في برنامج مقاتلات الجيل الخامس التركية، المعروف باسم "KAAN".

ووفقًا لمحرر الأمن القومي المخضرم في المجلة الأمريكية براندون جيه ويتشرت، فإن "هذه الخطوة تشير إلى شراكة استراتيجية متعمقة بين القاهرة وأنقرة، وهما قوتان إقليميتان تربطهما علاقات تاريخية معقدة".

ويُعد برنامج "KAAN" خطوة لدخول تركيا إلى برنامج مقاتلات الجيل الخامس، والذي تمثله F-35 الأمريكية، الذي استُبعدت منه.

ووفقًا للمجلة الأمريكية، يمثل برنامج "KAAN" محاولة تركية طموحة لتطوير مقاتلة شبح محلية الصنع يمكنها منافسة قادة عالميين، مثل طائرة "تشنغدو جيه-20" الصينية إلى جانب طائرة "F-35".

"ويتشرت" يقول إنه "بمشاركة مصر في برنامج (KAAN)، اكتسبت تركيا شريكًا عربيًا رئيسيًا، مما يتيح لها القدرة على إعادة تشكيل ديناميكيات القوة الجوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

مقاتلات الجيل الخامس “قآن”.. صناعة تركية وشراكة إندونيسية مصرية

ويهدف برنامج KAAN، الذي تنفذه شركة "TUSAŞ"، إلى إنتاج طائرة مقاتلة ثنائية المحرك من الجيل الخامس مزودة بميزات خفية متقدمة، وسرعة فائقة، واندماج أجهزة الاستشعار، وميزات مركزية للشبكة، قادرة على الطيران في جميع الظروف الجوية.

أُطلق المشروع عام 2010، واكتسب زخمًا بعد استبعاد الولايات المتحدة، تركيا من برنامج إف 35، ردًا على شراء أنقرة صواريخ الدفاع الجوي الروسية إس-400، وأجرت "قآن" رحلتها الأولى عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى كامل قدرتها التشغيلية بحلول 2030.

وكانت إندونيسيا شريكًا مبكرًا في برنامج  "قآن"، وتُمثل مشاركة مصر توسعًا كبيرًا، يشمل تبادل التكنولوجيا، والإنتاج المشترك، والتمويل المشترك المحتمل.

ووفقًا لتقارير إخبارية ذات صلة، صاغت مصر مشاركتها رسميًا بعد معاينة نماذج  "قآن" الأولية، ومن المتوقع توقيع الاتفاقيات اللازمة في وقت لاحق من هذا العام.

ووفقًا لمجلة "ذا ناشيونال إنترست"، فإن هذه الشراكة الأخيرة "تُبرز استراتيجية تركيا الرامية إلى إنشاء صناعة دفاعية مستقلة من خلال إيجاد شركاء دوليين لتعويض تكاليف التطوير، التي تُقدر بأكثر من 10 مليارات دولار".

وقرار مصر بالانضمام إلى  "قآن" هو في الأساس نتيجة لمجموعة من الضرورات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، مع تصاعد التوترات في المنطقة، وخاصة بسبب عدم الاستقرار على الحدود الشرقية وفي ليبيا والسودان.

وتسعى القاهرة إلى تحديث قواتها الجوية، إذ يتكون الأسطول الحالي لمصر من طائرات F-16 أمريكية الصنع ومقاتلات رافال الفرنسية، وطائرات ميج-29 الروسية، ومع ذلك، تواجه القاهرة حقيقة أن الاعتماد على هؤلاء الموردين مقيد.

من خلال هذه الشراكة مع تركيا، تهدف القاهرة إلى تنويع مواردها والحصول على تقنيات التخفي المتطورة دون الخضوع للمراقبة الغربية.

يتماشى هذا الموقف مع خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي حول الاكتفاء الذاتي في صناعة الدفاع، إذ قد يُمكّن البرنامج مصر من إنتاج بعض مكونات "قآن" محليًا، ما يُقلل من اعتمادها على الواردات.

كما يُقدّم البرنامج منافع اقتصادية متبادلة للطرفين، فمن خلال المساهمة في الإنتاج والبحث والتطوير، يُمكن لمصر خلق فرص عمل وإنعاش قطاع الطيران، وفي الوقت نفسه، تكتسب تركيا شريكًا تمويليًا مستقرًا وسوقًا تصديرية بفضل هذه الاتفاقية، غير أن الأهمية الأكبر في استبدال القاهرة طائراتها القديمة بعشرات طائرات KAAN المقاتلة.

وفقًا لمجلة "ذا ناشيونال إنترست"، يعتمد هذا التعاون دبلوماسيًا على تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا منذ عام 2021،  بعد خلافات دامت بين البلدين لسنوات، وسعيًا منهما لتجاوز هذه الخلافات، عيّن البلدان سفراء بشكل متبادل وتوقيع اتفاقيات تجارية، ما مهد الطريق لاتفاقية "قآن".

والانضمام إلى KAAN يشير إلى تحول القاهرة نحو شراكات محايدة تعزز استقلاليتها الاستراتيجية في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد، أما بالنسبة لتركيا، فإنه يوسع نفوذها العالمي، مما يجعل أنقرة مصدرًا رئيسيًا للأسلحة. 

وتغير شراكة "قآن" بين القاهرة وأنقرة المشهد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير، مما يؤدي إلى تشكيل تحالفات جديدة وتحدي هياكل السلطة القائمة.

ويمكن أن تعزز هذه العلاقة الجديدة المحور التركي المصري الناشئ وتكون بمثابة ثقل موازن لدول الخليج مثل السعودية والإمارات، التي تستثمر في الأسلحة الأمريكية والأوروبية.

وقد يُحدث تطوير القدرات الجوية المصرية تغييرًا في موازين القوى في الصراعات الإقليمية، وقد يمتد هذا التعاون المصري التركي الجديد ليشمل عمليات بحرية واستخباراتية مشتركة في شرق البحر الأبيض المتوسط، بفضل اتفاقيات الغاز الطبيعي التي تشمل اليونان وجنوب قبرص.

ولعل عودة مناورات “بحر الصداقة” بين البلدين بعد توقف دام 13 عامًا خير مثال على قوة التعاون، وربما تشكيل تحالف جديد أمام غطرسة تل أبيب وأحلامها في تحقيق إسرائيل الكبرى.

لماذا لا تريد إسرائيل ذلك؟

قد تكون إسرائيل، التي تتمتع حاليًا بتفوق جوي في الشرق الأوسط بفضل أسطولها من طائرات إف-35 آي، إحدى الدول التي تسعى إلى عرقلة الصفقة.

شراء مصر لطائرات KAAN قد يقلل من التفوق العسكري الإسرائيلي ويدفع الحكومة الإسرائيلية لإعادة تقييم وضعها الأمني وتسريع برامجها الدفاعية المحلية، ورغم استمرار سريان معاهدة السلام بين البلدين منذ 1979، فإن قدرات التخفي لهذه الطائرات تمنح مصر ميزة في عمليات سيناء أو التوترات مع غزة، وربما يُضعف ذلك النفوذ الأمريكي في المنطقة.

كما أن منافسة طائرات KAAN لطائرات F-35 التركية ستشجع دولًا أخرى مثل باكستان أو أذربيجان على الانضمام، مما يقلل من احتكار واشنطن للأسلحة.

فقًا لمجلة "ذا ناشيونال إنترست"، تُشجع الاتفاقية على خفض التصعيد من خلال الردع، كما أن موازنة القدرات تُقلل من الميل إلى العدوان.
 

search